وأنا أتجول في محل لبيع الكتب المستعملة سقط بصري على كتاب باللغة الانكليزية اسمه تشريح الواقع(Anatomy of reality) من تاليف جوناس سولك فاقتنيته. الكتاب في الحقيقة يحوي مجموعة مقالات او دراسات لتسعة باحثين. وطبعا كعادتي قبل البدأ بقراءة اي كتاب أتصفح عناوين فصوله فجذب انتباهي عنوان quot; العقل البشري في تطورquot; (Human mind in evolution) يتحدث فيه الكاتب عن نظرية النشوء والتطور الداروينية باسلوب الواثق من علميتها في تفسير الوجود رغم ان الأوساط الفكرية منقسمة بين من يؤيد وبين من يعارض النظرية حيث يعتقد الكثير ومنهم كاتب هذه السطور ان الادلة العلمية لاثبات النظرية غير دامغة وهناك كثير من الاسئلة التي لم تتم الاجابة عليها وبالتالي فهي غير مقنعة بشكل تستطيع معه اجتثات الدوكما الميتافيزيقية السائدة لتفسير الوجود والتي مصدرها الديانات التوحيدية.
لانريد الخوض في نظرية أخذت أكثر من حقها في الجدل الذي احتدم لعشرات السنين الا بقدر تعلقها بموضوع البحث. الآتي مقتطف مترجم من المقالة quot; من خلال قدراتي العقلية الطبيعية والتطورية استطيع تخيل كل الاشياء التي من الممكن اخذها بنظر الاعتبار عند التصدي لمعضلة الحالة غير المستقرة للوجود البشري. تدل المرحلة التي نجد انفسنا فيها نشبه أي كائن حي يمر في أدوار استحالة او تطور بيولوجي على اننا فعلا يمكن ان تكون لنا القدرة على معالجة المعضلة المتعلقة بالوجود البشري ويبدو ان هذه القدرة كامنة في تركيبنا الجيني. وقد نمتلك القدرة على الارتقاء من المرحلة الحالية الى مرحلة تطورية ارقى وان حصل هذا فعلا فسيحصل عن طريق تطور العقل البشري الذي بدوره سيوفر الدواء بدل ان يبقى السبب في الداء الذي يصيبنا حاليا. انبثقت هذه الفكرة من وجهة النظر القائلة بالتطور البيولوجي للأنسان وهي اكثر تفاؤلا من نقيضتها التي ترى الانسان عاجزا عن حل المشاكل الناتجة عن تطوره للتأقلم مع الواقع المتغير,مشاكل علاقته بالطبيعة , علاقته بالكرة الارضية, وعلاقته بابناء جنسه. بالوقت الذي أصبح المنقرض من الكائنات اكثر من الناجي والمتأقلم منها جسد الانسان اكثر الأنواع التي ولدتها عملية النشوء والتطور تقدماquot;.
لانريد الخوض في نظرية أخذت أكثر من حقها في الجدل الذي احتدم لعشرات السنين الا بقدر تعلقها بموضوع البحث. الآتي مقتطف مترجم من المقالة quot; من خلال قدراتي العقلية الطبيعية والتطورية استطيع تخيل كل الاشياء التي من الممكن اخذها بنظر الاعتبار عند التصدي لمعضلة الحالة غير المستقرة للوجود البشري. تدل المرحلة التي نجد انفسنا فيها نشبه أي كائن حي يمر في أدوار استحالة او تطور بيولوجي على اننا فعلا يمكن ان تكون لنا القدرة على معالجة المعضلة المتعلقة بالوجود البشري ويبدو ان هذه القدرة كامنة في تركيبنا الجيني. وقد نمتلك القدرة على الارتقاء من المرحلة الحالية الى مرحلة تطورية ارقى وان حصل هذا فعلا فسيحصل عن طريق تطور العقل البشري الذي بدوره سيوفر الدواء بدل ان يبقى السبب في الداء الذي يصيبنا حاليا. انبثقت هذه الفكرة من وجهة النظر القائلة بالتطور البيولوجي للأنسان وهي اكثر تفاؤلا من نقيضتها التي ترى الانسان عاجزا عن حل المشاكل الناتجة عن تطوره للتأقلم مع الواقع المتغير,مشاكل علاقته بالطبيعة , علاقته بالكرة الارضية, وعلاقته بابناء جنسه. بالوقت الذي أصبح المنقرض من الكائنات اكثر من الناجي والمتأقلم منها جسد الانسان اكثر الأنواع التي ولدتها عملية النشوء والتطور تقدماquot;.
