وتتوالى الأيام اليوم تلو الآخر والعدوان الصهيوني في تصاعد مستمر على قطاع غزة المنكوبة حاصدا عبر آلته التدميرية من دبابات وطائرات مئات الشهداء والجرحى التي لا تحصى ولا تعد، بعد أن يمطر سماء الغزاويين بآلاف الصواريخ والقنابل المحرمة دولياً لتختفي معها ملامح الشهداء وملامح المدينة جغرافياً، فلا يستطيع بعدها المرء تمييز البيوت والجوامع والمدارس والمستشفيات من بعضها البعض لأنها أضحت ركاماً في ركام..

وتتعدد وتتكاثر في الأيام الأخيرة المؤتمرات والقمم العربية وكأنهم في سباق مع بعضهم البعض وتنافس بينهم لكي يحظوا فقط بأضواء الإعلام عبر الشاشات الفضائية، ولكن من دون جدوى ولا تقدم ملموس لأي حل لقمع سفك دماء الأبرياء من نساء وأطفال فقط تلكؤ ظاهر وواضح للعالم العربي والعالمي ومؤامرة كبيرة قد حيكت مسبقاً لإبادة هذا القطاع والشعب الفلسطيني المحاصر من كل الجهات..

وما أكثر الرؤساء والزعماء الذين يتكلمون ويعقدون المؤتمرات ويتبجحون بالنخوة العربية التي لديهم ويضحكون ويتسامرون ويتخمون وهم على كراسيهم متربعون يتظاهرون بالحزن والمسؤولية تجاه ما يحصل في غزة، وكل ذلك ما هو إلا نفاق وتخاذل ليتسنى للعدو الصهيوني حصد أكبر عدد ممكن من الشهداء العزل والمحاصرين في منازلهم وحتى في مراكز الأونروا التي يلجأون إليها هرباً وإحتماءً من الصواريخ الصهيونية، التي لا تميز بين مقاتل ومدني أو إنها تفعل ذلك عن سابق ترصد وتصميم بحجة المقاومين المتواجدين بين المنازل ولكننا لا نشاهد إلا الأطفال والنساء والشعب المدني الذي تحصده هذه الآلة الحربية الشرسة بما لديها من فارق القوة العسكرية بينها وبين إمكانات المقاومة الفلسطينية في داخل القطاع الصامد بفضل مشيئة الله وبسالة المقاومين..

والشعب العربي ثائر غضباً من حكامه ويعبر في كل البلاد العربية وباقي أنحاء العالم عن غضبه بالمظاهرات والإعتصامات لكن لا عين ترى ولا أذن تسمع لهؤلاء الحكام الذين تعودوا على رؤية الدماء البريئة، ولم يرف لهم جفن لمنظر الأطفال التي تنتشل كل يوم أشلاء وجثثا من غزة الصامدة ولكن كل ذلك سيبقى وصمة عار تدون وتحفر عل جباههم المدعية العروبة، وسيشهد التاريخ ويردد إسمهم بالخيانة والتخاذل والتجابن والعمالة مهما علوا وتكبروا فسيأتي يوم وينتصر فيه عدل الله على كل الظالمين....

وإذا كان سيتحقق وقف لإطلاق النار كما يزعمون من جهة واحدة وطبعاً من جهة العدو الصهيوني، فإن ذلك ما هو إلا إنتصار للمقاومة الفلسطينية التي تحدت أكبر وأقوى جيش عسكرياً في المنطقة والعالم بإمكانياتها المتواضعة، ولكي تتجنب القوى الصهيونية عددا أكبر من الخسائر التي حدثت وستحدث لها إن طالت هذه الحرب، فإنها بالنهاية هي الخاسرة الكبرى لأن الشعب الفلسطيني تعود على الظلم والقتل والتشرد منذ مئات السنين ولن يتراجع عن كرامته وأرضه مهما قتلوه ودمروه وسيحقق النصر في نهاية المطاف رغما عن أنف الصهاينة ومن خلفهم من العرب أيضا.

حنان سحمراني
[email protected]
http://hananhanan.maktoobblog.com/