أسامة العيسة من الخليل: بين مدينتي القدس والخليل تقع مجموعة مستوطنات يطلق عليها (كتلة مستوطنات غوش عتصيون) والتي أسست قبل إنشاء دولة إسرائيل عام 1948، وفي هذا العام الذي عرف معارك بين العصابات الصهيونية وجيوش عربية، وقعت في هذا المكان معركة هامة ومشهورة بين الجيش الأردني وتلك العصابات أخرت التطور الاستيطاني في هذه المستوطنات الاستراتيجية التي تحد القدس من الجنوب، ولكن لم يكن ذلك إلا بشكل مؤقت، فبعد احتلال ما تبقى من الأراضي الفلسطينية عام 1967، أقدمت السلطات الإسرائيلية على ترحيل الفلسطينيين في تلك المنطقة من أرضهم وتوسيع كتلة مستوطنات عتصيون.

وبعد إعادة تموضع الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية وفق اتفاق أوسلو، أصبحت قيادة الجيش في مبنى على إحدى التلال في هذا التجمع الاستيطاني، ويوجد سجن ملحق بها، ويحتشد يوميا الاف الفلسطينيين في هذا المكان من اجل الظفر بتصريح مرور إلى القدس حتى ولو ليوم واحد من اجل زيارة طبيب أو قضاء حاجة.

ويقول حسن قطوش وهو شاب يصنع القهوة ويبيعها للمنتظرين أن البعض يأتي إلى هذا المكان في الرابعة فجرا من اجل أن تكون له فرصة في الدخول وتقديم طلب للحصول على تصريح.

ويضيف "تقديم الطلب لا يعني أن المسألة انتهت فيجب عليه العودة مرارا وفي كل مرة يتم تأجيل النظر في طلبه، وسيكون محظوظا إذا حصل على تصريح".

وعادة ما يلجا ضباط الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) إلى عمليات ابتزاز ومساومة لمقدم الطلب وذلك بإعطائه التصريح مقابل تجنديه عميلا معهم.

وفي هذا المكان وقف نسيم الجعبري 20 عاما من مدينة الخليل، قبل أسبوعين، وسط المحتشدين، ولم يؤثر به الملل ويعود أدراجه، وعندما جاء دوره في الدخول، كان في انتظاره ضابط الشاباك المسؤول عن منطقة الخليل، فعرض عليه وبدون مقدمات أن يعمل معهم مقابل إعطائه تصريح وتسهيلات ولكنه رفض.

وحسب أفراد من عائلته فانه قال (لا يمكن أن أخون وطني).، وتعرض بسبب هذا الرد إلى مزيد من الضغط.
ويبدو انه لم يقتنع أن رده الكلامي على ضابط الشاباك كافيا، فكان أحد اثنين نفذا عملية الهجوم المزدوج في مدينة بئر السبع أول من أمس الثلاثاء، وهي العملية التي تنبتها كتائب الشهيد عز الدين القيام الجناح العسكري لحركة حماس.

ورغم أن أقرباء نسيم وأصدقائه فوجئوا بكونه أحد منفذي الهجوم إلا انهم رأوا أن ما حدث لم يكن غريبا.
وأمام منزل عائلة نسيم الجعبري الذي هدمته سلطات الاحتلال في حي الغروس في الخليل، وقف أقارب وجيران يعرفون نسيم جيدا وقال أحدهم "عملية بئر السبع ليس فقط انتقاما للشيخ ياسين والدكتور الرنتيسي ولكن أيضا انتقاما لشرفه الذي خدشه الشاباك عندما طلب من نسيم أن يخون وطنه".

وبعد العملية هدمت السلطات الإسرائيلية منزل عائلة نسيم ورفيقه احمد القواسمي، واعتقلت والده وشقيقيه باسل ونعيم واخرين من العائلة.

ونقل المعتقلون إلى السجن الملحق بقيادة الحكم العسكري في عتصيون، حيث يعتقد أن حكاية العملية الاستشهادية بدأت من هناك، من عرض تقدم به ضابط الشاباك لشاب فلسطيني.