بعبارة بسيطة تعرّف الفيدرالية في الفقه السياسي على انها اتحاد مجموعة من الاقاليم او الولايات الواقعة ضمن الحدود الجغرافية لدولة ما. اما الكونفيدرالية فهي اتحاد دولتين او اكثر ضمن اتفاق مشترك تحدده معاهدة خاصة. مايتمخض عن هذين التعريفين انه في الاولى تتحد الوزارات التي تسمى سيادية من قبيل المالية والخارجية والدفاع والداخلية اما في الثانية فتحتفظ كل دولة بسيادتها على ارضها ووزاراتها من دون الحاجة لانصهارها في بوتقة واحدة.

هذه المقدمة البسيطة تقودنا الى تساؤل عراقي برئ فيما هو هل العراق بوضعه الحالي ونتيجة لتشريعات الدستور العراقي الملئ بالمفخخات الدستورية والعبارات الفضفاضة التي تُفسّر على عدة اوجه ووفقا على قاعدة quot;كل يغني على ليلاهquot;، هل هو فيدرالي ام كونفيدرالي؟! ان قلنا فيدرالي فمنطقة كردستان وحكومتها وبرلمانها يتصرّفون وكأنهم دولة ثانية ولايرتبطون بالعراق الا من ناحية قضم الدولة العراقية جغرافيا تدريجيا وحلبها ماديا! وان قلنا انها كونفيدرالية فلماذا تستخفّون ياساسة بعقول العراقيين ولاتعلنون اقامة quot;دولة كردستانquot; وتعلنون الانفصال جهارا بدلا من التخفّي وراء مناخيل لم تعد قادرة على حجب شمس الحقيقة؟!

مايمر به الاكراد اليوم من وضع مزري انما يعود الى نظرة قادتهم الذين يعيشون في الالفية الثالثة ولازالوا يحكمون بعقلية القرن الثامن عشر ومن المؤكد ان هذه العقلية ستجلب للاكراد جميعا الخراب والدماء وان طال الزمن. فماتقوم به هذه القيادة من استغلال واضح لضعف الدولة العراقية والعمل على استمراره مااستطاعوا واستغلال علائقهم المشبوهة مع الولايات المتحدة الامريكية هما الركيزتان الاساسيتان للتحرك الكردي باتجاه تحريف الفيدرالية الاعلامية الى كونفدرالية ميدانية! مايؤكد هذا التوجه هو سياسة منطقة كردستان المتمثلة بتوسيع رقعة الاقليم جغرافيا بحجة quot;التعريبquot; الذي قام به صدام حسين مرورا بانشاء برلمان وحكومة ووزراء وليس انتهاءا بتعيين سفراء وفتح قنصليات من دون مشورة ولارأي لاحد في بغداد. علاوة على ذلك ماتقوم به حكومة منطقة كردستان من اجراء الاتفاقيات والمعاهدات سواء الخاصة بها بالثروة النفطية العراقية او بالاعلان عن اجراء اتفاقيات امنية وانشاء قواعد عسكرية اميركية في المنطقة كل ذلك يؤكد ان القادة الكرد انما يسيرون ضمن خطة مبرمجة لتحويل علاقة بغداد باربيل وسليمانية من فيدرالية الى كونفدرالية.

ايضا منع الجيش العراقي من الاقتراب من اي منطقة تتواجد فيها مليشيا البشمركة يؤكد هذا التوجه خصوصا وان هذه القوات وان كانت تعتاش في علوفاتها على وزارة الدفاع العراقية ووزارة الداخلية الا انها لاتأتمر الا بأمرة قادتها البارزاني والطالباني. علاوة على ذلك فان حكومة منطقة كردستان لديها وزراء اكثر من وزراء الحكومة الفيدرالية في بغداد فضلا عن ان تلك الوزارات تماثل مافي بغداد من وزراء للمالية والخارجية والدفاع والداخلية وهو ماينافي ابسط مقومات وتعريفات الفيدرالية. كل ذلك يؤكد ان الخطة تسير وفق المنهج المرسوم لها!

يبدو ان مصداقية حكومة بغداد ومن خلفها كل التيارات والاحزاب والقوى قد باتت على المحك في اثبات وطنيتها من عدمها، وان اليوم وليس غدا يجب ان يحدد الدستور صراحة وجه العلاقة بين بغداد واربيل. كذلك يبدو ان اليوم وليس غدا افضل لفتح باب النقاش حول مواد الدستور ومفخخاته التي انما اوجدها القادة الاكراد تحت ذرائع الخوف من عودة الحكم الشمولي والديكتاتورية. فهل ستنجح القوى الوطنية في اجبار اربيل وسليمانية على تحديد هوية العلاقة بين الفيدرالية والكونفيدرالية ام سيتم التعتيم على القضية وفقا للمصالح الحزبية وتحالفات الصالونات السياسية؟ الجواب في رحم القادم من الايام!

رياض الحسيني

كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل

www.alhusaini.bravehost.com

www.riyad.bravehost.com