لوحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بإمكانية الوقف المحتمل للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة، إذا لم تخضع حماس لشروط الإدارة الأميركية، كما لوح ترامب بالجحيم الذي ينتظر القطاع في الفترة القليلة المقبلة.

عودة ترامب إلى البيت الأبيض باعتباره الضامن الكبير والقوي للمصالح الحيوية لدولة إسرائيل لها تأثير بالغ في مسار المفاوضات الأخيرة، بعد أن أحدث من خلال سلسلة اتصالاته التوازن المطلوب لدى الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تشكل جزءًا من الائتلاف الحاكم في إسرائيل، وتعارض وقف إطلاق النار، والتي تأمل بالتالي في الحصول على دعم واشنطن لضم الضفة الغربية.

ربما يؤدي الوقف المحتمل للمساعدات الإنسانية الأميركية لغزة إلى تفاقم معاناتهم، خاصة في ظل معاناتهم من مجاعة ونقص المواد الغذائية والمستلزمات التي تعينهم على البقاء على قيد الحياة، وكذلك تناولهم مياهًا ملوثة وغير صالحة للشرب. كل هذا بخلاف انتشار الأمراض والأوبئة بين الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى ومصابي الحرب. فربما تريد إرادة ترامب هي الأخرى تضييق الخناق على أهل غزة، وأن يكون لها دور فاعل في مسلسل الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق هذا الشعب المسكين.

إقرأ أيضاً: فلسطينيو أوروبا بين بناء المجتمع ومناصرة القضية

وعندما ننظر إلى حجم المساعدات التي دخلت قطاع غزة في الفترة الأخيرة، نجد أنها قليلة جدًا ولا تكفي احتياج المئات، ورغم ذلك فهي معرضة لخطر التوقف خاصة بعد تلويح إدارة ترامب بذلك. وبهذا تتفاقم وتتوسع المأساة خطرًا أكثر من أي وقت مضى، لذلك فإنَّ الموت الجماعي المحقق يتربص وينتظر أهالي غزة.

ورغم انتشار خطر المجاعة عقب الحرب التي تلت أحداث السابع من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، ورغم عدم كفاية المساعدات الأميركية والتضييق الإسرائيلي على دخول شحنات المساعدات الأخرى، والتي أغلبها لا يستطيع الوصول إلى داخل غزة، إلا أنَّ الأمم المتحدة حذرت من مجاعة قاتلة تلوح في الأفق في غزة قريبًا، تستهدف حوالي مليوني نسمة، خاصة بعد حديث ترامب هذا.

فبدلًا من ضغط إدارة ترامب على إسرائيل للسماح بدخول المساعدات وعدم التضييق عليها، قامت بالتكشير عن أنيابها لأهل غزة وهددت بوقف المساعدات. فأيّ منطق هذا؟!

إقرأ أيضاً: خطورة ما يحصل في جنين

وإذا تحدثنا عن الحال الآن داخل القطاع وتحديدًا في مناطق الإيواء في رفح، التي يسكن فيها النازحون من غزة، فإن معظم الناس لا يجدون الأكل والمياه النظيفة، وكانوا يعتمدون على وكالة "الأونروا" لتوفير الطحين أو الخبز أو مستلزمات بسيطة تعينهم على البقاء على قيد الحياة. غير أن إسرائيل أغلقت مقرات المنظمة وفرضت تضييقًا كبيرًا عليها، وبات من الصعب توصيل المساعدات إلى سكان غزة، لأن عمليات إسرائيل الموسعة في الجنوب والشمال أجبرت ما يقرب من مليون شخص على الفرار إلى مناطق لا يتوافر فيها الغذاء أو الماء.

وبالتأكيد، فإنَّ الأوضاع الإنسانية داخل قطاع غزة تتحول من سيئ إلى أسوأ، وتحديدًا في مدينة رفح الفلسطينية، التي تشهد عمليات عسكرية تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتحديدًا في المنطقة الواقعة بين معبري كرم أبو سالم ورفح من الجانب الفلسطيني. هذا بجانب توقف دخول المساعدات في ظل غلق المعابر من الجانب الفلسطيني، وإحكام السيطرة عليها من جانب الاحتلال الذي تنتشر قواته في هذه المنطقة، حتى أن المستشفيات التي تقدم الخدمة الطبية المتواضعة للفلسطينيين، يتم قصفها من قبل قوات الاحتلال وتدميرها أو على الأقل اقتحامها وإفزاع المرضى، من أجل القضاء على أي فرصة لإسعاف أو تطبيب أو علاج الفلسطينيين ضحايا الحرب الإسرائيلية.

أيضًا، عدم إتاحة أوجه سبل المعيشة المختلفة في رفح الفلسطينية، سواء المياه أو المستلزمات الطبية والمواد الغذائية، تؤكد أن الأوضاع الحالية كارثية وتزداد سوءًا، وهو ما ينذر بتفاقم المجاعة والخطر الحقيقي على بقاء أهل غزة على قيد الحياة.

إقرأ أيضاً: صفقة تبادل الأسرى ومصالح الغزيين

ربما يتعين على إدارة ترامب إبرام اتفاق بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، بدلًا من تهديد الشعب بالمجاعة أو وقف المساعدات أو حتى بالجحيم. فما ذنب الشعب بما ارتكبته حماس لتنال مكاسب سياسية على حسابه، وكانت النتيجة هي قتل الشعب وتشريده وتدمير غزة بالكامل؟

وعلى ترامب أن يعيد التفكير في تصريحاته التي قال فيها "الجحيم كله" سينفجر في وجه شعب غزة، فقد ينقلب الجحيم في وقت ما على إسرائيل وأعوانها!