كما كان متوقعا رفض عبد الله بدوي رئيس وزراء ماليزيا الاستقالة من منصبه عقب النتيجة الهزيلة التي حققها ائتلاف الجبهة الوطنية الحاكم الذي يتزعمه في الانتخابات الأخيرة.


وتم تنصيب الرجل لولاية ثانية رغم النداءات التي طالبته أن يتحمل مسئولية النكسة التي تعرض لها الائتلاف الحاكم بفقدانه نسبة الثلثين التي كان يتمتع بها في البرلمان.


وبدا واضحا أن الائتلاف اعتمد سياسة الاستمرار بدلا من التغيير حرصا على وحدة الصف وعلى أساس أنه مازال يحتفظ بالأغلبية النسبية رغم فقدانه نسبة الثلثين التي كانت تتيح له تعديل الدستور وتمرير أي مشروع.
والحقيقة أن الائتلاف الذي يسيطر عليه الملايو حقق في الانتخابات الأخيرة أسوأ نتيجة له منذ 40 عاما بعد أن حصل على 139 مقعدا من أصل 219 هي مجموع مقاعد البرلمان.


أما المعارضة التي تضم الماليزيين المنحدرين من أصول صينية وهندية فقد حصلت على 82 مقعدا من بينها 31 مقعدا لحزب العدالة المعارض الذي يتزعمه أنور إبراهيم نائب رئيس الوزراء السابق، وتوزعت باقي المقاعد على حزبي العمل الديمقراطي والحزب الإسلامي.
كما فازت المعارضة بكل المقاعد تقريبا في العاصمة كولالمبور وولايتي سيلانجور وبينانج الصناعيتين كما سيطرت على مقاعد ولايات كيدا وبيراك وألحقت الهزيمة بوزراء خسروا مقاعدهم في البرلمان كوزيرة المرأة والأسرة ووزير الأشغال.

كانت النتيجة صدمة كبيرة لأنصار الجبهة الوطنية الذين اعتبروها أكبر هزيمة لهم منذ عام 1969 حين أخفقت الجبهة في الفوز بأغلبية الثلثين مما تسبب في حدوث أعمال عنف بين الأغلبية الملايوية والأقلية المنحدرة من أصول صينية وهندية.
نتيجة الانتخابات كان لها أكثر من دلالة..فقد أكدت رغبة الماليزيين في التغيير بعد أن تسببت سياسات عبد الله بدوي الذي تولى منصبه في عام 2003 في ارتفاع معدلات التضخم والجريمة واتساع نطاق التوترات العرقية.


كما أكدت فقدان الجبهة شعبيتها في صفوف الأقلية المنحدرة من أصول صينية وهندية والتي تشكل ثلث عدد سكان ماليزيا البالغ عددهم 26 مليون نسمة. ويشكو معظم هؤلاء من التمييز في المعاملة لصالح الملايو في الوظائف والتعليم والسياسة الدينية وعدم حصولهم على نصيب عادل في المناصب وعوائد التنمية.


و جاء تعاطف قطاع لا بأس به من الماليزيين مع أنور إبراهيم نائب رئيس الوزراء السابق وزعيم حزب العدالة المعارض بمثابة ضربة قاصمة للائتلاف رغم الحظر السياسي المفروض على الرجل بعد سجنه عشر سنوات في قضية متعلقة بالفساد.
أضف إلى ذلك أن عبد الله بدوي لا يتمتع بنفس الكاريزمة السياسية التي كان يتمتع بها سلفه مهاتير محمد قائد نموذج التنمية الاقتصادية الشهير في ماليزيا مما ساهم في فقدان الائتلاف الكثير من الأصوات.


والآن وبعد خسارته نسبة الثلثين وسيطرة المعارضة على خمس ولايات من أصل 13 ولاية أصبح الائتلاف الحاكم مطالبا بإجراء الكثير من المراجعات لمعالجة التداعيات الناجمة عن نكسة الانتخابات الأخيرة.


و السؤال الآن: هل سيتجاوز بدوي نكسة الانتخابات الأخيرة أم أن الوضع في ماليزيا مرشح لمزيد من التداعيات؟!

عبد العزيز محمود

* كاتب وصحفي من مصر
[email protected]