صوفيا : مازال صدى اعلان استقلال اقليم كوسوفو واعتراف الولايات المتحدة وعدد كبير من دول الاتحاد الاوروبي به يتواصل ويتصاعد من المنطقة البلقانية وصولا الى المناطق التى تمر بازمات مجمدة مشابهة.ويرى العديد من المراقبين السياسيين ان تلك الاصداء سوف تلقي بظلالها على تطورات الاحداث في المنطقة البلقانية من جهة وعلى العلاقات الروسية الغربية والامريكية من جهة اخرى بالاضافة الى المصاعب التي ستخلقها امام قمة حلف شمال الاطلسى (ناتو) التي ستعقد في العاصمة الرومانية بداية ابريل القادم.

ورأى رئيس مركز الدراسات السياسية الاستراتيجية والقومية فى مقدونيا برانكو جيورجيفسكي في حديث خاص لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان ردود الفعل فى المنطقة البلقانية كانت الاسرع حيث انه منذ الاعلان عن الاستقلال وخلال ثلاثة اسابيع سقطت حكومتان في الدول المجارة لكوسوفو كانت اولاها في جمهورية صربيا التي انفصل عنها الاقليم.

واضاف ان انهيار الحكومة المقدونية جاء نتيجة لانسحاب الاحزاب الالبانية منها بعد اصرارها على ضرورة الاسراع من جانب الحكومة بالاعتراف باستقلال كوسوفو اضافة الى الاصرار على اعطاء الالبان حق اللغة الرسمية الثانية فى البلاد.

وقال جيورجيفسكي انه فيما يخص صربيا فان الانتخابات المبكرة المقبلة سوف تعطي امكانيات جديدة للمتطرفين القوميين بان يستولوا على السلطة والحكومة في بلجراد وان يعيقوا المفاوضات الخاصة باحتمالات انضمام صربيا الى عضوية الاتحاد الاوروبي.

وتشير كل المؤشرات الى ان الراديكاليين القوميين سوف يكون لهم الاغلبية فى البرلمان الصربي على الرغم من ان زعيمهم توميسلاف نيكوليتش جاء ترتيبه ثانيا في الانتخابات الرئاسية التي اجريت قبل شهرين فان استخدام شعار كوسوفو كورقة انتخابية قد يدفع حزبه الى المقدمة.

اما المحلل السياسي البلغاري اوجنيان مينشيف فيقول من جانبه ان الازمة في جمهورية مقدونيا سوف تضع حتما الصعاب والعقبات امام رغبة الدولة في الحصول على الموافقة والدعوة الى الانضمام والالتحاق بعضوية حلف شمال الاطلسى (الناتو) في لقاء قمة بوخارست القادم مع كرواتيا والبانيا.

واضاف ان الامر في مقدونيا لا يتوقف فقط عند الضغوط التي تمارسها الاحزاب الالبانية بانسحابها من الحكومة انما يمتد لشمل ضغوطا اضافية اخرى من الحكومة اليونانية التي راحت تستغل رغبة مقدونيا في الحصول على دعوة العضوية في الناتو بجانب الاوضاع في كوسوفو وانعكاساتها على الوضع الداخلي المقدونى لتعلن عن اصرارها على تخلي اسكطوبيا عن اسمها الدستوري الى تطلقة اليونان على احدى مقاطاعتها الجنوبية الامر الذي عبر عنه رئيس الوزراء المقدوني نيكولا جرويفسكي عندما اشار الى ان بلاده يبدو بانها مطالبة بدفع ثمن باهظ لتحقيق رغبتها الاطلسية.

من جهته تناول استاذ العلوم السياسية بجامعة صوفيا البروفيسور بلامن تسفيتكوف الموقف الروسي اثر اعلان استقلال كوسوفو قائلا ان موسكو تلعب لعبة دبلوماسية خطرة تظهر من خلالها عدم رضاها عن الحدث وان استقلال كوسوفو يمكن ان يعطي احتمالات مستقبلية عن بيانات للاستقلال في مناطق اخرى اقرب الى موسكو حيث رفع الكرملين حظر بيع السلاح عن اقليم ابخازيا الذي يمثل منطقة المنشقين والفدائيين الذين يطمحون الى الاستقلال عن الجمهورية السوفييتية السابقة جورجيا.

