رسالة مفتوحة الى دولة السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي المحترم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.

ظروف صعبة رافقت وصول الزعامات العراقية الحالية الى رأس السلطة في العراق،و الفرصة نادراً ما تتكرر في حياة الزعماء او من يعتلي منصبا مهما في الدولة.لكن المتميز الكفوء يستطيع في المرة الاولى ان يثبت جدارته العالية ان كانت له جدارة المهمة وحسن الادارة وامانة الالتزام. لذا منهم من نجح،ومنهم من خاب واختفى او انزوى في مكان مجهول.لكن الاول لازال يكافح وينافح من اجل الوصول الى الهدف البعيد،لان في عقله وقلبه القيَمَ والانسان والوطن، والاخر،استقر بما تمكن به من نصيب لا يراه فيه الاخرون،وهو من الخاسرين. لكن هناك فرقا بين الاول والثاني،الاول بنى لنفسه بيتاً في قلوب الملايين،والثاني اكتفى ببيت هشٍ،لذا تراه قلقا يراقبه دون جدوى خوفا من الاخرين.

حين بدأت علامات الظهور باسقاط النظام السابق،تجمهر الكل في واشنطن ولندن وصلاح الدين،كل منهم يدلي برأيه وكيف سيكون اذا ما حصل التغيير.` كل منهم متحفز لأمل التغيير في بلد العراقيين،وفي مؤتمر لندن كنتم كلكم من المتسابقين،لتبنوا بيتا جديدا للعراقيين هكذا كنا نعتقد فيكم،وقلنا متى ليل الظلام ينجلي حتى نرى صدق ما تدعون..ولم تستمر الازمة طويلا حتى انفرج الامر وانبلج صبح المنادين واذا ابو تحسين رأيناه في بغداد يمزق بنعاله صورة الليل البهيم.

صحونا على صبح يختلف عن صبح السنين،أحقيقة هذا الذي نراه ام وَهمَ أحلام السنين،قالوا لنا صدقونا تغير الحال اليوم فالعراق اصبح للعراقيين، وسرعان ما راينا جند يا يلف علما عراقيا حول تمثال النظام ليسقطه الى ابد الابدين،رقصوا الناس حول تمثاله الساقط مؤملين خروجهم من نفق الظلم والظالمين.

وجاءت الانتخابات، تدافعت الجموع نحو صناديق الانتخاب في الداخل والخارج غير مبالية بالارهاب والاهابين.كنا في الخارج نتنافس كل منا يريد ان يصل الى صناديق الانتخاب والمُنتَخَبين،ولم نفكر من ننتخب سوى قوائم أرقام أُعدت سلفا ما سمعنا بها من قبل،لكننا كنا نعتقد أنهم كلهم من الوطنيين.الم يكن هم الذين افرزهم التغيير،وكان المُنتخب الجديد أول المتظاهرين،رافعا أصبعه البنفسجي ليعطي أشارة للمنتَخبين،لتغمس أصابعها بحبر البنفسج علها تعود بأمل الجياع والمحرومين.جرت الانتخابات،وتحدى الشعب قنابل التفجير والرافضين،فأدلى بصوته رغم أنف المُتحيرين.وانتهت الانتخابات واقفلت الصناديق التي صرف عليها ما يعادلها ذهباُ من أقوات المواطنين،وأذا بمُمثلينا كانوا في غالبيتهم ليسوا بمستوى طموح المُنتخبين،ولا احد اشرك من في الخارج من النابهين والمثقفين المخلصين،الا النزر القليل الذين اندسوا بغفلة الليل بين صفوف الوطنيين.اما نحن فلا نصيب لنا معهم،.قلنا لا يهمنا من جاء يمثل العراق مادام يريد ان يعمل من اجل الوطن والمواطنين،حتى لو حرمنا،لكن المهم قد تحرر الوطن من سلطة المغتصبين الذي عملنا من اجلها اكثر من عشرين سنة دون ان نحصل على ما حصل عليه الكثير من الاخرين.

والكلام والاسى والشجون تطول مثل عمر الزمن،ولكن هل نبقى مكتوفي الايدي منزوين مع الخائفين المترددين،لا أبدا شددنا أزرنا لان شعبنا محتاج اليوم لكل المخلصين،وأنتقلنا نتلمس دروب الحائرين،لنعمل يدا بيد من اجل العاملين الذين ازاحوا من اغتصب حقوق العراقيين.لكننا فشلنا ولم نفشل وسنبقى نصر على ان نسمع اصواتنا للحاكمين،الذين وعدونا بأمل المحررين.

