مدعاة فرح... ودليل على حس مرهف محوره المرأة
المجموعة الفنية لبسّام سعيد فريحة في كتاب فاخر:
خيرالله خيرالله من لندن:
يفرح الصحافي ويشعر بالفخر عندما يكتشف زميلاً له يمتلك تلك الثروة الفنية التي لدى بسامسعيد فريحة. جمع بسام فريحة لوحاته في كتاب يليق بها تحت عنوان quot;لوحات لمستشرقين وأعمال فنيةquot; بما يعكس حسًّا مرهفًا قبل أي شيء آخر. ربما كان ذلك الحس المرهف، الذي محوره المرأة، هو الذي جعل بسام فريحة في خدمة زملائه في أستمرار. إنه رجل لا يقول كلمة غير لائقة في حقّ زميل على غير العادة المتبعة في أوساط ممارسي المهنة، فاستحق الاحترام دائمًا وأبدًا.
لوحات بسام فريحة والأعمال الفنية التي يمتلكها والتي إستغرق جمعها نحو نصف قرن تعبير عن مدى عشق الرجل للشرق ولكل ما هو عربي واسلامي فيه. إنه تعبير عن التعلق بالجمال وبعالم على تماس بالحضارة العالمية. ولذلك ضم الكتاب ما يزيد على صور فاخرة لخمسين لوحة من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وقعها فنانون عالميون من مدارس مختلفة. هناك المدرسة الفرنسية والمدرسة الإيطالية والمدرسة الأنكليزية والمدرسة البلجيكية والمدرسة الأسبانية والمدرسة الروسية والمدرسة الأميركية... رسامون تنقلوا في مختلف أنحاء العالم العربي ورسموا بشكل خاص المرأة التي كانت محور المجتمع في تلك المرحلة. المرأة كانت مقيدة وحرّة في آن... حرة أكثر بكثير من نساء يومنا هذا. الأكيد ان النساء في لوحات بسام سعيد فريحة الذي ينتمي إلى عائلة لها فضل كبير على الصحافة العربية أكثر تحررًا من كثيرات من نساء اليوم. تعبر صور النساء عن مجتمع أكثر تحررًا وإنفتاحًا وأقل تعقيدًا من مجتمع اليوم. تكفي تلك الصورة لإمرأة عربية سافرة تعزف على آلة موسيقية رسمها الروسي فينسان ستيبيفيتش الذي عاش بين العامين 1841 و 1910 للدلالة على مدى الهوة التي تفصل بين الأمس واليوم.
رسم الفرنسيون الحياة في مصر والجزائر وشمال أفريقيا عمومًا، لكنهم أبدعوا خصوصًا في عرض وجوه من مرحلة نفتقدها الآن كتلك المرأة الجزائرية التي تغازل رجلا من بعد. واللوحة هنا بتوقيع بول لازيرج الذي عاش بين العامين 1845 و1902. وتعود اللوحة إلى عام1872 وهي تعبر من دون شك عن عالم آخر وثقافة أخرى نفتقدهما في أيامنا هذه.
لعل أكثر ما يلفت في الكتاب لوحات الأيطالي فابيو فابي الذي عاش بين العامين 1861 و1946 وهي تصور جانبًا من الحياة في مصر أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. أنها حياة تدور حول المرأة في حالات مختلفة تبدأ بالجلسات النسائية على الشرفة وتنتهي بالمشاركة في الأعراس... مرورًا بالرقص في الشارع العام في القاهرة. إنه عالم لا علاقة له بعالم اليوم نقله رسامون أوروبيون إستطاعوا أن يكوّنوا صورة عن المجتمع العربي في مرحلة معينة كان فيها الشرق والغرب على تواصل.
في كل اللوحات التي جمعها بسام فريحة، تبدو المرأة المحور. كانت محور كل شيء تقريبًا. كانت دليلاً على رغبة في الإنفتاح والتحرر بدل الإنغلاق على الذات. وعلى الرغم من ان بعض اللوحات تعكس حالا من التخلف وتشير إلى وجود الرق، إلا أن ما لا يمكن إنكاره أن المرأة كانت لها مكانتها في المجتمعات العربية، بل كانت في أساس الحياة الأجتماعية في تلك المرحلة، خصوصًا في أواخر القرن التاسع عشر.
وتضمن الكتاب صورًا لأعمال فنية أخرى تشير إلى أن بسّام سعيد فريحة يهوى الجمال والفن. حبّذا لو أنه لم يشر إلى أن المجموعة الفنية في الكتاب هي لـquot;صاحب السعادة السيّد بسام فريحةquot;. لم يكن بسّام فريحة في حاجة إلى هذا اللقب خصوصًا أنه الإبن البار لصاحبة الجلالة السلطة الرابعة وأنه سليل عائلة صحافية أسسها والده من لا شيء. يمثّل التخلي عن الألقاب ذروة التواضع والإعتراف بان الصحافي لا يحتاج إلى إعتراف به من السياسيين بمقدار ما أنهم في حاجة إلى أعتراف منه في شأن كل ما له علاقة بالكفاءة والشرعية.