ليس من السهل القول ان الانسان قادر أو عاجز عن حل المشاكل الناتجة عن تطوره للتأقلم مع الواقع المتغير خصوصا اذا أضفنا العامل الروحي للمعادلة لان الجواب تقرره نتيجة صراع غريزتي الخير والشر داخله فان انتصر الخير فسيكون قادرا على حل هذه المشاكل وان حصل العكس فانه لامحال هالك وقد تكون الثانية هي الأرجح مثلما سيأتي ذكره.
لذا فمن السذاجة تصديق نبوءة الكاتب الذي يعتقد ان الانسان ومن خلال عملية التطوروالتاقلم البيولوجي المستمرة يمكن ان يصل الى حالة أشبه بانسان آلي يستطيع أصلاح عطبه أو من هم حوله بنفسه حيث ان هناك قدرات جينية كامنة تمكنه من ذلك كالقدرات الجينية التي عند الضفادع والتي تحولها من شكل الى آخر أثناء عملية أدوار الأستحالة البيولوجية وهو بذلك لايختلف كثيرا عن المفكرين البراكماتيين فهم يعتقدون ان الانسان كان مقيدا (مسيرا) لكنه أستطاع ومن خلال عملية التطورهذه كسر قيود التسيير وولج عالم الحرية والتخيير وبدا يؤثر في مجرى احداث الكون. هذا الكون ,كما يعتقد اصحاب النظرية البراكماتية (Pragmatism) , لازال بعيدا عن الكمال انما هو في أحد أطوار التكوين كذلك ولكن تطوره الايجابي غير مضمون.
وعلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية فان quot;الجبريةquot; أول من قال بفكرة التسييرفي التاريخ الأسلامي وهي مذهب يؤمن أتباعه بان الانسان مسير غير مخيروكان واحد من مذاهب فكرية عديدة تقول العكس نشأت في القرن الأول الهجري, أنصاره قليلون لكن تبناه من كانت لهم اهداف سياسية لاضفاء الشرعية على عروشهم التي اغتصبوها اغتصابا ولتبريرهم للجرائم التي ارتكبوها بحق الآخرين ورغم ان البراكماتيين ,الذين هم من أشد أنصارنظرية النشوء والتطور, لا يبنون أفكارهم الا على أسس علمية كما يدعون لكنهم هذه المرة بنوها على أساس افتراضي غير علمي لانهم ماكانوا سيأتون بجديد لو انهم بنوا نظريتهم على اساس الافكار quot;القدريةquot; التي تقول بحرية الارادة للانسان وبالتالي فانه وحده من يتحمل مسؤولية عواقب افعاله رغم ان هذا هو المفهوم السائد عند أغلب مفكري هذا العصر لانه يتفق مع افكار جون لوك حول ما أطلق عليهquot; الحقوق الطبيعية للانسانquot;.
غالى البراكماتيون في وصف انتصار الانسان الاسطوري على قيوده الوهمية وادعوا اكتشاف القدرة العقلية البشرية على أقلمة وتكييف الأنسان مع الطبيعة أو تكييف الطبيعة مع الأنسان وكأن الأنسان وجد نفسه فجأة في بيئة أو طبيعة شكسة لاتلائمه ولاتحمي جنسه من الانقراض.
اما بالنسبة لقولهم في ان الكون غير مكتمل وهو في أحد أطوار النمو وان تطوره الايجابي غير مضمون فانه ينطبق على عقل الانسان أكثر منه على الكون لذا من الممكن القول quot;ان عقل الانسان في حالة تطور مستمرة ولكن تطوره بشكل ايجابي يضمن استمرار الوجود غير مضمونquot; وبالتالي فان تطوره قد لايؤدي بالضرورة الى القدرة على اصلاح العطب, كما يتنبأ به كاتب المقال, بل قد يؤدي الى تدمير الانسان نفسه خصوصا وانه (أي الأنسان) ميال للعنف والجريمة هذا العنف الذي اخذ شكلا أكثر خطورة ودمارا عندما تحول بفضل التطور العقلي من عنف فردي محدود باسلحة بدائية الى عنف جمعي وطني أو قومي باسلحة دمار شامل فتاكة.
