عقب إلغاء جولة سليمان وأبوالغيط:
مصر تنفي التخلي عن دورها في غزة


نبيل شـرف الدين من القاهرة: نفت اليوم الأربعاء مصادر دبلوماسية مصرية أنباء تحدثت عن تراجع القاهرة عن الوفاء بما قطعته من تعهدات على نفسها، بشأن دعم خطة الانسحاب الأحادي من قطاع غزة، كما تحدثت عن ذلك مصادر بوزارة الدفاع الاسرائيلية لصحيفة "هآرتس" استنادا الى واقعتين: تأجيل اجتماع اسرائيلي مصري كان من المفترض ان يعقد في القاهرة الاسبوع الحالي، وإلغاء زيارة كان من المقرر أن يقوم بها اليوم الأربعاء، كل من أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية المصري، والوزير عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة، إلى الضفة الغربية وإسرائيل.
وكانت صحيفة "هآرتس" قد نقلت عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله إن الموقف المصري طرأ عليه تحول، معرباً عن اعتقاده بأن الأمر ينعكس في تخفيف وتيرة الاتصالات مع إسرائيل في ما يتعلق بمنع تهريب الأسلحة عبر الحدود المصرية مع قطاع غزة ورفض القاهرة التباحث مع تل أبيب بشأن توحيد الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وعدم رغبتها في ممارسة أي ضغوط على السلطة.
وحسب الصحيفة ذاتها، فقد أشار المصدر الإسرائيلي إلى أن مصر خفضت مستوى الاتصالات، فبعد أن كان ملفها بيد عمر سليمان رئيس المخابرات العامة المصرية وكان هو الذي يدير الاتصالات، فقد أوكلت الآن المهمة إلى ضباط أقل مستوى في الاستخبارات العسكرية بالجيش المصري، وأشار المصدر الأمني إلى احتمال عقد اجتماع مؤجل في مستهل شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
أما في القاهرة فقد أوضحت مصادر مطلعة أن هناك محاولات من جانب جهات في اسرائيل بتحميل مصر جانب من مسؤولية تنفيذ الخطة رغم موقف القاهرة الواضح من تأييد هذه الخطة، ومن التمييز بين الخطة وبين موقف الحكومة الاسرائيلية من جهود التنفيذ.
وأشارت ذات المصادر إلى ان حكومة اسرائيل تقوم بممارسات أثارت احتجاج مصر اكثر من مرة مؤخراً، وأحدها الممارسات غير الانسانية ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وهي امور لا يمكن السكوت عليها كما ان اعتبار تل أبيب ان مواقف مصر تجاه هذه الممارسات يعطل هو مجرد ذريعة لتبرير ممارساتها.
ويقول دبلوماسيون مطلعون على مجريات المفاوضات ان مصر وضعت شروطا صارمة للمساعدة في غزة، وقد ينتهي المشروع الى لا شئ، حيث تريد مصر تعهداً إسرائيلاً بعدم شن أي هجمات على غزة حتى لو كان ذلك للرد على هجمات تتعرض لها، وأن تنفذ انسحابا كاملا من الممر الفاصل بين مصر والقطاع، كما اعتبرت مصر أن مواصلة الاعتداءات الإسرائيلية على مواطني قطاع غزة لا تعكس رغبة جدية في تهيئة الأجواء لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي، فضلاً عن أن تل أبيب لم ترد إيجاباً على شروط مصرية هي قبول مبدأ الانسحاب الشامل، وحرية الحركة للفلسطينيين عبر الموانئ والمعابر والمطارات، ووقف الاستيطان وتجريف الأراضي والتعهد بعدم العودة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة مجدداً، بحسب ما صرحت به لـ (إيلاف) المصادر المصرية المذكورة.
وكان من المقرر أن يجتمع اليوم الأربعاء في رام الله كل من الوزير عمر سليمان‏,‏ رئيس المخابرات العامة‏,‏ وأحمد أبوالغيط وزير الخارجية المصري، مع رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات‏,‏ وذلك في إطار متابعة جهود تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي المزمع من قطاع غزة وبعض أجزاء شمال الضفة الغربية، وقالت مصادر مصرية قبل إلغاء هذه الجولة‏ إن الجهود كانت تنشد البدأ في بلورة خطوات أكثر عملية لدفع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي‏‏ نحو تنفيذ التزاماتها خلال الفترة المقبلة‏,‏ مؤكدة أن المرحلة الحالية بالغة الحساسية وتحتاج لوضع النقاط فوق الحروف بطريقة أكثر وضوحا‏,‏ وذلك لاستمرار متابعة الجدول الزمني الذي وضعته مصر لضمان تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي‏، كما كان من المقرر أيضاً أن توفد السلطة الفلسطينية 45‏ ضابطا للتدريب الأمني بمصر‏‏ خلال الأسبوعين المقبلين‏.‏
وأكد المصدر ذاته‏,‏ أن مصر قررت أن يكون ارسال خبرائها الأمنيين الي الأراضي الفلسطينية لمساعدة السلطة وأجهزتها آخر هذه الخطوات‏,‏ وبعد تقويم كل مرحلة ومدي النجاح في انجاز المستهدف منها‏,‏ وبعد التأكد تماما من الاطار الزمني لبدء تنفيذ الانسحاب الاسرائيلي والالتزام الفلسطيني.
وكان الرئيس المصري قد عرض المساعدة في إعداد الفلسطينيين لانسحاب إسرائيلي من قطاع غزة، وعرضت مصر مساعدتها في غزة منذ شهور وأجرت اتصالات متكررة مع جميع الاطراف لكنها لم تستطع الى الان الوصول الى الترتيبات التي تكفل ذهاب خبرائها
الامنيين الذين سيتولون تدريب قوات الشرطة الفلسطينية.