منارات

الحلقة الأولى: عبد العزيز آل سعود سيرة عطرة في سجل الخالدين

الحلقة الثانية: الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود رائد التطوير

في هذه الصفحات نفحات من سير رجال كانوا منارات مضيئة، وسطعوا نجومًا في سماء بلادهم والعالم.


لقد اعتاد العرب منذ القدم على استبصار معالم النبوغ في الأبناء مبكرًا، وهذا ما كان يفعله الملك عبد العزيز مع أبنائه، فلقد ظهرت قدرات الملك فيصل لوالده المؤسس رحمه الله مبكرًا إذ رأى فيه رجاحة العقل وحنكة الملوك وفطنة العربي الأصيل.

وقد اعتمد عليه الملك عبد العزيز أيّما اعتماد وزرع فيه قوة الشخصية والجسارة في الحق والعزيمة عند الإقدام.

وُلد الملك فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في 14 صفر 1324 هـ / 14 أبريل 1906م، في مدينة الرياض، وتوفيت والدته بعد خمسة شهور من ولادته

وَصف طفولته المؤرخ والمستشرق الروسي ألكسي فاسيليف في كتابه "الملك فيصل: شخصيّته وعصره وإيمانه" بقوله:
توفيت والدة الملك فيصل بعد ولادته بخمسة أو ستة أشهر، وذكر البعض أنّ جدّته كانت قد ابتهلت إلى الله أن يهب الطفل اليتيم مستقبلاً كريماً، وترعرع الصبي في بيت جده لأمه...

اغترف من جده الإيمان العميق وحرِص على الصوم والصلاة وحسن السلوك وضبط النفس وعدم الانسياق وراء العواطف، والتحق بالكُتّاب وختم القرآن الكريم وأجلسوه على ظهر الحصان في احتفالية بهذه المناسبة، وبعدها كان يحضر مجالس العلماء في بيت جده ويصغي إلى المناقشات الفقهية.

وقد كتب منير العجلاني عنه أنه سأله عما يحب قراءته فأجاب: بعد القرآن والسنة كتب التاريخ والأدب، وكان والده عبد العزيز قد جعل له أخاً يرافقه وكان اسمه مرزوق والذي قد اندهش منه نزلاء فندق «ولدورف آستوريا» في نيويورك حين وجدوه يتناول الطعام معه على طاولة واحدة.

لقد شارك الملك فيصل مع والده المؤسس الملك عبد العزيز في حروب توحيد المملكة وكان يافعًا في السن، كما أرسله على رأس حملة لضم عسير كما القوات السعودية في حرب اليمن، لقد كان الملك فيصل ذا قدرات شخصية خارقة إذ أرسله الملك عبد العزيز وهو شاب يافع إلى بريطانيا وألتقى هناك بعلية القوم.

وكان يتباحث معهم ويتناقش حول أحوال الدولة السعودية الثالثة، كما عهد له بمهام أخرى عظيمة وعينه نائباً له على الحجاز، ونائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء ورئيسًا لمجلس الشورى و بعد وفاة والده وتسلم أخيه سعود الحكم عينه سعود ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للخارجية ..

وفي الثاني من نوفمبر من العام 1964 م تمّت مبايعة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود ملكًا على المملكة العربية السعودية.
وفي عهد الملك فيصل شهدت المملكة قفزات هائلة فقد أرسى مقاليد الحكم، وأولى الحرمين الشريفين اهتمامًا بالغًا وحمل على عاتقه همّ القضية الفلسطينية والقدس بالذات..

ولقد استثمر الملك فيصل رحمه الله العائدات النفطية في تطوير البلاد وتحسين مستوى العيش للمواطن فقد أسهم في التنمية الصحيّة والاقتصادية والتعليميّة والزراعيّة وتطوير المواصلات والنقل وإنشاء المدن العسكريّة

كما كان للملك فيصل بن عبد العزيز إسهامات في دعمه لتعليم المرأة في السعودية، منذ كان ولياً للعهد، حيث أُنشِئت أول مدرسة حكومية نظامية للبنات في السعودية في عام 1956 وسمّيت دار الحنان، والتي أنشأها فيصل برعاية زوجته الأميرة عفت، عندما كان ولياً للعهد.

حتى صدر الأمر الملكي في عهد الملك سعود بن عبد العزيز بافتتاح الرئاسة العامة لتعليم البنات عام 1960، وكان هذا العام هو البداية الفعلية لتعليم المرأة في السعودية.

كانت له وقفات في القضايا العربية والإسلامية في وجه الدول الغربيّة وكانت مواقفه الشخصية ضد القوميين العرب موقف الفارس إذ أعرض عن سفاهاتهم وحين قامت الحرب كان هو أول من بادر بنصرتهم قولًا وفعلًا.

استشهد الملك فيصل في 25 مارس من العام 1975 م رحمه الله رحمة واسعة وجعله في عليين.