الحديث عن الإبداع الأدبي النسوي متشعب، وهو ما بين الفرحة والغصة! الأديبة كالزهرة، تحتاج إلى الماء النقي كي تحافظ على جمالها ونقائها، وسط بيئة أدبية تتدافع فيها الذئاب لقطف تلك الزهرة، وتغيير مسارها بنحو ما يريدون هم، لتتحول لزهرة عوجاء لا تعطي عطراً، جمالها ظاهري فقط! وقربها يتجمع الذباب، بفعل رضوخها لتلك الذئاب طمعاً ببعض قشور الحياة. الأكيد طبعاً أن الكلام هنا فقط عن البعض، وليس الكل.

ودعونا نتساءل: هل وجدت المرأة الأديبة مكاناً لها في البيئة الأدبية، بحيث يكون مستقلاً كما تريده هي؟ أم كل ما وجدته كان عبارة عن مجرد مساحة جنسية لا تتعدى خصوصيتها الأنثوية؟ إنها تساؤلات مهمة تنطلق من شعورنا بالحيف الذي يلاحق الأديبات، خصوصاً الصغيرات، وما أكثر من سقطن في مستنقع الذئاب ليجعل منهن مسخاً شيطانيّاً.

الكثيرون طبعاً كان يسعون لإدراج كلمة الأدب النسوي لغرض تمييزه عن أدب الرجال، واعتبره إجحافاً وأمراً معيباً أن تتقبله الأديبات، حيث يصنفها من جانب التكوين الجنسي، وليس من ناحية الأدب والانتماء للمدارس الأدبية. نعم يمكن أن نقبله عندما يكون متخصصاً في الدفاع عن النسوة.

طباعة مجموعة قصصية مقابل الجنس
يعتبر طباعة كتاب مشكلة جسيمة يصعب التصدي لتنفيذها، لأنها تحتاج مبلغاً مالياً كبيراً مع خبرات في التسويق والتوزيع، وهذا الأمر لا تملكه أغلب الأديبات، وهنا يأتي دور الشخص الذي يملك دار طباعة، ومع الأسف بعضهم ما ان تطرق بابه أديبة حتى ينظر إليها كصيد ثمين، خصوصاً إذا صارحته أنها لا تملك المال للطباعة، وتحتاج للدعم، هنا سيظهر لها كمية كبيرة من العروض مقابل طلب واحد وهو الجنس.

إقرأ أيضاً: أهمية إدانة أحد مرتكبي مجزرة عام 1988 في إيران

وقد يكون مراوغاً ماكراً، فتجد نفسها تطيعه وتنفذ طلبه، ما دام الهدف الأكبر سامياً، ويتعلق بالأدب وإيصال الأفكار الإنسانية، فتفعل كما فعلت "الأديبة فلانة الفلانية"، فقدمت نفسها مقابل طباعة مجموعة قصصية صغيرة لعجوز متصابي، يملك داراً مهمة للطباعة، وهو يخبر أصدقاءه العواجيز مفتخراً، كيف أوقع بها، وكيف أصبحت في جيبه، وكلما طلبها لا تستطيع أن ترفض، ويريهم الأدلة على بطولاته معها... وهكذا سقط البعض، وتحولن إلى مجرد سلعة يتناقلها الرجال أصحاب المال، إلى أن يذبلن وينتهي دورهن، ويختفين من عالم الإبداع الأدبي.

دعم كبير مقابل أدب إيروتيكي
الأدب الإيروتيكي أو الأدب الجنسي، هو أدب يشمل جميع ما يُكتب من موضوعات تتعلق بالحب والجنس؛ وهنالك جهات تحاول مسخ الأدب العربي وجعله غارقاً بالصور الجنسية، في القصة والرواية والشعر، فيكون نوعاً من المساومة مع الكاتبة؛ أن يشتمل إبداعها (قصة أو رواية أو شعراً) على صور جنسية، وإيحاءات جسدية، وإضاءات في أمور الجنس وتفاصيل ذلك العالم، ومع الأسف تلبي بعضهن هذه المطالب من تلك الجهات، مقابل أن يتم طباعة كتبهن، ويحققن بعض الشهرة والمال.

