الخطوة الانسانية النبيلة التي أقدمت عليها الحکومة العراقية بالافراج عن الرهائن ال36 من منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة والذين تم إعتقالهم إثر الاحداث المؤسفة التي وقعت في الآونة الاخيرة بين السلطات العراقية من جهة و أفراد المنظمة المستقرين في معسکر أشرف، من جهة أخرى، أثلجت صدور المنظمات و الهيئات المختصة بحقوق الانسان کما أدخلت الفرحة في قلوب کل المناصرين و المؤيدين لمنظمة مجاهدي خلق الايرانية بشکل خاص و المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بشکل عام وأعادت الاعتبار و الثقة مرة أخرى بفاعلية و أهمية و نفاذ القرار الصادر عن القضاء العراقي.
ان إذعان حکومة السيد نوري المالکي للأمر الواقع و خضوعها لقرار قضائي صادر من محکمة عراقية في قضاء الخالص، يدل على حقيقة مهمة و حيوية و بالغة الاهمية وهي أن عراق مابعد نظام الدکتاتور المقبور قد بدأ ينضو عن نفسه دثار و مظاهر الاستبداد و طفق يخطو و بشکل واقعي بإتجاه الاعداد لبناء عراق جديد تتکافل فيه المقومات الاساسية لبناء المؤسسات الخاصة بنظام ديمقراطي حقيقي يسود فيه اولا وقبل أي شئ آخر مبدأ سيادة القانون و سريانه على الجميع من دون إستثناء أو مواراة أو محاباة ولعل الحکومة العراقية قد ضربت بذلك مثلا بليغا لکل الاوساط السياسية و الاعلامية العربية وحتى الاسلامية التي سعت و تسعى دونما کلل للإيحاء بفوضى النظام السياسي في العراق وعدم وجود أي أساس أو مرتکز قانوني يمکن الرکون إليه وبهذا فقد حققت حکومة السيد نوري المالکي هدفا قويا و(قاتلا)في مرمى خصومها و منائيها و عذالها وأثبتت للجميع أن القرار السياسي الهام يصدر بناءا على مقتضيات و مصلحة وامن الشعب العراقي قبل أي أمر أو إعتبار آخر.
منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة التي أبلت بلائا حسنا في مقارعتها للإستبداد الشاهنشاهي أيام کانت ايران تقف مواقف بالغ العدائية ضد العرب وتقارع الدکتاتورية الملکية و ظلمها، هي نفس منظمة مجاهدي خلق التي تخوض نضالا و کفاحا ضاريا ضد تسلط و إستبداد رجال الدين في طهران و ظلمهم و إجحافهم بحق عموم الشعب الايراني وکما کانت في عهد الشاه مناصرة و مؤيدة و قريبة من العرب و قضاياهم المصيرية، فإنها اليوم على سابق عهدها و تؤکد دوما وفي مختلف المناسبات على أهمية توثيق و توطيد علاقاتها مع العرب، وانه لمن العبث و الجنون التفريط بهکذا ورقة ضغط مهمة و فاعلة على نظام يسعى بمختلف الاشکال و الطرق للنيل من السيادة العراقية و التجاوز على الامن القومي العراقي وانه وفي الوقت الذي تسعى فيه الحکومة الايرانية و بکل ماأوتيت من أجل الضغط على الدول الغربية لکي لاتستخدم ورقة مجاهدي خلق ضدها، فإنه حري على الحکومة العراقية و القوى الوطنية العراقية بمختلف تياراتها و مشاربها أن تأخذ هذه الحقيقة على محمل الجد وتدرس مختلف جوانبها و تداعياتها و آفاقها الرحبة وليست تفرط و بشکل غير مجدي او مدروس بهکذا قوة أثبتت فاعلية دورها إبان الاحداث الاخيرة في إيران وان على حکومة السيد نوري المالکي أن تدرك بجلاء أنه ليست هنالك أية دواعي أو أسباب تدفع المنظمة لکي تعادي الشعب العراقي و حکومته و قواه السياسية وان عدوها الحقيقي الوحيد هو ذلك الرابض على صدر الشعب الايراني المغلوب على أمره والذي يدفع من دون وجه حق ضريبة مغامرات النظام في مواجهة المجتمع الدولي وان على الحکومة العراقية أن تستلهم الدروس و العبر البليغة من المواقف الصلبة و المبدأية للأفراد الستة و الثلاثين من المنظمة الذين خاضوا إضرابا فريدا من نوعه في سبيل إيمانهم بحقانية قضيتهم و کانوا قاب قوسين أو أzwnj;دنى من الموت وان هکذا أناس مبدئيين و صادقين في مواقفهم الوطنية ليس بالامکان أبدا أن يصبحوا يوما من الايام مجرد قنابل بشرية صماء من دون إحساس إنساني کتلك التي کانت تعد في معسکرات بالقرب من الحدود العراقية و ترسل الى العمق العراقي و العربي.
التعليقات