تغيير شهادة الميلاد واسم شنودة ليوسف ضربة قاصمة للعدالة والرحمة في دين الله! وحاجة الحكومة المصرية لإعادة النظر في القوانين المتناقضة!

في مصر الحبيبة.. تتجلّى ظاهرة أطفال الشوارع في مأساة إنسانية مؤسفة.. لما يتعرّض له هؤلاء الأطفال من معاناة مؤسفة ما بين حياتهم المأساوية في مجتمع لا يرحم ويستمر في تعييرهم.. وبين قصور الحكومة في معالجة هذه القضية الإنسانية للمواجهة التي تلقاها من تعسف أغلب رجال الدين في موضوع التبني والتحريم القاطع للتبني في الإسلام وإن تم إستبداله بالكفالة المالية.

تابعت بحزن بالغ قضية الطفل المصري شنودة... وفرحت بالحكم القضائي بعودته إلى أبويه... سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين.. كل إهتمامي إنصب على عدم تعريض الطفل للألم والمعاناة النفسية سواء في طفولته.. أم في حياته لاحقًا..

ما أذهلني وبرعم سعادتي بفتوى الأزهر بعد ما يُقارب السنة والنصف من السكوت ومعاناة الأبوين في المحاكم لإسترجاع طفلهما.. فتواه التي تحمل السم في العسل.. فبرغم أن الفتوى تفيد بمسيحية الطفل على أساس وجوده في الكنيسة، إلا أنه أصرّ على إعادته لأسرته البديلة.. الرسالة الواضحة لموظفي الدولة.. مما أدى إلى:
الأول، تحايل موظفي الدولة. فحتى الآن تم استخراج ثلاث شهادات ميلاد مؤقته مختلفة للطفل شنودة وعمره خمس سنوات فقط..، لحين إصدار الشهادة ربما الرابعة او الخامسة. كلها تحمل أسماء إسلامية لحين البث في وضعه وديانته!

الثاني، تكليف السيدة آمال وزوجها بالإعتناء بالطفل مؤقتا، لحين إستكمال إجراءات كفالة الطفل، وفقًا لنظام الأسرة البديلة والتي قد تأخذ مرةً أخرى سنوات.. بمعنى زيادة معاناة الطفل في موضوع دينه.. ومن هم أبواه.. وتعريضه للمعايرة في المدرسة والشارع والمجتمع من حوله!

كل ما جاء في هذه اللغة المزدوجة والمليئة بالتحايل، ذكرني تمامًا بما جاء مع المرأة المسيحية من خيارات للحصول على الطلاق في مسلسل فاتن أمل حربي. بحيث كشفت عن نية وتحايل ضمني لأسلمتها..!

سيدي القارىء ما سبق يؤكد وجود ثغرات قانونية قد تكون غير متعمدة، ولكنها تُثير الكثير من الأسئلة. فحتى نهاية القرن الماضي، أتاحت لائحة الأقباط 38 التبني. ولكن عطلها الراحل الأنبا شنودة عام 1970 لمخالفتها لبعض الشرائع المسيحية.

وجاءت المادة الثانية في الدستور المصري عام 1971 لتؤكد إعتبار الشريعه الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع بحيث ساهمت في وأد اللائحة.
وإن أكدت المادة الثالثة من الدستور على حق إحتكام غير المسلمين لشرائعهم فيما يخص مسائل الأحكام الشرعية". ولم يهتم أي من الطرفين بمعالجة القضية آنذاك، إلى أن جاءت قضية الطفل شنودة التي فتحت الباب على مصراعيه لإعادة النظر في كل القوانين المبهمة، وعلى رأسها موضوع التبني، وإختلافه بين الديانتين.

ففي الديانة الإسلامية، يبقى التبني مُحرّماً، برغم علم المُشرع بالمستقبل المظلم الذي ينتظر ناقصي الأهلية. والقاعدة الشرعية تؤكد عدم أهليتهم للشهادة في المحاكم، وعدم صلاحيتهم لدراسات عُليا تؤهلهم لتغيير وضعهم الإجتماعي أو لمناصب تساعدهم في رفع وضعهم الإجتماعي لأنهم بلا نسب. بينما أقرّ المشرع نظام الكفالة مع علمه التام بأن هذا النظام لا يُعطي الإنسان المتبني الكرامة الإنسانية لأنه يبقى مجهول النسب لما لأهمية النسب في الإسلام.

بينما تسمح المسيحية بالتبني وإعطائهم إسم الأب وميراثه.. وإستبقت إمكانية أي إختلاط للأنساب حين وضعت شروطا للتبني.. أهمها حظر الزواج بين المتبنى وفروع المتبني.

مثل هذه المأساة موجودة في كل الدول الإسلامية.. وإن كان بتفاوت قسوة المُشرّع في تحايل القوانين ..

سيدي القارىء
كوننا مسلمين في مجتمعات محافظة.. لا يعني تكذيب الحقائق.. ومنها:

مجتمعاتنا ترفض الإعتراف بوجود الغريزة الجنسية.. تحللها للرجل على انها شهوة ومغامرة وشطارة.. وتُحرمها على المرأة حين تُحمّلها ثمن الخطيئة وتحلل ثمنها بالقتل! ويبقى الرجل الطاهر العفيف يرفض الإعتراف... الأمر الذي أبقى سكوت الأم الحقيقية سواء كانت مسلمة أم مسيحية... خوفا من العار.. وخوفا من الثمن.

لماذا توجد قوانين مختلفه بين مواطنين يتقاسمون لقمة العيش من خلال عمل كل منهم؟؟

المادة الثالثة من الدستور المصري تؤكد حق "إحتكام كل منهم لشريعته". ألا يخلق هذا الكثير من المشاكل ويزيد من تفسُخ المجتمعات؟!

القوانين الواحدة هي الحماية الوحيدة للمجتمع الواحد.. هي أول خطوة في طريق تقبّل الآخر وحقه في الإختلاف.. هي البذرة الأولى لديمقراطية حقيقية تكفل إحترام الكرامة الإنسانية لجميع المواطنين.. بما فيهم مجهولي النسب!