إقرأ أيضاً: إسرائيل وأميركا أفضل من إيران وحماس

أتذكر قبل سنوات فتاة كانت تدعي أنها شاعرة، لكن كل ما تكتبه كان غير ناضج ولا ينتمي إلى الشعر، ولم تنشر لها الصحف الرصينة أي قصيدة، إلى أن وجدت راعياً يرعاها، مقابل أن تصبح كتاباتها جنسية، لتصبح فيما بعد اسماً مهماً لا تستغني عنه المهرجانات والاحتفالات، وهي تشجع الفتيات اللواتي يكتبن عن الجنس باعتباره مدرسة أدبية مهمة ونوعاً من التحرر الفكري، وإبرازاً لقوة شخصية الكاتب، وكل هذه الترهات التي تنطلي على السذج والباحثين عن الدولار مقابل أي شي.

دعم مقابل الترويج للمثلية
بعض المؤسسات الخبيثة الممولة من جهات غير معروفة، تبحث عن الكاتبات المغمورات ليصنعن منهن أداة للترويج للمثلية، فتصعد السلم ويكون الخطوة التالية أن تكتب شيئاً بسيطاً بين سطور إنتاجها الإبداعي يتضمن بعض الدعم للمثلية، مقابل فتح باب المجد لها، ثم تكبر المساحات المطلوبة مقابل مجد وشهر ومال أكثر، ومع الاستمرار بالصعود والتنازلات، يتحول موضوع المثلية تناولاً مثل الإدمان لها، ويبدأ بإشارات رمزية ثم بسطور بسيطة، إلى أن تصبح الكاتبة مدافعة عن حقوق المثلية! وتسخر كتاباتها لتناول هذه المواضيع، والمؤسسات الأدبية الكبيرة الخارجية تكيل المديح والجوائز والعطايا لهكذا نوعية من الأديبات.

وقد تكاثر بعد عام 2019 هذا الاتجاه من الكتابة محلياً، باعتباره نوعاً من الرقي الفكري، ودعوة إنسانية حرة. مع أنه، في حقيقته، مساهمة في تدمير الأجيال القادمة، وسيفاً مسموماً لمحاربة الفطرة الإنسانية، ودعماً لتدمير نسيج العائلة والمجتمع.

جوائز مشبوهة
كل فترة نسمع عن جوائز ومرشحات وتكريم واحتفالات، وهي تضم أسماء عليها الكثير من علامات الاستفهام (جنس، مثلية، فضائح، ودعارة)، حيث تصبح قصيدة جنسية هي السبب في التكريم، أو ليلة حمراء لأديبة جميلة مع رجل أعمال عبر أديب عجوز سبباً في نيل شهادة تكريم لمنجزها الإبداعي، وكل ما فعلته من إبداع كان في الفراش، وهكذا نستشعر أن بعض الاحتفالات والمهرجانات إنما هي عبارة عن شبكات للدعارة تحتفي ببطلات غرفها الحمراء.

هذا الأمر ليس سراً، بل هو علني ومكشوف وواضح لكل ذي لب، خصوصاً مع غياب المساءلة، بل إن الشهرة تزداد مع ازدياد الانحراف، والمال والهدايا تكثر مع الاندماج الكامل بمستنقع الرذيلة.

إقرأ أيضاً: ماذا ينتظر خامنئي؟

أخيراً، يجب يجب على النخبة الواعية محاربة هذه البيئة عبر التشهير بها وكشف واقعها الضحل، وأن يخصص كل كاتب نزيه مقالاً شهرياً ضد الأديبات اللواتي ينشرن الرذيلة عبر الأدب، وأن يشن النقاد هجوماً شرساً على الإنتاج الداعر الذي يطبع محلياً، وأن تقوم النقابات المهنية بغلق دور الطباعة التي تدعم النتاج الداعر الذي يشكل خطراً على الأجيال والعائلة والفطرة الإنسانية.

كذلك، على وزارة الثقافة أن تقوم بورش ومؤتمرات توعية لفضح خطيئة هذه الاتجاهات، وأن تعلن رسمياً قائمة سوداء بدور الطباعة والجهات الثقافية المشبوهة، وأن تنفذ حملة لتوعية العائلة من خطر سقوط بناتها في مستنقع الرذيلة تحت عنوان الإبداع الأدبي.