وصلوايوم الجمعة
أطباء يمنيون لإيلاف: جئنا غزة لنقول لأهلها نحن معكم ونحن منكم

باسم النبريص من غزة:
بوصولهم إلى مُجَمّع ناصر الطبي بمدينة خانيونس. تنفّس الأطباء الفلسطينيون الصعداء. فأمام حجم المعاناة الكبيرة التي تعانيها مستشفيات القطاع، نتيجة الهجمات الإسرائيلية المتواصلة منذ ثلاثة أسابيع، وأمام الأعداد الضخمة من الجرحى والمصابين، وتكدس المستشفيات بالآلاف منهم ، كان لا بد من مجيئهم. إنهم أطباء من العراق وسوريا واليمن. لبّوا نداء الواجب والانتماء والإنسانية، وبدأوا يتدفقون على أرضنا الطيبة. وعلى أمل أن نجري حوارات أخرى مع الأطباء السوريين والعراقيين، في الأيام القليلة القادمة.ها نحن نحاور ثلاثة أطباء من الوفد اليمني، هم الدكتور طارق نعمان / تخصص جراحة قلب وأوعية دموية / أستاذ جراحة في كلية الطب جامعة صنعاء. والدكتور جميل السُّقيا / أخصائي تخدير وعناية مركّزة / مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا بصنعاء. والأخ محمد السماوي / فني عمليات / مستشفى الثورة العام بصنعاء أيضاً.
متى وصلتم؟
يوم أمس الجمعة 16 يناير.
هل واجهتكم عقبات في الدخول؟
د. جميل السقيا: نحن كنا جئنا مع الوفد المصري الأول. أدخلوا الزملاء المصريين، وأرجعونا بحجة ضرورة الحصول على موافقة من السفارة اليمنية، وهذا أخّرنا أسبوعاً كاملاً. ثم عدنا بموافقة سفارتنا، فقيل لنا يجب الحصول على موافقة الهلال الأحمر المصري وكذلك وزارة الصحة المصرية.
كيف أمضيتم هذا الأسبوع على الجانب المصري؟
د. طارق النعمان: كنا متضايقين، لأننا رأينا جرحى بأعداد كبيرة، وإخوتنا يموتون، ونحن هناك في العريش ورفح، محجوزون، ولا نستطيع عمل شيء، رغم أنّ أهلنا في غزة، كانوا في البداية، بأمسّ الحاجة لنا.
أخيراً وصلتم رغم كل شيء، وها أنتم تمارسون عملكم تحت وقع انفجارات الصواريخ، فكيف تشعرون وماذا تقولون في لحظة كهذه؟
د. جميل: أنا فوجئت بمعنويات إخوتنا المرتفعة جداً. فشكيمتهم قوية. وأنا أشعر في هذه اللحظة، بأننا جسد عربي واحد. ومن المستحيل تفريقنا بالحدود المصطنعة والصواريخ والإرهاب العالمي الذي تقوده منظمات عالمية ضد شعوب عزلاء. مثل الصهيونية والماسونية والأصولية الإنجيلية. وأقول هنا كلمة: سيمرّ الزمن ويكون الضعيف قوياً، وسوف نردّ لهم هذه المحرقة، فلا يفرحون بقوتهم وأنهم استفردوا بنا.
د. طارق، ما هي انطباعاتك عما رأيته حتى الآن هنا؟
د. طارق: الحقيقة نحن كنا في اليمن نرى ما يحصل في أرض غزة من ذبائح وقتل وتدمير، وكانت قلوبنا تتقطع حزناً وألماً على ما يحدث. وهذا شمل كل أهل اليمن. وأنا أعتقد جازماً أنه شمل كل العرب والمسلمين. ولذلك نويت أن آتي إلى غزة، لأشارك بقدر استطاعتي، وأبتعد عن البكاء والعويل والاكتفاء بالفرجة على هذه المناظر البشعة. لقد وفقني الله لذلك، وعندما وصلت إلى أرض غزة، ورأيت إخواني الفلسطينيين، أهل الرباط، بنفسية قوية، استعدت قوتي ونشاطي من جديد. وبدأ الفرح يدخل قلبي. وكان هذا كله بفضل إخواني هنا، واطمأننت كثيراً لفلسطين ومستقبلها. واعتقد، بإذن الله، أنّ النصر قادم قادم. وأننا جميعاً نسير في طريق التحرير. ليس في فلسطين فحسب، بل في الأمة العربية والإسلامية. وأُجزم بالقول الآن، أنّ في غزة مدرسة يتعلّم منها الأحرار، وتُعلّم فيها العزّةُ والكرامة.
