أبانت "السلطة الفلسطينية" عن نواياها الحقيقيّة تجاه المُقاومة الفلسطينيّة، فهي تُساعد الكيان الإسرائيلي في القضاء على خلايا المُقاوَمة في الضفة الغربيّة؛ وذلك وفق ما يُسمّى "التنسيق الأمني" مع الكيان، فبدل أن تنخرط هذه "السلطة" في عمل المُقاوَمة باتت ترصُد تحرُّكاتها واعتقال رجالِها البواسل وكأنّها عبارة عن آلة استخباراتيّة تابعة للموساد.

وما نراه اليوم في جنين من تناحُر بين الأشقاء يُدمي القلب ويَندى له الجبين. والله، هذا التصرُّف المُشين من قبل هذه "السلطة" وهذه الممارسات اللّامسؤولة التي تخدُم الكيان الصهيوني لدليل قاطع على تخلّيها عن القضية وبيعها بثمن بخس.

لقد جرّبت "منظمة التحرير" ما تُسمّيه "المُقاومة السلميّة" مع الكيان وفشلت فيها فشلاً ذريعاً. المفاوضات مع إسرائيل طيلة مدة طويلة من الزمن لم تُفضِ إلى نتيجة تُذكر. كلّ ما تمخّض عنها هو "اتفاقية أوسلو" التي لم تُعطِ الفلسطينيّين أيّ شيء، لم تمنحهم إلّا أقلّ من 22 بالمئة من أرض فلسطين التاريخية، وقبلت بها "منظمة التحرير"، ولكنّ إسرائيل تنصّلت منها وأخذت تقضِم من أراضي 67 لبناء المزيد من المستوطنات والطرق الالتفافيّة. ذلك أنّ الكيان لا يريد الاعتراف بالدولة الفلسطينيّة رغم كل التنازلات التي قدّمت لها "اللجنة المُفاوِضة" التي رضيت بالفُتات من أرض فلسطين لإنشاء دويْلة مُتقطِّعة الأوصال. إسرائيل لا تُؤمِن بالحلّ السلمي للقضية الفلسطينيّة، ولذلك عمدت إلى الحرب الشعواء على فلسطينيي قطاع غزة، تُبيد الأبرياء العزّل وتُهجِّر ما تبقّى منهم حيّاً إلى مناطق أخرى. الهدف الذي تسعى إليه هو إبادة جماعيّة للفلسطينيين وتقليل أعدادِهم وتدمير غزة بالكامل حتى لا تصلح لحياة المواطنين، وبذلك تكون قد طَمَست القضية الفلسطينيّة وتهويد كلّ فلسطين من خلال الاستيلاء على الضفة الغربيّة وقطاع غزة.

إقرأ أيضاً: لماذا إهمال المتقاعدين؟

إسرائيل لا تعرف إلّا القوة، فبالقوة احتلّت الأرض وبالقوة ستخرُجُ منها. بدون المقاومة المُسلّحة من جميع الأطراف الفلسطينية وبدون اتحاد جميع الفصائل وإنهاء الانقسام والاتفاق على خطّة المُقاوَمة المُسلّحة لا يمكن لفلسطين المُحتلّة أن تتحرّر. فالذين يؤمنون بما يُسمّى "المُقاومة السلميّة" هم انتهازيون غلبت عليهم مصالحهم الشخصية وباعوا ذِمَمَهم مُقابِل أن يعيشوا في رفاهية وتَرَف وبذْخ، لا تهمّهم مصلحة شعبٍ مُناضل ومُقاوم ضحى بالغالي والنفيس من أجل أنْ يعيش الحرية في دولته المُستقلّة.

استُشهد في أرض غزة الطاهِرة الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ وجُرح الآلاف وشُرّدَ الآلاف المؤلَّفة من بيوتهم. ومع كلّ ذلك ظلّ شعب غزة صامِداً مُتشبِّثاً بأرضه ووَطنِه وسعى جاهداً إلى تأكيد وُجوده وترسيخه على أرض آبائه وأجداده مُجدِّداً العهد على مقاومة المُحتلَّ الغاشم حتى ينسحب من جميع ربوع فلسطين.

إقرأ أيضاً: ذَريعةُ إسرائيل لِتحقيقِ طُموحاتِها

إنّ الذين يُحاربون حركة المقاومة في الضفة الغربيّة إنما يُحاربون أحرار الوطن وأعزّته الذين لا يرضَوْن بالذُّلّ والهَوان والخِزي والعار. رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. رجال سيُوفون بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم، فهم على درب النضال الذي ورِثوه من أجدادهم ولن يتخلّوْا عن شبْر واحد من أرضهم مهما طال الزمان ورغم خذلان بعض المُسوِّقين والمُروِّجين للأكاذيب المفضوحة، الذين يَدّعون أنهم يسعوْن إلى تحرير الأرض وإقامة دولة فلسطينيّة مستقلّة وعاصمتها القدس الشريف. هؤلاء المُضلِّلون للشعب الفلسطيني لا نية صادقة لهم في الكفاح من أجل القضية. طغت عليهم الأنانية وحبّ الذات والانتهازية فباعوا ضمائرهم.