إهانة الإسلام لا تأتي دائماً من خارج أتباعه. المصيبة الأكبر حينما تأتي إهانة الإسلام من كبار الكُتاب في واحدة من أوسع الصحف الورقية إنتشاراً. تزاداد المصيبة ضخامة واتساعاً، حين يصمت بقية الكُتاب المثقفين، أو مَن بيدهم أمر السلطة الأدبية من أصحاب الفكر والثقافة والرأي أينما وجدوا.

في رمضان منذ خمسة أعوام مضت ـ 11 نوفبر 2003 ـ نشرت جريدة الأهرام المصرية مقالة صغيرة في باب ثقافة دينية للدكتور زغلول النجار قال فيها quot;إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاءquot;.


وقال الدكتور زغلول النجار: إن مجموعات من العلماء درسوا وتحققوا من صحة هذه النظرية المعملية الفذة، والتي بمقتضاها يطلب من كافة علماء الأمة أن يعيدوا حساباتهم العلمية والمعملية حتى يستخرجوا لنا ما لذ وطاب من تقدم علمي مخفي.


ضخامة المصيبة، أن بعدها أصبح للدكتور زغلول النجار مساحة كبيرة وثابتة في جريدة الأهرام المصرية. استمر يشرح فيها الجوانب العلمية ويربط العلم بالدين ويصدر الفتاوى الدينية. ولكي يزداد شهرة كان يدعم ما يقوله ببعض الهجوم على الإنجيل والتوراة. فهل هكذا تكون صنعة الطبيخ quot;العلمدينيquot; تحتاج إلى quot;بهاراتquot; وquot;مشهياتquot;؟


وفي مثل هذه الأيام من شهر سبتمبر وفي يوم الحادي عشر منه تمر علينا أيضاً ذكرى أكبر إهانة وهي عملية تدمير برجي التجارة العالمي في نيويورك. ذكرى 11 سبتمبر2001. وكم كانت الإهانة كبيرة حين قام رافعي شعار: quot;الإسلام هو الحلquot; بالتهليل والتكبير فرحاً بالخراب والدمار من أكبر كارثة دمار صنعها الإرهاب المنتمي إلى تيارات دينية إسلامية.

ثم أيضاً، آه على مقدار الإهانة التي لحقت بعالمنا وعلمائنا وعلومنا التي ندرسها لطلابنا في جامعاتنا.
فقبل رمضان الحالي ببضعة أيام يخرج علينا نقيب أطباء مصر المحروسة بفتوي quot;طبدينيةquot; مفادها: لا لتبادل الأعضاء بين المسيحيين والمسلمين.
تحول نقيب الأطباء إلى مفتي ديني في سابقة علمية طبية فتوية يمكن أن نطلق عليها: quot;الفتوى الطبدينيةquot;.
ولا تعليق أمام التخلف الطبي والمهني الذي نحياه ونتنفسه في الأخبار اليومية.

ولا يكاد يمر الأسبوع الأول من رمضان الحالي الكريم أيضاً، إلا ويخرج علينا كعادته أيضا زغلول النجار بمجموعة أخرى من الفتاوى quot;الطبدينيةquot; التي يُفحم ويُدضحت بها أعداء التفكير العلمي رافعاً صوت منهجه الترابطي العلمديني في جريدة المصري اليوم 5/9/2008.

يا سادة، يا كرام،
حتى متى نستمر في إهانة العلم وإهانة الدين بالترابط والتربيط بين الإثنين؟ والنتيجة الظاهرة للعيان والعميان: أن تخلفنا في العلم، وتدهورنا في الأخلاق، ولم نتقدم حتى في المظاهر الدينية. فمع انتشار الحجاب والنقاب واللحى وامساك المسابح زادت جرائم الشرف. ومع ازدياد الوضوء والصلاة زادت الأمراض والأوبئة.

أعزائي القراء، فتحت هذا الموضوع ولا أعرف كيف أغلقه، احتاج آرائكم الكريمة!!!!

لكن عزائي في مصابنا الأليم ما قاله المحترم الدكتور خالد منتصر في كتابه وهم الإعجاز العلمي ـ صفحة 164 ـ رداً على مثل هذه الخرافات:
quot;صدقوني أكبر ضرر على الإسلام أن يروج لمثل هذا الكلام.... والغرب لم يتقدم إلا بقراءة الواقع أولاً وليس بلوي عنق الواقع حتى يستجيب للنص، هم تقدموا لأنهم إستخدموا المنهج العلمي في التفكير وليس المنهج التخريفي في التفسير..quot;.
ويضيف قائلاً :
quot;حرام عليكم تغييب وإهانة للعقل فقطار التقدم والحضارة ترك محطتنا منذ زمن طويلquot;.


يا سادة،
حتى لا نُتهم بإهانة الإنسانية وحتى لا نزدري العقل والعلم والعمل، لقد تمادينا في مظاهر العبادة والتدين فقط.
علينا بالدفاع عن العقل والعمل والعلم واحترام حق الإنسان في أن يكون إنسان وليس مجرد رقم في قطيع.

أيمن رمزي نخلة
[email protected]