الأخ محمد السماوي: بفضل الله رأينا في خان يونس أشياء لم نكن نتوقعها. من ناحية صبر إخوتنا وصمودهم.
د. جميل: أتمنى انتصار المقاومة، وأن يُحرر شعبكم أراضيه. والتجربة التي استفدناها، أنه بدون مقاومة ، سنظل ندخل في حلقات مفرغة، كل مرة، من جديد. حلقات مليئة بأفكار بعيدة عن الأمة وشخصيات، ممكن في التحليل الأخير، أن تكون عميلة للخارج. فالجهاد، نقولها كأطباء ومثقفين، وليس كعاطفة وحماسة، هو الطريق الوحيد لعزة الأمة وكرامتها.
واضح من إجاباتكم أنكم تحملون فكراً إسلامياً. فهل تنتمون إلى حركة أو اتجاه سياسي معيّن؟
د. طارق: نحن أولاً مسلمون. وننتمي إلى أُمة الإسلام. وكتابنا القرآن، وقدوتنا هي محمد عليه الصلاة والسلام. ورؤيتنا لما يحدث في فلسطين، وما يُروّج له منذ 30 عاماً مما يُسمّى بعملية السلام، أنّ كل هذا وهم وسراب وكذبة صهيونية كبرى. فلا يوجد سلام ولا يريدون إلا الاستسلام. ونرى أنّ الخيار الآن، بعد كل ما مضى، هو خيار المقاومة والصمود. وهذا سيحقق النصر وعودة فلسطين.
د. جميل: نحن أطباء مسلمون. وليس لنا انتماء سياسي حزبي أو أيديولوجي معيّن. ولكن إذا مررت على معظم أطباء الأمة العربية والإسلامية، فستجد أنّ كلامنا يتطابق مع كلامهم. فهذه الحرب وحّدت الأمة، كما لم تكن من قبل.
محمد السماوي: من ناحيتي أقول إنّ تجاهل بعض الدول العربية والإسلامية لما يحدث هنا، هو خيانة .. فأنا أريد أدخل في حركات المقاومة.
كيف رأيتم، رغم وجودكم القصير في المستشفى، إصابات هذه الحرب؟
د. طارق: رأينا مناظر بشعة. أنا شخصياً، رغم تجربتي الطويلة في مجال الطب والجراحة، لم أر مثلها. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدلّ على بشاعة هذه الحرب الشرسة التي أُستُخدمت فيها أسلحة محرمة دولياً. لا تُستخدم ضد الجيوش، فكيف الحال بشعب من الأبرياء والعُزّل؟
ماذا تقولون لشعبكم اليمني، من هنا على أرض غزة؟
د. طارق: نقول لهم مزيداً من الصحوة والصمود مع إخوانهم في فلسطين، ومزيداً من الشعور بما يحدث في أرض فلسطين، لأنها مسئولية الجميع. وعليهم أن يواصلوا التظاهرات والضغط على النظام العربي المتخاذل.
د. جميل: هناك مثل يقول [ اُكلت يوم اُكلَ الثور الأبيض] ونحن العرب والمسلمين قاعدة إسرائيل تستفرد بنا دولة وراء دولة. وسيأتينا الدور في اليمن.
محمد السماوي: أناشد أبناء الشعب اليمني أن لا يبخلوا على إخوانهم الفلسطينيين بالدعاء وأن يمدونهم بالمال والمساعدات.
هل ترون نهاية قريبة لهذه الحرب؟
د. طارق: هذه الحرب ليس لها نهاية إلا برحيل الكيان الصهيوني الغاصب من أرض فلسطين كلها. وأنا أومن بأنّ النصر للإسلام والمسلمين، مهما تكالبت علينا الأمم.
د. جميل: الحرب بيننا وبينهم ليس لها نهاية، كما قال زميلي. ونهايتها يوم ننتصر. ويوم نطردهم من أرضنا كلها كما وعدنا القرآن الكريم.
محمد السماوي: بإذن الله تعالى إنها بداية النهاية لهذا الكيان الصهيوني الغاشم.
متى سترجعون لليمن؟
عندما تنتهي مهمتنا وهي إغاثة الجرحى وعمل العمليات اللازمة.
كم تتوقعون البقاء هنا؟
نحن عاملين حسابنا لشهر من الزمن. وإن كانت هناك حاجة، فلا مانع لدينا من البقاء لفترة أطول. فنحن وهبنا أنفسنا وعلمنا لفلسطين.
شكراً لكم، وأتمنى عودتكم إلى اليمن العزيز سالمين.