لذا فمن السذاجة تصديق نبوءة الكاتب الذي يعتقد ان الانسان ومن خلال عملية التطوروالتاقلم البيولوجي المستمرة يمكن ان يصل الى حالة أشبه بانسان آلي يستطيع أصلاح عطبه أو من هم حوله بنفسه حيث ان هناك قدرات جينية كامنة تمكنه من ذلك كالقدرات الجينية التي عند الضفادع والتي تحولها من شكل الى آخر أثناء عملية أدوار الأستحالة البيولوجية وهو بذلك لايختلف كثيرا عن المفكرين البراكماتيين فهم يعتقدون ان الانسان كان مقيدا (مسيرا) لكنه أستطاع ومن خلال عملية التطورهذه كسر قيود التسيير وولج عالم الحرية والتخيير وبدا يؤثر في مجرى احداث الكون. هذا الكون ,كما يعتقد اصحاب النظرية البراكماتية (Pragmatism) , لازال بعيدا عن الكمال انما هو في أحد أطوار التكوين كذلك ولكن تطوره الايجابي غير مضمون.
وعلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية فان quot;الجبريةquot; أول من قال بفكرة التسييرفي التاريخ الأسلامي وهي مذهب يؤمن أتباعه بان الانسان مسير غير مخيروكان واحد من مذاهب فكرية عديدة تقول العكس نشأت في القرن الأول الهجري, أنصاره قليلون لكن تبناه من كانت لهم اهداف سياسية لاضفاء الشرعية على عروشهم التي اغتصبوها اغتصابا ولتبريرهم للجرائم التي ارتكبوها بحق الآخرين ورغم ان البراكماتيين ,الذين هم من أشد أنصارنظرية النشوء والتطور, لا يبنون أفكارهم الا على أسس علمية كما يدعون لكنهم هذه المرة بنوها على أساس افتراضي غير علمي لانهم ماكانوا سيأتون بجديد لو انهم بنوا نظريتهم على اساس الافكار quot;القدريةquot; التي تقول بحرية الارادة للانسان وبالتالي فانه وحده من يتحمل مسؤولية عواقب افعاله رغم ان هذا هو المفهوم السائد عند أغلب مفكري هذا العصر لانه يتفق مع افكار جون لوك حول ما أطلق عليهquot; الحقوق الطبيعية للانسانquot;.
غالى البراكماتيون في وصف انتصار الانسان الاسطوري على قيوده الوهمية وادعوا اكتشاف القدرة العقلية البشرية على أقلمة وتكييف الأنسان مع الطبيعة أو تكييف الطبيعة مع الأنسان وكأن الأنسان وجد نفسه فجأة في بيئة أو طبيعة شكسة لاتلائمه ولاتحمي جنسه من الانقراض.
اما بالنسبة لقولهم في ان الكون غير مكتمل وهو في أحد أطوار النمو وان تطوره الايجابي غير مضمون فانه ينطبق على عقل الانسان أكثر منه على الكون لذا من الممكن القول quot;ان عقل الانسان في حالة تطور مستمرة ولكن تطوره بشكل ايجابي يضمن استمرار الوجود غير مضمونquot; وبالتالي فان تطوره قد لايؤدي بالضرورة الى القدرة على اصلاح العطب, كما يتنبأ به كاتب المقال, بل قد يؤدي الى تدمير الانسان نفسه خصوصا وانه (أي الأنسان) ميال للعنف والجريمة هذا العنف الذي اخذ شكلا أكثر خطورة ودمارا عندما تحول بفضل التطور العقلي من عنف فردي محدود باسلحة بدائية الى عنف جمعي وطني أو قومي باسلحة دمار شامل فتاكة.
واما قول الكاتب quot;ان الأنسان أكثرالانواع التي ولدتها عملية النشوء والتطور تقدماquot;
فهو لايدل على فتح فكري جديد انما هو انتحال لفكرة دينية تقليدية فالكاتب يعيد خزن نبيذ عتيق في زير جديد. الم تقل الديانات ان الاله خلق الانسان على افضل شكل او على صورة الاله نفسه وتم تفضيله على كل المخلوقات؟.
