في تعقيبه الفوري على العملية التي نفذها مقاتلوا حزب العمال الكردستاني قبل اسابيع هدد الرئيس التركي عبد الله غول بسحق التمرد الكردي مهما كلف الثمن.
بينما أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن الهجمات الدنيئة لحزب العمال الكردستاني لن تقوض وحدة الامة التركية وسلامتها.
في حين قالت الحكومة التركية في بيان رسمي quot;quot;سنواصل مكافحة الإرهاب في كل الظروف وبأولوية تسبق كافة القضايا الأخرى، وذلك عن طريق تعاون فعال بين أجهزة الدولة، وسنشرع في تطبيق إجراءتنا بكل تصميمquot;.
من هنا نرى بوضوح ان الرؤية الضيقة والعقلية التركية القديمة والالغائية هي التي تحكم حكومة رجب طيب أردوغان مثل بقية الحكومات التركية المتعاقبة وخصوصا في تعاملها مع القضية الكردية ndash; اوحتى مع مسألة ابادة الارمن - سواء تعلق الامر بأكرادها في كردستان التركية او بالأكراد الاخرين في سوريا والعراق وايران ويبدو جليا التوظيف المرتب والدقيق لعملية عسكرية بسيطة لمقاتلي حزب العمال الكردستاني،مقارنة بعمليات نوعية سابقة ادت الى سقوط عشرات القتلى في صفوف الجنود الاتراك خلال حملات الربيع المعروفة ورغم ان الصراع بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني شهد جولات اشرس وأعنف بكثير من تلك العملية ويعرف المتابع للشأن التركي تفاصيل أكثر حول هذا الصراع الدموي في مراحله المختلفة.
لقد أعلن حزب العمال الكردستاني ومن طرف واحد وقف اطلاق النار منذ1993 وحتى الان أكثر من مرة ولكن الحكومات التركية المتعاقبة رفضت ذلك وطالبت حزب العمال الكردستاني بحل نفسه اولا والاستسلام للسلطات التركية ورغم ان قياديين بارزين في الحزب اعلنوا استعدادهم لتنفيذ كل ما يطلب منهم ولكن بشروط ابرزها :
الاعتراف الرسمي والدستوري بالشعب الكردي
منح الاكراد حكما ذاتيا موسعا في المناطق الكردية
تعويض الاكراد المتضررين من جراء الصراع بين الاكراد والجيش التركي
اصدار عفو عام عن المقاتلين الاكراد والسماح لهم بممارسة النشاط السياسي
وقبل كل ذلك اصدار عفو خاص عن زعيم المقاتلين الاكراد عبد اوجلان المعتقل في سجن ايمرالي في تركيا
لكن الجيش التركي والسلطات التركية رفضت الشروط الكردية المعقولة جدا والتي ستؤدي فعلا الى وضع نهاية حقيقية للصراع الدموي المستمر منذ اكثر من عقدين من الزمن هذا الصراع الذي كلف تركيا وحتى الان وحسب تقديرات محايدة اكثر من 100 مليار دولار بالاضافة الى اربعين الف قتيل من الجانبين الكردي والتركي.
في السعي الى إيجاد حل معقول وتوافقي لهذا الصراع الكردي التركي لابد من العودة الى اطروحات الزعيم الكردي عبد الله اوجلان والملقب ب( آبو ) الذي كررأكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة ان الحل في يد الاتراك وفي داخل تركيا فقط وليس في الخارج ndash; في إشارة الى الاجتياحات التركية المتكررة لكردستان العراق وبموجب الاتفاق الذي وقعته انقرة مع بغداد في بداية التسعينيات حيث سمح بموجبها للقوات التركية بالتوغل داخل الاراضي العراقية ولمسافة 18 كم لملاحقة ثوار حزب العمال الكردستاني - وعلى الاتراك عاجلا ام آجلا الجلوس الى طاولة الحوار مع حزب العمال الكردستاني لإيجاد حل للقضية الكردية في تركيا حيث يعيش حوالي خمسة وعشرين مليونا من الاكراد وكل مايحتاجه االاتراك النظر الى المستقبل والى والامام وطي صفحة الماضي من اجل ان تكون تركيا وطنا ديقراطيا للجميع.
وفي حوار مع المناضل التركي مهري بللي قال اوجلان:
(لقد اوصل عملنا تركيا الى عتبة الديمقراطية وبات حزب العمال الكردستاني جزءا لا يتجزأ من العملية الديمقراطية في تركيا وان الحركة الوطنية الديمقراطية الكردية هي المنظور الديمقراطي لتركيا وهي محك ديمقراطيتها.
لايمكن للشعب التركي الاستغناء عن الشعب الكردي لانه بأمس الحاجة اليه حيث يجسد اعظم أمثلة التحالف بيقظته الوطنية الديمقراطية الكبيرة وبالتضحيات العظيمة التي يقدمها وهذا ما يجب احترامه وتقديره وتحيته)
.
مشكلة تركيا الحقيقية عدم قدرتها على تجاوز ماضيها الكمالي والانفتاح على نفسها اولا وعلى الاخرين ثانيا بغية الخروج من القوقعة الكمالية الى عوالم الديمقراطية والحرية والشفافية وهي على اعتاب استحقاقات داخلية وخارجية كثيرة مثل تغيير الدستور واعادة النظر في الهوية التركية والمحادثات مع اوربا من اجل الانضمام اليها وصمام الامان في كل ذلك تسوية المشكلة الكردية التي كلفت تركيا كثيرا من ظهورها وحتى الان.
لقد تغير حزب العمال الكردستاني كثيرا خصوصا في العقد الاخير واستطاع الى حد ما التجاوب مع المتغيرات التي طرات على المنطقة والعالم وتنازل الحزب عن شعاره الكبير quot; توحيد وتحرير كردستان quot; ولم يعد يطالب سوى بالحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية للأكراد في اطار وحدة التراب التركي في حين تراوح تركيا في مكانها.
ايجاد حل عادل للقضية الكردية ستكون صمام امان للدولة التركية الجديدة التي تسعى قيادات حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بناء اساساتها على انقاض تركيا الكمالية التي شكلت عبئا كبيرا على الشعب التركي و على كل شعوب المنطقة وفي المقدمة طبعا الشعب الكردي في كردستان تركيا.
وهذا الحل موجود في انقرة وليس في كردستان العراق كما تدعى قيادات الجيش التركي التي تسعى الى وقف عجلة الزمن وتوريط حكومة رجب طيب اروغان في صراع دموي جديد من توفير المناخ للانقضاض عليها.
مروان علي
bull;كاتب سوري
التعليقات