مصطفى القرة داغي
&
&
&

خرجت علينا بعض الجهات والقوى الظلامية قبل أيام مستبشرة بأبتكار ما يسمى بالمقاومة العراقية لأسلوب جديد و مستحدث في المقاومة متمثلاً بأستخدامها للحمير أو للعربات التي يجرها الحمير والتي يقول المتحدث مفتخراً و بكل وقاحة بأنها ( منتشرة في شوارع العراق ) لأستخدامها كمنصات لأطلاق الصواريخ على مواقع الأمريكان أو تفخيخها بدلاً من السيارات.
وبالمناسبة فأن أسلوب و (تكنلوجيا!) أستخدام الحمير المساكين في مثل هذه العمليات ليست جديدة على العربان والأسلامويين فقد سجلت برائة أختراع هذه الطريقة لأول مرة في العصر الحديث للأخوان المقاومين في حزب الله والذين كانوا يستخدمون نفس الأسلوب و نفس التكتيك في تنفيذ عملياتهم ضد قوات الأحتلال الأسرائيلي في جنوب لبنان.. لذا يبدوا بأن هذه ( التكنلوجيا ) قد أنتقلت و بقدرة قادر! و بدون تسلل أحد من دول الجوار! الى مقاوي حزب البعث و القاعدة ( النشامى! ) ليستخدموها ضد ما يسمونه بالأحتلال الأمريكي رغم أن الفرق شاسع بين الأحتلالين فالأول أستيطاني عنصري والثاني تحريري أنساني و لكن للأسف فأن العربان والأسلامويين الذي ينقلون هذه التكنلوجيا البشعة الى العراق لا يدركون هذه الحقيقة ولا يريدون أدراكها لذلك فهم يساهمون بشكل او بآخر و بعلم أو بجهل منهم في قتل أرواح بريئة من أبناء الشعب العراقي و مع سبق الأصرار والترصُّد.
و مما يؤكد هذا الكلام ما ذكرته جريدة الشرق الأوسط قبل أيام من أن حزب الله اللبناني قد أسس وجوداً قوياً في العراق خلال الفترة الماضية لكنه لا يشارك في مهاجمة الأمريكيين و ذكرت الشرق الأوسط نقلاً عن بعض العرب من ذوي الصلة بالحزب أن الحزب قد أرسل فريقاً أمنياً يتكون من حوالي 90 مقاتلاً الى العراق.. و يبدوا أن وظيفة هذا الفريق الأمني الآن في العراق هي تقديم الدعم اللوجستي والعسكري لحثالات ما يسمى بالمقاومة العراقية.
أولاً أود أن أتسائل هنا.. أي دموية و بشاعة تحملها نفوس هؤلاء تلك التي تدفعهم الى أستخدام هذا المخلوق الضعيف المسكين في تنفيذ مثل هذه العمليات؟ و ما ذنب هذا المخلوق المسكين ليزج به في أتون هذه الفتنة التي أبتدعها بن لادن والملاّ عمر و أبو حمزة المصري والبلوشي و أبو قتادة و غيرهم من مشايخ التكفير؟ خصوصاً و أن هذه الحمير لم يؤخذ رأيها في كونها تريد دخول الجنة مع هذه الشلّة بهذه الطريقة المبتدعة أم لا!
أن أتباع مثل هذه الأساليب من قبل هؤلاء أن كان يدل على شيء فأنما يدل على الحقد والشوفينية التي تتملك نفوسهم على كل شكل من أشكال الحياة التي خلقها الله عز وجل على هذه الأرض.. وسجلهم الأجرامي المخزي في هذا المجال لا يحتاج الى تعليق و نذكر منه على سبيل المثال لا الحصر مذابح مدينة نواز شريف ضد الأفغان الشيعة ( الهزارا ) والتي ذهب ضحيتها ما يقارب ( 16،000) شهيد على يد سفاحي طالبان المؤمنين! وعمليات الأنفال سيئة الصيت في شمال العراق ضد الأكراد العراقيين والتي ذهب ضحيتها و وفق وثائق مثبتة لدى الأمم المتحدة ( 180،000 ) شهيد على يد فرسان العروبة من منتسبي الحرس الصدامي والحرس الصدامي الخاص وغيرهم من حماة البوابة الشرقية! ولا ننسى هنا أحدى أشد النقاط سواداً في هذا السجل الدموي والمتمثلة بجريمة تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك والذي ذهب ضحيته ما يقارب ( 6،000 ) شخص هم في رأيي و بدون أن أخوض مع أحد في متاهات الدين من الشهداء ومثواهم الجنة ومثوى قاتليهم النار بأذن الله و لو أطال القتلة لحاهم و قصّروا ثيابهم و أدّعوا بأنهم مسلمين و الأسلام منهم براء.. فهؤلاء هم أعداء لكل شكل من أشكال الحياة على هذه الأرض من بشرية الى حيوانية الى نباتية فأغلبهم أناس مرضى و مجانين يجب البحث و التقصي أولاً عن الأسباب التي دفعتهم لأن يصبحوا على هذا الشكل من الأجرام و الدموية و الحقد على كل شيء جميل و في هذه الدنيا لتلافي و منع بروز و تكرار مثل هذه النماذج الخطرة و الضّارة في أجيالنا القادمة.. هذا أذا كنّا نريد حقاً أن نسير في الطريق الصحيح.