يبدوا ان البعض من المفكرين يميل الى الانتقائية للحد الذي أهمل بعضهم أهم نتاجات مؤسس الفلسفة المعاصرة ديكارت لأنها تقترب من بعض الطروحات الدينية حيث يعتقد ديكارت وكما ذكرنا في مقالات سابقة ان الانسان يولد ومعه كل الافكار كامنة فيه (أو لعل هذا ما يطلق عليه كاتب المقال موضوع البحثquot;القدرة الكامنة في تركيبنا الجينيquot;) لكن الخالق,والقول لديكارت, لايكشفها له كلها مرة واحدة بل يكشف بعضها وعلى فترات متفاوته ( وما أعطيتم من العلم الا قليلا).
فهو لايدل على فتح فكري جديد انما هو انتحال لفكرة دينية تقليدية فالكاتب يعيد خزن نبيذ عتيق في زير جديد. الم تقل الديانات ان الاله خلق الانسان على افضل شكل او على صورة الاله نفسه وتم تفضيله على كل المخلوقات؟.
يبدوا ان البعض من المفكرين يميل الى الانتقائية للحد الذي أهمل بعضهم أهم نتاجات مؤسس الفلسفة المعاصرة ديكارت لأنها تقترب من بعض الطروحات الدينية حيث يعتقد ديكارت وكما ذكرنا في مقالات سابقة ان الانسان يولد ومعه كل الافكار كامنة فيه (أو لعل هذا ما يطلق عليه كاتب المقال موضوع البحثquot;القدرة الكامنة في تركيبنا الجينيquot;) لكن الخالق,والقول لديكارت, لايكشفها له كلها مرة واحدة بل يكشف بعضها وعلى فترات متفاوته ( وما أعطيتم من العلم الا قليلا).
ان العلم هو سلاح ذو حدين وله تطبيقات مزدوجة متناقضة أحدها خير(بتشديد الياء) والآخر شرير فالى متى يستطيع الانسان كبح جماح الغرائز الشريرة الكامنة فيه والامتناع عن أستعمال العنف لارضائها ويوظف العلوم الناتجة عن تطوره العقلي في الخير( لاصلاح عطبه ومن حوله) فقط والى الأبد؟ لكن اذاما انفلتت شهوة النزوع الى العنف من عقالها فانها يمكن ان تؤدي ليس الى انقراض الجنس البشري فحسب بل تدمير الوجود برمته ولابد لها ان تنفلت يوما لان quot; اذا أمكن لشيء أن يتعطل فحتما سيتعطلquot; (أدورد مورفي).
من يدري؟ فاذا صح مايذهب اليه ديكارت, فلعل الأله يكشف لنا بعض العلوم ويترك لنا الخيار في استعمالها حيث ان لكل العلوم استعمالات مزدوجة ,كما أسلفنا, وهو يعلم اننا سنوظفها لغاياتنا الشريرة التي بدورها ستقضي على الوجود يوما ما فتحقق غاية الخالق ووعده لنا في نهاية الكون (حسب التنبؤات الدينية) و ستكون النهاية على ايدينا أو نتيجة لتطورنا العقلي فنكون كآدم عندما أراد الاله ان يطرده من الجنة فخيره في البقاء هناك ونهاه من الاقتراب من التفاحة وهو يعلم ان آدم ما كان بامكانه مقاومة اغراء غريزة الفضول وحب الاستطلاع فاكلها فطرده منها فاثبت الاله لآدم بالتجربة انه لايستحق البقاء هناك في الجنة كي لايبقى لديه شك في عدالة الخالق ولو كان طرده منها دون سبب لصار من الصعب الاقتناع بعدالة السماء. قد يقول قائل ليس هناك من دليل علمي يدعم هذه النظرية لكن ليس هناك من دليل يدحضها أيضا وعدم وجود الدليل ليس دليلا على عدم الوجود.
أنا غير متأكدا من أن حال الانسان أفضل الآن من حاله قبل آلاف السنين التي مضت بفضل عملية النشوء والتطور لكني متأكد ان السلاح النووي والبيولوجي أكثر فتكا بآلاف المرات من الرمح والسيف والسهم وان درجة الحرارة ارتفعت كثيرا على كوكبنا وبالتالي أصبحت الكوارث الطبيعية أكثر حدوثا وأشد دمارا وأجيال جديدة ولدت من الفيروسات والجراثيم أكثر فتكا لانها كيفت نفسها ودرعتها ضد مضاداتنا الحيوية واصبحت تستطيع الانتقال من مكان الى آخر بسرعة فائقة نتيجة لتطور وسائط النقل واعرف ان غريزة الشر لدينا طورت أنظمة افتصادية جائرة يموت بسببها الآلاف يوميا جراء الحروب أو الجوع أو السمنة المفرطة رغم ان خيرات الارض تكفي لاضعاف عدد سكانها الحالي.