ومهما يكن من آمر استبعادُنا من المساهمة في بناء العراق لظروف قاهرة قرضتها ظروف قاهرة املاها الزمن علينا،يجب ان لا نيأس وننزوي،بل يجب ان نعمل كما نحن اليوم،ونكافح وننافح بالقلم والرأي السديد الرصين مع المتفائلين حتى ينتصر العراق ويتغير لصالح الشعب والمخلصين،لمَ لا؟ لاننا لا نبغي ابدا مغنما مثل الطامعين. ألم نكن نحن من حملة الشهادات العالية وخبرة الادارة والتدريس ومن المخلصين،نقول لهم لماذا أضعتم حقوقنا،ألم نكم نحن من المساهمين العراقيين،لماذا الذين كانوا ضدنا، هم اليوم من المعتمدين، فقد عملنا في صفوفكم يوم كنتم تأملون تحرير الوطن مثل الوطنيين،وتشردنا واضعنا حقوقنا وعوائلنا والاخرين،وعملنا في الوطن العربي اكثر من عشرين سنة ونحن من المشرد ين،وبلدنا اليوم احوج الينا من اي وقت مضى،وها نحن نقول لكم ايها المسئولون حولوا اقوالكم الى اعمال ونحن حاضرون.أطلبوا كفاءاتكم تأتي اليكم لا تريد ان تشارككم مناصبكم،لكن تريد عيشا في الوطن الغالي مكرمين،كما كنتم من الواعدين،اذا وفرتم لهم أمنا وعيشا محترما مثل الاخرين،بعد ان اخذت دورهم رغما عنهم ليسكنها اليوم مغتصبيها نتيجة طائفية وعنصرية بغيضة اوجدها قلة من المنافقين،الكافرين بالله والشعب والمخلصين وهم عنها ناظرون،وانتم عنهم بعيدون.لا تترددوا معهم فهم من المخلصين فلا خيرفي مترددٍ بخاف القوي والزمن والاخرين.

هنا سيكونونك معكم،ان سمعتم اصوات المناضلين،سيكتبون،ويؤيدون ولا تهمهم أصوات الكثير من المعادين.لكن نريد منك ميثاقا للعاملين الصادقين،بعد ان اصبحت تزرع الخير في وطن العراقيين،ولا اغالي ان قلت وليس تقربا،أنك اصبحت هنا قناعة المقتنعين،وهذا اكبر مكسب حصلت عليه بعد ان كلفت بأدارة دولة العراق التي دخلت في نفق المعارضين،وعملت:

أماناً وأطمئناناً وتحاول ان تعمل كفاية وعدلا لكل العراقيين، وتخليص ا لوطن من العابثين، لكننا نلتمسُك برغبة المخلصين ان تعين لجانا محايدة نشطة عاملة من اجل تلبية مطالب المطالبين المظلومين لتظهر وبدون ابطاء حقوق العراقيين.

سواء من فصلوا سياسيا أو ابعدوا قسريا من المتطفلين،فلا زالت حقوقهم لم،

تعطى لهم رغم مرور الايام والشهوروطلباتهم بمستنداتها راقدة في اللجنة وربما ستطول سنين، نريد منك أرجاع المهجرين، وحماية المسيحيين فهم شعبنا من جذوره الاصليين،فهم ليسوا اقلية الا في رؤوس العنصريين، هم من سومر وكلدان وبابل والاشوريين، لا كما يدعي بعض المتسلطين،فرسان اليوم والراكعين على اكتاف الصنم البارحة من المعروفين، نريد منك ان لا تتنازل عن ارض العراقيين وان لا تفع فلسا واحدا لمن كتبوا على العراق ديون المليارات من الكاذبين، يريدون منك ماءً صافياًوكهرباء لتنور بيوتهم المظلمة اليوم وبيوت كل المحرومين، نريد منك عملا للعاطلين، نريد منك افراجا لكل النساء والاطفال والرجال من المسجونين الا من ارتكب جرما بحق الوطن والعراقيين، نريد منك ان تنتقي وفودا للخارج لا تهرول خلف الاخرين،ضعفاء،تعساء، خوفى من السارقين،شخصيات قوية مزودة بالعلم والمعرفة عارفين، نريد قضاءً عادلا ليؤمن العدل للمظلومين، نريد مساواة بين الرجل والمرأة مقوننة بقوانين العدل الالهي لنبني دولة مثل المجاورين.،لا نريد ان تضع معك من بنوا حجابا بينك وبين المواطنين من الافاكين الذي تكرشوا على حساب الوطن والوطنيين،،ويدعون انهم يمثلونك في الداخل والخارج وهم مكروهين لانهم من الكاذبين،أفتح تلفومك ساعة في اليوم للمواطنين واسمعهم مباشرة لتكون لك قناعة العادلين.ألم تريد ان تبني لك تاريخا مثل المناضلين.