ورأى ان موقف روسيا وتصرفاتها تجاه ابخازيا يثير بلا شك الكثير من الاهتمام الغربي فهذه المنطقة التي تطل على البحر الاسود ترغب في الانفصال عن جورجيا منذ عام 1992 وتم تجميد الازمة فيها بفضل تحكم قوات حفظ السلام الروسية فيها على الاوضاع ووجود عشرات الالاف من اللاجئين في جورجيا.

واوضح ان بوتين يصر على موقفه بأن الاعلان من طرف واحد عن الاستقلال يعطي مثالا خطرا اذ ان الكابوس الذي يخيم على موسكو يتمثل بالاحتمالات التي يمكن ان يشهدها المستقبل من محاولات لتقسيم الاراضي في شمالي القوقاز وان ذكرى احداث الشيشان في التسعينيات مازالت عالقة في الاذهان وكان من نتائجها حربان في هذه المنطقة.

واضاف ان السياسيين الروس يبدو انهم ما زالوا يتمتعون بمزاجية ايجابية تجاه فكرة الاعتراف بالانفصال الابخازي عن جورجيا اضافة الى انفصال جنوب اوسيتيا حيث اوصت بداية لجنة الشؤون السياسية بالبرلمان الروسي (الدوما) الكرملين بأن يفتح بعثة دبلوماسية روسية في المنطقتين ثم طالب البرلمان الروسي الرئيس الروسي وحكومته بالاعتراف باستقلال جمهوريتي ابخازيا واوسيتيا الجنوبية عن جورجيا.

وقال تسفيتكوف ان البيان الصادر عن الدوما الروسية اتخذ من الاعتراف باستقلال كوسوفو ذريعة للاشارة الى ان جمهوريتي ابخازيا واوسيتيا تملكان القدرات والاسس العملية للاستقلال اكثر مما يملك اقليم كوسوفو وطالب ببذل كافة الجهود للاسراع بالاعتراف باستقلال الجمهوريتين في حالة انضمام جورجيا الى حلف شمال الاطلسى وتوفير الحماية للمواطنين الروس هناك.

ورأى الخبير البلغاري فلاديمير تشوكوف ان الامر الاكثر قلقا للحكومة الجورجية يتمثل في قرار موسكو في الثالث من مارس الجاري برفع الحظر على دفعات السلاح والدعم العسكري لابخازيا حيث اعلنت وزارة الخارجية الروسية ان هذا الاجراء يمثل خطوة نحو اعادة الاتصالات والعلاقات التجارية ويبدو من كل هذه الاجراءات انها تعكس ليس فقط رد فعل موسكو على ما حدث في كوسوفو وانما هو حملة روسية لاعاقة الناتو بان يفتح ابوابه امام عضوية جورجيا في لقاء بوخارست القادم .

وذكر ان هذا قد تجلى بشكل واضح في تصريحات سفير روسيا في الناتو دميتري روجوزين عندما اعلن انه في الوقت الذي تحصل فيه جورجيا على عضوية الناتو فستبدأ عملية الانفصال الطبيعي لابخازيا واوسيتيا الجنوبية عن القوام الجورجي.

وأكد ان هذا الامر سوف يمثل سواء لروسيا او الحلفاء الغربيين او للناتو كابوسا في الافق حيث ان اعضاء حلف شمال الاطلسي لا يرغبون بدعوة جورجيا لعضوية الحلف على حساب اتساع الازمة التي تشمل روسيا بينما لا ترغب روسيا في احداث حرب انفصالية الان في مدينة تقع بالقرب الى حد ما من موقع الالعاب الاولمبية الشتوية الامر الذي يعطي الامل بامكانية الوصول الى اتفاق يرضي جميع الاطراف ولو في المرحلة الراهنة ولكن هذا لا يعني ان الخطورة لم تعد قائمة من امكانيات وقوع اخطاء يمكن ان تؤدي الى تصادم.