منذ اندلاع الثورة السورية قبل اربعة أعوام لم يشهد العالم موجة نزوح إنساني بهذا الحجم والعدد منذ الحرب العالمية الثانية.

النزوح ظاهرة عالمية واسبابها عديدة وتشمل ولا تقتصر على الفقر والاضطهاد من قبل الدولة والحروب. وهناك نزوح داخلي ونزوح خارجي.

حيث أكد تقرير أعده مركز رصد النزوح الداخلي (وهو جزء من المجلس النرويجي للاجئين)، نشر عام 2014 أن 63 في المائة من الرقم القياسي البالغ 33.3 مليون نازح داخلياً المبلغ عنه في جميع أنحاء العالم، جاءوا من خمس دول متضررة من صراعات وحروب داخلية فقط، هي: سوريا وكولومبيا ونيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان. وتضمن التقرير الذي يغطي النزوح الداخلي الذي حدث في عام 2013 أرقاماً عن نيجيريا قال إنها تكشف للمرة الأولى، وتؤكد عن نزوح عدد مذهل يبلغ 3.3 مليون نيجيري جراء النزاع الداخلي والقبلي.

جمهورية إفريقيا الوسطى التي يقتل فيها المسلمون ويهجرون إضافة إلى سوريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية كشف التقرير، أنهم يعانون من أسوأ مستويات النزوح الجديدة وتشكل نسبة 66 في المائة من 8.2 مليون نازح جديد في السنة المشمولة بالتقرير. وسجل التقرير نزوح 9 ألاف و500 شخص يومياً (حوالي عائلة واحدة كل 60 ثانية) من ديارهم داخل البلاد، وأن سوريا لا تزال تعاني من أكبر أزمات النزوح في العالم وأسرعها تفاقماً.

ويستمر نزوح السوريين في اتجاه أوروبا، إذ بلغ عدد اللاجئين السوريين منذ بداية العام الحالي الى حوالي 200 الف لاجيء. وتتوقع مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ان يزداد عدد طالبي اللجوء في أوروبا إلى نسب أكبر، بعد تزايد أعداد النازحين من البلدان المجاورة لسوريا كتركيا والأردن ولبنان والعراق.

موجات اللاجئين ليس جديدة. حيث شهدت المنطقة العربية نزوح اللاجئين الفلسطينيين عام 1948 للبنان وسوريا والأردن الذي استوعب العدد الأكبر كما استقبل الأردن لاجئين من العراق وسوريا ولبنان على مدى عقود.

الآن اوروبا تبقى الوجهة المفضلة للاجئين ليس فقط السوريين بل الأفارقة والآسيويين ومن يطلق عليهم المهاجرين الاقتصاديين الهاربين من الفقر. يفضل اللاجئون اوروبا لاسباب عديدة مثل استتاب الأمن وحسن الاستقبال والمعاملة الانسانية والتسامح خاصة في المانيا والدول الاسكندنافية اضافة الى نظام الرعاية الاجتماعية السخي وفرص العمل والتأمين الصحي والتعليم وغيرها من الايجابيات الغير متوفرة&في بلدهم الأصلي. ولكن ما يميز المهاجرين السوريين عن غيرهم أنهم متعلمين ونشطاء في الأعمال الحرة وسيساهمون في بناء اقتصادات الدول المضيفة.

وحسب تقرير مختصر في العدد الحالي لمجلة التايمزالأميركية، تشير دراسات رأي ميدانية دولية ان هناك 700 مليون شخص يرغبون في مغادرة بلدانهم والذهاب الى اوروبا ولكن الباب الأوروبي سوف لا يبقى مفتوحا كل يوم.

لا توجد احصاءات عن عدد الذين يرغبون في الهجرة الى دول عربية واسلامية ولكن العدد لا يزيد عن الصفر.

اوروبا تبقى الحلم لغالبية المهاجرين ولكنها قد تتحول الى كابوس اذا تم تطبيق الموقف المجري في بقية الدول الأوروبية.

وحسب تقديرات الأمم المتحدة ان شخص واحد من أصل 122 يمكن تصنيفه كمرحّل او مقتلع من وطنه الأصلي. الهروب من العنف والاستبداد والحروب وصل أوجه في الأعوام الأخيرة. وشهد القرن العشرين نزوحات كبيرة منها على سبيل المثال بين عامي 1919 و 1939 نزح 5 ملاين روسي وأرمني وتركي وأشوري خاصة بعد اندلاع الثورة البلشفية عام 1917. كما أنه خلال الحرب العالمية الثانية أجبر النظام النازي أكثر من 11 مليون شخص نازح للذهاب قسرا الى ألمانيا للعمل كعمال مستعبدين وبقي عدد كبير منهم في معسكرات لجوء ظروفها سيئة وقذرة حتى بعد نهاية الحرب عام 1945. وعلى اثر ذلك قامت الأمم المتحدة عام 1950 بتأسيس نظام اللجؤ الذي يستمر حتى يومنا هذا.

وكنتيجة مباشرة لحرب فيتنام نزح أكثر من 3 ملايين شخص من فيتنام وكمبوديا ولاوس بعد الانتصارات العسكرية التي حققها الشيوعيون عام 1975. وحفزت الصور التلفزيونية لمآسي نازحي القوارب المجتمع الدولي لعقد اتفاقات في عام 1979 و1989 لاعادة توطين 2.5 مليون نسمة في الولايات المتحدة. ثم جاء النزوح البلقاني حيث هرب 9 من كل 10 كوسوفيين منطقة البلقان بين 1998 و 1999 وقد هرب عشرات الألوف الى مقدونيا والجبل الأسود (مونتي نيغرو). وبعد جدل كبير في الاتحاد الأوروبي وافقت ألمانيا على استيعاب حصة الأسد. وتعرضت بريطانيا لانتقادات في ذلك الوقت بسبب قبولها عددا محدودا من اللاجئين.

النزوح السوري لم يكن الأول وسوف لا يكون الأخير والحبل على الجرار. والسؤال هل ستبقى اوروبا على استعداد لاستيعاب المزيد من المهاجرين.؟

&

بريطانيا

&