في نهاية الموضوع اريد ان انوه الى انه لايمكن استعمال المعايير المادية بمعزل عن المعايير الروحية أو العكس للاجابة على كل الاسئلة المتعلقة بالوجود.
لكن هناك عدة عوامل يمكن ان تكون وراء نزعة النفور المرضية من كل ماهو روحي الى ماهو مادي من أهمها النتاج الفكري الذي ورثناه من مفكري عصر النهضة الذين تولدت لديهم فوبيا من كل ما هو روحي نتيجة الاظطهاد الذي مارسته الكنيسة متمثلة برجالها ضد العلم والعلماء في أوربا القرون الوسطى فجعلهم يحتضنون اي نتاج فكري مادي يتعارض مع الدين ويصفونه بصفة العلمية اضافة الى التطرف الديني الذي نشهده هذه الأيام وخلو الساحة الفكرية المعاصرة من فلاسفة ولاهوتيين كبار كالقديس اوغسطين والقديس توما الاكويني والحسن البصري والامام الغزالي وابن سينا وموسى بن ميمون...الخ. ملأ هذا الفراغ ثيولوجيون من ضيقي الافق الذين يهاجمون ويسخرون من كل نظرية فكرية او تفسيرا علميا للظواهر لايتلائم مع تفسيرهم الروحي لها ويعزون كل كارثة طبيعية او مشكلة انسانية الى غضب الآلهة للحد الذي افقد المعسكر الروحي المعاصر عقلانية الجدل.
تلافيا للسقوط في فخ الحزبية أو الاستقطاب نحو أحد المعسكرين (المادي والميتافيزيقي), يفترض بالباحث ان يجهد نفسه في التزام الحيادية ويضع تجاربه الشخصية جانبا كي لاتؤثر على نتاجاته عند تناوله مواضيع هامة وخطيرة تمس بشكل مباشر عماد الهيكل الفكري للانسان والا فان بحثه يصبح مجرد لغو أو بذخ فكري.
في نهاية الموضوع اريد ان انوه الى انه لايمكن استعمال المعايير المادية بمعزل عن المعايير الروحية أو العكس للاجابة على كل الاسئلة المتعلقة بالوجود.
لكن هناك عدة عوامل يمكن ان تكون وراء نزعة النفور المرضية من كل ماهو روحي الى ماهو مادي من أهمها النتاج الفكري الذي ورثناه من مفكري عصر النهضة الذين تولدت لديهم فوبيا من كل ما هو روحي نتيجة الاظطهاد الذي مارسته الكنيسة متمثلة برجالها ضد العلم والعلماء في أوربا القرون الوسطى فجعلهم يحتضنون اي نتاج فكري مادي يتعارض مع الدين ويصفونه بصفة العلمية اضافة الى التطرف الديني الذي نشهده هذه الأيام وخلو الساحة الفكرية المعاصرة من فلاسفة ولاهوتيين كبار كالقديس اوغسطين والقديس توما الاكويني والحسن البصري والامام الغزالي وابن سينا وموسى بن ميمون...الخ. ملأ هذا الفراغ ثيولوجيون من ضيقي الافق الذين يهاجمون ويسخرون من كل نظرية فكرية او تفسيرا علميا للظواهر لايتلائم مع تفسيرهم الروحي لها ويعزون كل كارثة طبيعية او مشكلة انسانية الى غضب الآلهة للحد الذي افقد المعسكر الروحي المعاصر عقلانية الجدل.
تلافيا للسقوط في فخ الحزبية أو الاستقطاب نحو أحد المعسكرين (المادي والميتافيزيقي), يفترض بالباحث ان يجهد نفسه في التزام الحيادية ويضع تجاربه الشخصية جانبا كي لاتؤثر على نتاجاته عند تناوله مواضيع هامة وخطيرة تمس بشكل مباشر عماد الهيكل الفكري للانسان والا فان بحثه يصبح مجرد لغو أو بذخ فكري.
التعليقات