صحيح أنَّ إسرائيل، وبالدعم الغربي والأميركي اللامحدود، وبالتواطؤ العربي الذي وصل إلى حد مشاركة بعض الدول العربية في حربها ضد غزة ولبنان واليمن وتهديد العراق وإيران، قد حققت بعض الإنجازات العسكرية عن بعد، مثل اغتيال إسماعيل هنية، ويحيى السنوار من قادة المقاومة الفلسطينية، والسيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، كما تدّعي أنها حققت انتصارات عسكرية عن قرب، بما في ذلك إسقاط نظام الأسد في سوريا.
وقد وردت الإشارة إلى ذلك على ألسنة سياسييها المسؤولين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وممثل إسرائيل لدى الأمم المتحدة، الذي هدد الحوثيين بأنهم سيلقون المصير ذاته على يد إسرائيل. وعلى المستوى الدولي الحكومي، قامت إسرائيل بتدمير البنية التحتية للمجتمع المدني اليمني، كتدمير محطات الكهرباء، والمطارات، والموانئ، ومصافي النفط، وغيرها، مما أدى إلى شل وتعطيل جميع آفاق الحياة في اليمن.
هذا المصير ذاته لاقاه لبنان، والمقاومة الفلسطينية، وحزب الله، وإيران، والمقاومة في العراق. ونكتفي بهذا القدر فيما صنعته إسرائيل، وعلى حد زعمها، من انتصارات على ما اصطلح على تسميته بمحور المقاومة والممانعة تحت قيادة إيران.
ولكن، غير صحيح ما تدّعيه إسرائيل بأن صواريخ وطائرات الحوثيين ليس لها أثر تهديدي قوي على الأمن الأهلي وعلى البنية التحتية للمصالح العامة داخل إسرائيل. ومع ذلك، نصطف إلى جانبها ونؤيدها بأن الحوثيين يشلون الحياة داخل إسرائيل شللاً نسبياً لا يكاد يُذكر إلا بشكل عابر وسطحي من خلال وسائل الإعلام الرسمية الإسرائيلية، وكذلك على لسان المسؤولين.
إقرأ أيضاً: إلى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر
ومع إهمالنا للانفلات العصبي الذي رافقه غضب شديد من قبل ممثل إسرائيل لدى الأمم المتحدة في تهديده للحوثيين، فإنَّ هذا يدل على الألم العضوي والقلق الفكري الذي سببته له ولباقي المسؤولين الصهاينة ضربات الحوثيين الصاروخية الفرط صوتية والطائرات المسيّرة.
كما يبرز الوجع النفسي والانهيار العصبي الذي أتلف أعصابهم. فلولا ذلك، لما لجأوا إلى أسلوب الصراخ والتهديد والوعيد حتى في المحافل الدولية التي تستدعي أجواؤها العامة ضبط النفس والسيطرة على الأعصاب.
إقرأ أيضاً: لذلك أقترح...
مهما يكن، فإنَّ الصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيّرة الحوثية، عندما يتم إطلاقها من اليمن على الداخل الإسرائيلي، تكفي في إطلاق صافرات الإنذار لتحذير المدنيين الإسرائيليين منها. وإن بعض العرب قد تمكنوا من بث الرعب في الداخل الإسرائيلي على المستوى الحكومي والشعبي القاطن في الداخل.
لذلك، يضطر المسؤول كما المدني إلى الهروب نحو الملاجئ بالملايين خوفاً ورعباً من هذه المقذوفات، مع شلل تام لحركة الحياة في الداخل الإسرائيلي. وعلاوة على ذلك، تضطر الحكومة الإسرائيلية إلى أن تدير البلد من داخل الملاجئ المحصنة. وبالتالي، فحالها ليس بأفضل من حال شعبها في تعب الأعصاب والقلق النفسي وعدم الأمان والاطمئنان للوضع الراهن والمستقبلي الذي تفرضه عليها مقذوفات الحوثيين، والإنصياع له مرغمة وغير مخيرة.
التعليقات