نصر المجالي من لندن: كشف النقاب اليوم عن وثائق سرية أرسلت إلى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير من فوضى عارمة لا يمكن تطويقها أو محاصرتها ستعصف بالعراق نتيجة للحرب، وكانت هذه الأوراق السرية، كما قالت صحيفة (ديلي تلغراف) اليمينية البريطانية حملت تحذيرا من وزير الخارجية جاك سترو لبلير في العام 2002 ، أي قبل عام واحد من شن الحرب ضد العراق بالتحالف مع الولايات المتحدة.

وسارع متحدث رسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني بالقول أن مقر 10 داونينغ ستريت ليس بإمكانه الرد أو التعليق على مضمون وثائق كانت ولا زالت سرية، حتى بعد تكشف معلومات منها. ويبدو أن الكشف عن تلك الوثائق الثلاث في الوقت الراهن سيزيد من المواجهات المحتملة لرئيس الوزراء مع سياسي بلاده وخصوصا بين أركان حزب العمال الحكام الذين كانوا أساسا ضد الحرب وحذروا بلير من مغبتها قبل وقوعها.

وحذرت رسائل سترو التي تعتبر من ضمن وثائق كثيرة أرسلت لرئيس الوزراء الذي ناصر الحرب في العراق التي أطاحت حكم صدام حسين من أن "أي حرب في هذا البلد ستكون مصدر أزمات كثيرة".

وقال سترو "لم يكن هناك أي هدف للولايات المتحدة في تجهيزاتها لحرب كهذه إلا إسقاط حكم صدام حسين وذلك كعنصر رئيس في مواجهة برنامج أسلحة الدمار الشامل الذي كان يسعى العراق إلى تحصيله". وقالت صحيفة (ديلي تلغراف) على هذا الصعيد "ولم يكن لدى أي أحد من المعنيين في شن الحرب جوابا مقنعا في كيفية إطاحة نظام صدام أو النظام البديل الذي يمكن أن يكون أفضل منه".

وأضاف وزير الخارجية "العراق لم يجرب في تاريخه الديموقراطية ولا أحد فيه عنده هذه العادة أو أنه مارسها".

وفي وثيقة أخرى، بعث بها مسؤولون من مكتب ما وراء المحيطات والدفاع بها إلى بلير تحت اسم "عيون بريطانيا السرية وحدها" ـ "Secret UK Eyes Only, " تحدثت عن بناء العراق في مرحلة ما بعد القضاء على حكم صدام "وهي مرحلة ستقتضي عديدا من السنوات لإنجازها".

وقالت الوثيقة "إن ضخامة الاستثمارات الغربية العسكرية في العراق، والقدرة الهائلة على إدارة العراق وكذلك النفقات الباهظة كل هذه ستقود إلى بقائنا فترة زمنية طويلة هناك".

واقترحت الوثيقة أنه بعد إسقاط حكم صدام، فإنه استبداله برجل قوي من الطائفة السنية "ليس بالضرورة أن يعيد ما كان صدام يهدف إليه في دعم ترسانته من أسلحة الدمار الشامل حتى يضمن التوازن مع إيران وإسرائيل أو مواجهة خطرهما على العراق".

لكن الوثيقة حذرت بالمقابل من احتمالات قوية لعودة ما عرفه العراق من مسلسلات الانقلابات العسكرية الدموية منذ العام 1958 ، حتى الوصول إلى قيام قائد سني ديكتاتوري في نهاية المطاف "لحماية الطائفة السنية ومصالحها، وفي ذات الوقت سيسعى هذا القائد إلى "إنجاز أسلحة الدمار الشامل" .

واقترحت الوثيقة، على هذا الصعيد، أنه من أجل قيام حكومة ديموقراطية مستقرة في العراق، فإنه يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها أن تبدي وتكون ضالعة في خطة إعمار طويلة، هذا إضافة إلى وجود قوة حفظ سلام دولية لحماية المنجزات.

وأخيرا، فإنه في وثيقة ثالثة، أرسلها لرئيس الوزراء البريطاني مستشاره للسياسة الخارجية، السير ديفيد مانينغ بعد زيارة لواشنطن في مارس (آذار) العام 2002 قال "أعتقد أن إدارة الرئيس الأميركي بوش لا تقدر كم هي الصعوبات المنتظر بعد أي حرب في العراق"، وأضاف مانينغ في رسالته "صحيح إنهم يقدرون أن الفشل ليس هو خيارهم، وبالتالي عليهم تحاشيه في أي حرب مقبلة".