بغض النظر عن الرتبة أو الجنسية أو القومية أو الانتماء أو المركز القانوني الذي يُطلق على الشخص الذي يقع أسيراً أو يُؤخذ رهينة أو يُعتبر مفقوداً بعد انقطاع الأخبار عنه، فإنه يبقى إنساناً يجب أن تُبذل كل الجهود والإمكانيات في سبيل الحفاظ على حياته ورعايته وتقديم الحد الأدنى من المعاملة اللائقة به كإنسان.

وهو أمانة أو وديعة عند الجهة أو السلطة التي تفرض سطوتها عليه، وبالتالي فهي مسؤولة أمام الله أولاً قبل القوانين بمختلف درجاتها ومسمياتها، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية الجماعية والثنائية وإعلانات حقوق الإنسان بشكل عام، أو الحقوق الخاصة بالصفة أو العمر أو الجنس، كما هي الحال في اتفاقيات حماية حقوق الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم.

اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، والذي تم فيه الإفراج عن رهائن كانوا محتجزين في غزة، بينهم إسرائيليون وخمسة مواطنين تايلانديين إلى الصليب الأحمر الذي سلَّمهم إلى القوات الإسرائيلية، وجرى الإفراج عن 110 فلسطينيين من السجون الإسرائيلية، بينهم 32 شخصاً محكوماً عليهم بالسجن المؤبد و30 قاصراً؛

هذا الاتفاق والالتزامات المترتبة على طرفي الصراع أو النزاع بيّنت وكشفت للعالم أجمع من خلال الصور والأفلام، التعامل الإنساني الراقي والحالة الصحية واللياقة البدنية العالية التي ظهر بها الرهائن الذين كانوا محتجزين لدى حماس رغم الظروف والحرب الشاملة التي شنها الكيان الإسرائيلي، الذي حوَّل المدن وكل شيء إلى دمار وخراب.

بالمقابل، كانت صور الأسرى الفلسطينيين مروعة بسبب المعاملة البشعة التي عانوا منها، وما يزال الآلاف منهم في السجون والمعتقلات الإسرائيلية التي مارست عليهم شتى أنواع العذاب والقهر والسجن الانفرادي والاعتداء الجسدي والاغتصاب ومنع كل ضروريات الحياة والمعيشة عنهم، مما أصاب الكثير منهم بأمراض وأوبئة مثل الجرب وغيرها، مما يفضح هذا الكيان الغاصب الذي يدّعي أو يروّج له البعض بأنه بلد ديمقراطي محكوم بالقانون، الغائب والمُغيَّب فيما يتعلق بحقوق الفلسطيني، صاحب الأرض والحق في فلسطين.

إقرأ أيضاً: انتخاب المشهداني: عدنا والعود محمود

معاناة وقضية الأسرى والرهائن والمفقودين يجب ألا تقتصر على فلسطين، مع أهميتها فيما يتعلق بالأحداث الواقعة هناك، بل يجب أن تكون محفزاً ودافعاً لغرض إثارة هذا الموضوع الإنساني المهم في كل الدول العربية ودول الجوار التي شهدت أو تشهد صراعات ونزاعات يذهب ضحيتها الإنسان.

ولا بدَّ من الإشارة إلى الأخبار المتداولة في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن وجود أعداد (مئات أو آلاف أو أيًّا كان العدد الصحيح) من الأسرى العراقيين في إيران، والذين تم قبل أيام، وبحسب مصادر رسمية، تسليم رفات بعضهم من الجانبين العراقي والإيراني.

إقرأ أيضاً: أربعة ملايين لاجئ عراقي

مرور 37 سنة على انتهاء الحرب، وهذا الوقت الطويل وتداول الأخبار عن وجود أسرى لدى الطرف الآخر، يفرض مسؤولية أخلاقية وإنسانية على الجهات الرسمية في كلا البلدين (وخاصة العراق)، وقبلهم منظمة الصليب الأحمر الدولية، من وجوب إثارة وتوضيح هذا الموضوع بشكل رسمي وبموجب وثائق ومستندات تكشف المستور وتفضح المخفي في هذا الملف لآلاف العراقيين، سواء كانوا أسرى أو رهائن أو مفقودين أو موقوفين أو مسجونين في العراق أو في أي مكان.