الحياة مجموعة حقائق!.. ولكل حقيقة موعد ومعها يكون اللقاء.. قد يكون لقاءاً سعيداً أو قد يكون لقاءاً تعيساً تسقط معه قناعات وتنهار أحلام وتتنازل مبادئ وتتألم قلوب يُغلفها جمود يجعل من الحياة كئيبة، ويجعل العقول فيها رهينة للشك، والنفوس أسيرة للحزن والقلوب مُكبلة بداء الإحباط والندم أو الانتقام!!.. وما أقسى لحظات الحقيقة حينما ينكشف عنها الغطاء لتظهر عارية في تفاصيلها وآلامها وجروحها.. وقد لا يستطيع الزمن محو تلك الجروح الغائرة في النفوس حينما تظهر حقائق المحبين أو الأعزاء من الأصدقاء الذين ينقلبون على من استأمنهم على ظهره أو سره وأطلعهم على خبره!!

ندى لم تكن تعرف أنها تعيش في هذا المنزل بالتبني.. كانت طوال سنوات عمرها وهي تعتقد برسوخ انتمائها لهذه العائلة!، وكانت مساحة الحب التي تحصل عليها تدفعها لهذا الاعتقاد، حيث لم تكن الأمور تجري بهذا السوء أو لتقول أن هناك نهاية لهذا الحلم!!.. كبرت ندى وأصبحت حلوة تمتلئ أنوثة ودلال، فقد كانت البنت الوحيدة في هذه العائلة التي يكثر فيها الذكور حتى أصبح الجميع يبحث عن رضاها ويسعى الكل لإسعاد خاطرها.. وبدأت عيون الأمهات تتفحصها أملاً في الحصول على موافقتها لتكون زوجة لأبنائها.. وكانت ندى تتمنّع وترفض وتشترط وكأنها تشعر بلحظة الحقيقة التي بدأت تقترب!!..وجاءت لحظة الحقيقة.. فقد كان والد ندى بالتبني يرغب في مصارحة الخاطب بحقيقة أصلها ومنبتها.. وافق الخاطب ورفضت عائلته، وعوائل أخرى!!.. ومالت ندى إلى حيث الصمت المزمن.. إلى حيث تنتهي الحياة من بوابتها.. وتحولت حياة الدلال إلى حياة الانكسار!!

خالد وزكريا صديقان يجمع بينهما حب العمل والإبداع في الإنتاج.. عملا سوياً في منظمتهما.. ساهما في تطويرها.. خالد اكبر سناً وأهدأ نَفَساً.. وزكريا أكثر حماساً وتهوراً.. لكنهما مُكملين لبعضهما.. وكثير ما يستشير زكريا خالداً في شئونه الخاصة والعامة، وخالد يدعمه ويسانده.. ونمت الصداقة وتطورت هذه العلاقة حتى أعطى خالداً ظهره لزكريا ليحميه من غدر زمانه وتكالب أعدائه!!.. وتناسل الأعداء وغدر الزمان بخالد، لكنه كان ثابتاً بثبات الحق الذي يحمله والهدوء الذي يتقنه.. واستمر أعداء خالد بضربه حتى كلّت أيديهم وانقطعت أنفاسهم.. واستمر خالد في نشاطه وفي برامج حياته.. حتى حانت لحظة الحقيقة.. حيث كان زكريا خلف تلك الضربات.. وكان هو المُحرك لها والموقد لنيرانها.. عرف خالد تلك الحقيقة وصُدم بحقيقة هذا الصديق الذي لا يزال يجهل معرفة خالد لحقيقته.. ورفض خالد الحديث لزكريا حول الأمر.. فقناعة خالد أن الحديث مع زكريا ضرب من العبث.. واكتفى خالد بالدعاء quot;اللهم عليك بأصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهمquot;!!


حنان.. بنت مهذبة ومؤدبة ومحجبة.. كانت لطيفة، وبدا للناس أنها مستقيمة!!.. أحبها عاصم وطلب أن يتزوجها.. أحبت حنان عاصم ndash; هكذا كانت تقول له - ولكنها كانت ترفض مبدأ الزواج.. تعلق عاصم بها أكثر، وأحبها بجنون أكبر.. واستمرت حنان في التحليق حول عاصم تستفز هذا الحب وتستثمر هذا العشق لصالحها.. فقد كان عاصم سخياً معها كريماً في تلبية طلباتها حنوناً في التخفيف عنها وفي التضحية لأجلها.. وانطلقت رصاصة الحقيقة.. فقد تحولت حنان بإرادتها من ملاك إلى شيطان تعبث به شياطين!!.. وكانت هي تطلب هذا العبث وتستلذ به وتبحث عن مصادره!!.. وكانت تبذل نفسها لغيرها في سخاء.. وتدمن داء الابتذال!!.. حتى افتضح أمرها وشاع خبرها وتناقل الناس سيرتها.. وانهار عاصم.. وبكى على صورة ذلك الملاك!!.. واستمرت حنان في عبثها وابتذالها.. فليس لداء الابتذال دواء!!

هذه ثلاث حقائق مؤلمة وقفت عليها وسمعت بعضاً من تفاصيلها.. وهناك حقائق أخرى تنتظر دورها لينكشف الغطاء عنها، ولتلسع أصحابها ومن حولها!!.. وهذه الحقائق جزء من عقيدة الحياة، وقدر من أقدار الله يصرفها كيف يشاء.. وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم.. وحتى يميز الخبيث من الطيب.. ويبقى الصبر خير علاج لحقائق الحياة!!

الدكتور خليل اليحيا

المشرف العام على الملتقى السعودي في أمريكا

[email protected]