اقولها صراحة لكم وبلا تقرب اذا سرت على منولك الحالي من مصلحة الناس ان تكون من المقربين،للنفس والفكر والضمير،وستبني لك بيتا في قلوب المخلصين وهنا سيشعرون انك اصبحت المنتظر الحكيم، لا ادري لماذا اغفلت تنا وكتاباتنا والاخرين،الم اقل لكم انهم ينوا سياجا بينك وبين الوطنيين.،نحن نريد من يكن حقانيا دائما لنا ولكن بقناعة وانتخاب المُنتَخبين،لماذا تركتمونا رغم الكتابة واشارات المصلحين.

ونريد منك شيئا اخر لينقلك الى مصاف القادة المجددين،لربما سيقفز العراق بكم مثلما بدأ يقفز اسمك من بين الحاكمين، نريد منك تحديدا لسلطات الدولة وحقوق الناس، نريد منك ان تعتمد في دولة العراق من آمنوا بالفكروالحرية والتقدم قدوة للعاملين، لننشأ جامعات ومعاهد تنتج لنا من الموسوعيين العلماء الذين يغيروا وجه التاريخ،مثلما غيرت فرنسا وآوربا وامريكا والاخرين،وبنت بلدانا نبراسا للحاكمين،فلا تعتمد الا من العالمين،فهل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون، حتى نشترك معا في صنع رؤية جديدة لمستقبل انسان العراقيين، قائمة على العقل والعلم والتجربة واخلاص المخلصين. نريد منك من يتخصص بالاطلاع على تجارب الامم من الموسوعيين لنوظفها في وطننا الكظيم،مثلما عملت ثورات المخلصين، نريد عصَر أنوار يحب الخير للبشر والانسان وكل العراقيين.ما عاش الا من كان مخلصا للناس ورب العالمين،الم يكن أهل البيت العظام واصحاب رسول الله(ص) مدرسة للحاكمين،الذين بقيت اسماؤهم محفورة عبر الزمن في قلوب وافكار المؤمنين.

علينا جميعاً ان نعلم ان البناء ليس كالتخريب فلا يأتي الا بالصبر والاناة والمثابرة والزمن، فهو كالعافية لا تأتي الا درجات.المهم ان نعزم ونبدأ ولا نبقى ننتظرها من القادمين،فأنت أولى بتحقيقها منهم.فنقطة بداية التحرك الفكري لا تاتي الا بظهورالعلم والعالمين، تعالَ ننشأٌ قاعدة جديدة للتفكير الواقعي المنطقي المنظم مثل المُنظمين،بعدها نحاول ان نحول المبادىء الى تشريعات ملزمة للتطبيق بالقانون مثل العادلين،ومثلما وصلتنا من المشرعين، حتى نكون وعاءً مفتوحا نستوعب تجاربنا من تاريخنا والاخرين. ادعوا الى المساواة في الحقوق والواجبات واعتمد المخلصين بالعقل والقدرة والاستطاعة،ولا يكلف الله نفساً الا وسعها،فقد خلق الله العقل ليحمي الانسان نفسه ومجتمعه من شرور الاثمين، ولك في رسالة الامام علي(ع) الى مالك الاشتر ورسالة عمر(رض) في القضاء مثالا يحميك من كل المناوئين.

امامك كركوك العربية، فهي عربية عراقية خالصة وموقفك المشرف منها يرنُ في أذان المخلصين،وتاريخها مكتوب ونحن اعلم بها منهم،سيكتب لك التاريخ موقفا يبقى مع الخالدين،وللعراق كله ولا تسمح بأنتزاع اراضيه ومياهه للاخرين،وعليك بأقليم الجنوب فلا تسمح بتمزيقه كما يريد بعض الطامعين،نريد منك منهجاً دراسياً قائماً على الثوابت الوطنية والوطنيين،ليكون منجزا وطنيا يسجل في سجل الخالدين،ليقرأه الطالب من الابتدائية الى الجامعة،ليكون جزءً من شرفه الوطني والذي يتمثل في ان الوطن ارضاًوشعباً،نفطاً ومالاً،حدودا ومياهاًمن المقدسات التي يجب ان لا تمس ولا تخترق فهي ملك الشعب لا بل هي ملك كل العراقيين.

وليكن عزاؤنا في التغيير الاخير ان اتاح لنا حرية النقد الحر الذي يخدم المصلحة الوطنية وما تنادي انت فيه في كل مناسبة تتحدث فيها للناس والسامعين.وان ليس كل من يقول رايا مغايرا لكم معادٍ للدولة بالضرورة وللحاكمين.

تحية للمخلصين العاملين بالصدق والاخلاص للوطن والشعب والمؤمنين،وليعلم كل واحد منا مسئول امام الله غدا فملاقيه،والعقل يعرف بفعاله وهو مضطر لقبول الحق.وتقبلوا منا خالص التقدير والاحترام.

د. عبدالجبار العبيدي

استاذ التاريخ الاسلامي بجامعة بغداد
والكويت وطرابلس الليبية سابقا
[email protected]