ملاحظات سريعة حول "العقد الاجتماعي" للإدارة الذاتية الصادر بتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 2023، والمتكون من 134 مادة.

1- بعد التهنئة بتشكيل الحكومة، وإعلان شرق الفرات إقليماً شبه كونفدرالي، وهو ما يمكن قراءته بين سطور العقد الاجتماعي، نبين عن تحفظنا على بعض مواده، وعلى اسم الإقليم، ورفضنا لعملية إلغاء الهوية الكوردستانية للمنطقة، تحت منهجية الأمة الديمقراطية والتي هي خطوة عصرية كنظرية، لكن في الواقع العملي يجب ألا تكون على حساب كوردستان الباحثة عن وجودها السياسي المغيب قسراً؛ كالدول القومية المحيطة بها والمحتلة لها، علما أنَّ المادة (16) من العقد تركز على حقوق الشعب الكوردي، لكنها مادة وردت بصيغة قابلة للتلاعب فيها، حسب قوة المركز، ومع عدم تحديد الجغرافية والتسمية لغرب كوردستان.

بعد قراءته ومراجعة العديد من مواده، وجدنا فيه بعداً حضارياً بالشكل العام، يحمل سمات عصرية متقدمة في العديد من مواده، بالإمكان مقارنتها مع دساتير الدول المتطورة، بغض النظر عن أنَّ بعضها ترفق بجملة (وينظم ذلك بقانون) تناقض أو تحدد صلاحيات ما سبقته. رغم منطقية الإضافة، تستطيع بعض الإدارات أو رؤساؤها تجاوز الصلاحيات المسموح لهم بها تحت هذه الصيغة.

2- التركيز في مواده على النظام "الكونفدرالي الديمقراطي" للمقاطعات السبع والمجالس، خطوة جريئة تستحق التوقف عندها، ويدفعنا لعرض السؤال المهم:

هل ستطالب الإدارة بالنظام الكونفدرالي ضمن الدولة السورية؟ وهل ستطالب بكتابته ضمن دستور "جمهورية سوريا الديمقراطية" كما تسميه، أي النهج الكونفدرالي الديمقراطي بين المناطق؟ أم ستظل بدون توضيح كما ورد في المادة (5) وتقول "الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا جزء من جمهورية سوريا الديمقراطية". فهل هي جمهورية كونفدرالية؟ رغم أنَّ المادتين (8 و9) تنوهان إلى واقع شبيه لكن دون توضيح. وكما نعلم أن دستور سوريا، رغم التعديلات العديدة، لم يأت على ذكر اسم الكورد مطلقاً.

3- كما أنَّ إعطاء المقاطعات السبع تحت المادة (87) البند السابع، الحق في تطوير وتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الشعوب والبلدان، خطوة متطورة في السياسة الخارجية، وترفع من سقف دور الهيئات التنفيذيَّة وتمثيلها. وأظن أنَّ الجمهوريات السوفييتية كانت تتمتع بمثل هذا التمثيل داخلياً وخارجياً، وإلى حد ما للولايات الأميركية بعض مثل هذه الصلاحيات، لكنهما فيدرالية وليست كونفدرالية، والثانية تفتح أمامها مجالات أوسع.

4- هل ما ورد ذكره في المادة (129) القيمة، والتي تستحق التقدير والتي تقول: "تلتزم الإدارة الذاتية الديمقراطية بعد تحرير المناطق المحتلة بإزالة كافة آثار التغيير الديمغرافي وإعادتها إلى ما كانت عليه" سيطبق على ما تم من عمليات التغيير الديمغرافي في مناطق الجزيرة، وحيث إقامة مستوطنات الغمريين، والمنطقة الآن محررة وللإدارة الذاتية القدرة على التعديل وإعادة تغيير ما تم، وعلى الأقل إعادة الأراضي المستولى عليها في عهد البعث إلى أصحابها الأصليين؟

لا شك في أنَّ العقد الاجتماعي انعكاس لأيديولوجية الحزب الحاكم على الإدارة الذاتية، والتي تتعارض مع منهجية الأحزاب القومية الكوردية، ومطالب الشعب الكوردي، والذي أصبح شبه أقلية في مناطقه، ولذلك لم يكن للحراك الكوردي القومي أي حضور أو دور في كتابته. كما أنَّ العقد سينفذ مطالب الشعب الثقافية وغيرها حسب الكثافة السكانية، كما هم في الواقع الحالي، دون الأخذ بعين الاعتبار التغيير الديمغرافي طوال قرن من الزمن.

أتمنى للإدارة الذاتية والقائمين عليها، وعلى كتابة وتنفيذ العقد الاجتماعي التوفيق والنجاح، مع الأمل بإعادة النظر في بعض المواد، وخاصة المتعلقة بتحديد جغرافية المقاطعات والتغيير الديمغرافي.