الأمر الآخر المحزن و المخجل في هذا الموضوع هو ما يفعله بعض منظري الصمود و التصدي العربي من المثقفين العرب الذين بدأوا الآن يتحفوننا بمقالاتهم الحماسية التي تتغنى و تتفاخر ببطولات الحمير و بالنصر المؤزر على الغرب القادم على ظهور الحمير.. أذ يبدوا و للأسف بأن يأس هؤلاء من مجاراة أمريكا في أنجازاتها الحضارية الجبارة كغزو الفضاء و أختراع الكمبيوتر و الأنترنت و ثلاثة أرباع ما تستخدمه البشرية من أدوات و أجهزة بالأضافة الى ما وصلت اليه هذه الحضارة من رقي على مستوى التشريعات الأجتماعية و القانونية.. كل هذا دفع بهؤلاء الى أن يداروا عجزهم و خيبتهم ( التئيلة ) و شعورهم بالدونية تجاه هذه الحضارة بالتغني و التفاخر ببطولات الحمير المساكين و الذين لا ناقة لهم و لا جمل فيما يحدث سوى أن حظهم العاثر دفع بهم الى أيدي هؤلاء القتلة من حثالات الصدّاميين والبنلادنيين ممن لا يرعون حرمة لا لأنسان ولا لحيوان بل و ممن لا يرعون حتى حرمة للقيم و للمقدسات و جرائمهم في العراق بتفجير مقر الأمم المتحدة و الصليب الأحمر و ضريح الأمام علي (ع ) و قتلهم للمواطنين الأبرياء في أول يوم من أيام شهر رمضان الكريم خير دليل على ذلك.
كان الأولى بهؤلاء الكتبة وأنصاف المثقفين وبدلاً من الحديث عن بطولات حمير المقاومة أن يتسائلوا عن سبب ( أنتشار العربات التي تجرها الحمير في العراق ).. البلد الذي تحوي أرضه ثاني أكبر أحتياطي للنفط في العالم مصدر الطاقة الرئيسي في العالم.. البلد الذي يضم ترابه رفات المئات من الأنبياء و الأئمة والأولياء الصالحين ممن تهفوا لزيارتهم قلوب الملايين من البشر ومن مختلف الأديان.. البلد الذي لا تخلو مدينة من مدنه من آثار لأحدى الحضارات العظيمة ( السومرية أوالبابلية أوالآشورية أوالكلدانية ) والتي بزغت شموسها جميعاً على أرض العراق و منه أشاعت بنورها على العالم أجمع.. كل هذا و غيره الكثير الكثير من الميزات والصفات التي حبى بها الله العراق و أهله و كان من الممكن أن تجعله أحد أغنى دول العالم قاطبة.. ولكن عنتريات قائد العربان الفذ وحامي حمى بوابتهم الشرقية صدام والذي ما أنفكوا يدافعون عنه وعن جرائم أزلامه و مرتزقته أوصلت العراق الى أن يكون من أفقر دول العالم وأن يصبح شعبه من أفقر الشعوب بل ومن أعلاها في نسبة الأمية والبطالة على مستوى العالم.
لنتوقف قليلاً و لنفكر في الفرق الشاسع بين الحضارتين و الثقافتين المتحاربتين.. فالحضارة الغربية و بعد أن وفرت و هيأت كل سبل العيش الرغيد و المستقبل الزاهر لأبنائها و مواطنيها تتجه الآن و عبر العديد من هيئات و جمعيات الرفق بالحيوان الى الأهتمام بهذا الكائن الحي و بكل أشكاله طائراً كان أو برياً أو مائياً و حماية البعض منه من الأنقراض.. في حين تعمل حضارتنا و التي ينطبق عليها قول الشاعر ( كان صرحاً من خيال فهوى ) و بقيادة رموز الصمود و التصدي العربي من أمثال صدام و بعد قضائها على أبنائها و مواطنيها على القضاء على الكائنات الحية الأخرى الموجودة في المنطقة أسوة بما فعلته بالبشر بل و لو كان بيدها لقضت على كل شكل من أشكال الحياة على وجه الأرض و طبعاً بسواعد نشامى المقاومة العراقية و من على شاكلتهم!!!!