الصورة الأولى

quot;أحلف بالله والنبي السادات مو عربي quot; هكذا هتفنا في العام 1979 يوم زار أنور السادات اسرائيل. خرجنا من المدرسة بأمر من مديرها ووجدنا أمامنا المئات من الطلاب والطالبات. أيضا كان هناك المئات،بل الآلاف من العمال الذين تركوا مصانعهم،وأساتذة الجامعات الذين تركوا جامعاتهم،والمئات من الفلاحين الذين تركوا حقولهم ليهتفوا معنا quot; أحلف بالله والنبي السادات مو عربي quot;.
يتقدم صفوفنا أصحاب البدلات الزيتونية من quot; الرفاق quot; ويقف الى جانبهم رجال الدين من الشيعة والسنة. هؤلاء،أعني أصحاب البدلات الزيتونية ورجال الدين من الشيعة والسنة،لم يهتفوا مثلنا،إذ أن دورهم اقتصر على رفع شارة النصر!!.


لم نكن نحن في العراق وحدنا الذي هتفنا،بل كان العرب في أقطار الأمة جميعها يهتفون ضد السادات quot; خائن الأمة العربية quot;.
هتفنا وهتفنا وهتفنا الى أن انقطعت أنفاسنا،لكن السادات عاد من اسرائيل وعادت معه سيناء وطابا التي احتلتها اسرائيل في حروب سابقة. أعاد السادات سيناء وطابا الى مصر من دون قطرة دم على أساس اتفاقية السلام التي عقدها مع اسرائيل وكان يأمل فيها أن يعيد الأراضي الفلسطينية التي أحتلت بعد نكسة حزيران، وكذلك كان يأمل أن يعيد الجولان الى سوريا ضمن هذه الاتفاقية، لكن الأمة العربية بقادتها وشعوبها رفضت الاتفاقية.

الصورة الثانية

بعد زيارة السادات الى اسرائيل بسنوات ذهب الحسين بن طلال ملك الأردن الى اسرائيل وعقد معها اتفاقية سلام. خرجنا أيضا هاتفين : quot; يا حسين يا جبان يا عميل الاستعمار quot;.

الصورة الثالثة
سمعنا وقرأنا أن موريتانيا افتتحت سفارة لها في اسرائيل وبالمقابل افتتحت اسرائيل سفارة لها في موريتانيا. أيضا سمعنا وقرأنا أن تونس لديها علاقات مع اسرائيل، وكذلك المغرب، أما قطر فقد قرأنا وسمعنا أن لها علاقات تجارية مع اسرائيل وأن وزير خارجيتها يزور الدولة العبرية بين الحين والآخر.


الأغرب من هذا وذاك هو تصريح معمر القذافي رئيس الجمهورية العربية الشعبية الاشتراكية الديمقراطية العظمى الليبية (عذرا للتقديم والتأخير في ترتيب اسم هذه الجمهورية) الذي اقترح فيه اقامة دولة اسمها اسراطين يعيش فيها الشعب الفلسطيني الى جانب quot; شقيقه quot; الاسرائيلي، ذلك التصريح الذي لم يلتفت اليه العرب لأنه صدر من القذافي....


ليس هذا حسب، بل سمعنا وقرأنا عن زيارات سرية قام بها بعض المسؤولين العرب الى اسرائيل وبالعكس أيضا، ومصافحات بين مسؤولين عرب ومسؤوليين اسرائيلين.


بعد كل الذي سمعناها وقرأناها لم نخرج هاتفين،لكن رئيسنا المقبور كان ينهي خطاباته دائما وأبدا بهذه العبارة : عاشت فلسطين حرة عربية.

الصورة الرابعة

في بداية التسعينات وبينما كان الرئيس المقبور يهتف: عاشت فلسطين حرة عربية خرج الفلسطينيون على الأمة العربية باتفاقية أوسلو التي عقدوها مع الاسرائليين،تلك الاتفاقية التي فهمنا أن جولاتها السرية استمرت لمدة طويلة واتضح فيما بعد أنها لم تصل الى نصف ما أراد تحقيقه السادات للفلسطينين في العام 1979.


لم نخرج هاتفين فقد أتعبتنا الهتافات وحروب صدام الخاسرة، لكن صحف النظام وقناته التلفازية خرجوا علينا مطلقين على ياسر عرفات quot;خائن الأمة العربية quot;!

الصورة الخامسة

في العام 2000 اجتمع القادة العرب في مؤتمر القمة الذي عقد في بيروت. كان الهم الوحيد في هذه القمة هو مناقشة المقترح السعودي للسلام مع اسرائيل الذي تقدم به ولي العهد آنذاك الأمير عبدالله بن عبدالعزيز.
تبنى المؤتمر هذا المقترح وقامت الجامعة العربية بتقديمه الى اسرائيل، لكن اسرائيل رفضته فاسرائيل في العام 2000 ليست هي اسرائيل في العام 1979!!.

الصورة السادسة

اللقاءات والمفاوضات بين الفلسطينيين (أصحاب القضية) والاسرائليين متواصلة حتى يومنا هذا. أيضا تشير الأنباء الى أن مفاوضات سرية تجري بين الحكومة السورية والحكومة الاسرائيلية ولا ننسى أن نشير الى المفاوضات العلنية التي جرت بين الحكومتين في وقت سابق.

الصورة ما قبل الأخيرة

زار السياسي العراقي مثال الآلوسي اسرائيل للمشاركة في مؤتمر ضد الارهاب الدولي. كانت الزيارة العلنية الأولى لسياسي عراقي، إذ وبعد عودته من هناك أعلن الآلوسي عنها عبر وسائل الاعلام. الآلوسي كان يشغل حينها منصب النائب في حزب الدكتور أحمد الجلبي quot; المؤتمر الوطني quot;.


ردة الفعل الأولى من هذه الزيارة صدرت من الجلبي،إذ طرد الآلوسي من الحزب. على إثر ذلك شكل الآلوسي حزبا جديدا برئاسته أطلق عليه quot; حزب الأمة العراقية quot; وشارك في الانتخابات البرلمانية ليحصل على مقعد فيه،أما المفارقة الكبيرة فهي أن حزب الجلبي لم يحصل على أي مقعد في هذه الانتخابات!!


في هذاالعام 2008 كرر الآلوسي مجازفته، نعني زيارة اسرائيل، وأعلن عن ذلك وزاد عليها شرحه لأسباب المشاركة. ردة الفعل صدرت هذه المرة من البرلمان العراقي ليخسر الآلوسي حصانته الدبلوماسية بعد التصويت الذي جرى في قبة البرلمان العراقي،بل وصل الأمر الى أن بعضهم اتهم الآلوسي بالخيانة العظمى.

الصورة الأخيرة
لا نعرف في أي عام ستحدث هذه الصورة، لكننا على يقين تام أنها ستحدث. هذه الصورة ستتحدث عن اقامة علاقات دبلوماسية وتجارية وسياحية بين جميع أقطار الأمة العربية واسرائيل، وربما.. نقول ربما سيحلم جميعكم بزيارة اسرائيل.

طارق الحارس
[email protected]