خلال ساعات قليلة حسم الإسرائيليون أمرهم و غيروا قواعد اللعبة و أنتخبوا أحزابهم المفضلة شعبيا و الذين تتناسب برامجهم مع طبيعة المرحلة الراهنة و عملية إدارة الصراع الإقليمي، بل و ظهرت النتائج خلال نفس الليلة دونما تشكيك و لا مراقبين دوليين و لا تدخل من دول الجوار أو الإقليم و بدون أن توزع ( تسيفي ليفني ) أو ( نتنياهو ) أو ( ليبيرمان ) أو ( باراك ) البطانيات أو الهدايا النقدية و العينية و من دون الحصول على موافقة و مبايعة المرجعية الحاخامية أو قضاة بني إسرائيل!! فكل شيء تم بسلاسة مدهشة بالنسبة لعالمنا العربي ! و كل المهمات أنجزت في وقت قصير، وكل مواطن تحمل مسؤوليته الكاملة بل أنه حتى عرب إسرائيل تمكنوا من رفع صوتهم و إيصال ممثليهم للكنيست وحصلوا على عدد من المقاعد تقترب عدديا من تلك التي حصل عليها الحزب المتطرف ( إسرائيل بيتنا )!!، في الجانب الآخر نتذكر أنه قد تمت قبل أسبوعين من الإنتخابات التشريعية الإسرائيلية إنتخابات للمجالس المحلية في العراق لم تظهر نتائجها النهائية بعد!!

رغم أننا نعيش في عصر الحواسيب العملاقة و مرحلة الثورة العلمية الكبرى! وقيل خلالها و إن لم يتم تأكيد ذلك بعد رسميا بأن الأحزاب الدينية و الطائفية المتخلفة في العراق وهي في مجموعها أحزاب ذات ولاءات خارجية أو متخلفة بشكل زاعق قد تراجعت حظوظها رغم أنه في المحصلة العامة لا يوجد أي تراجع فعلي بل تغيير بسيط في النسب لا يعكس حقيقة وجود أي متغيرات حقيقية في الوضع العراقي الكئيب الذي تهيمن عليه تلك الأحزاب و خلفها النظام الإيراني مستغلين حالة الديمقراطية الهشة و المستحدثة و بساطة التيار الأكبر من الشارع العراقي الذي لا زال يعيش للأسف عصر الفتنة الكبرى بل أن نموه توقف بالكامل عند العصر الأموي الأول بل أنه بفضل العمائم المسيسة و التي تعتمد في وجودها على خرافات التاريخ و أساطيره لا زال يعيش في عصر السقيفة الأولى و صراعات قريش..!

و لا ينتظر أن تتغير نتائج الإنتخابات التشريعية القادمة أواخر العام الحالي عن النتائج السابقة لأن الوعي المعرفي و السياسي لغالبية البسطاء في العراق لم يتغير أبدا، كما أن رداءة إدارة السلطة و الإغراق في الطقوس الدينية و المذهبية قد حول العراق لمأتم كبير فكل يوم عاشوراء!! كما يقول أهل الحكم ؟ و إلا فبربكم هل من المعقول أن تجند كل إمكانيات الدولة العراقية الأمنية و العسكرية و فرق القناصة و القوات المحمولة جوا لحماية الزوار القادمين مشيا على الأقدام في أكبر ماراثون بشري و جماعي!!، وهل من المعقول أن تعطل المدارس و المؤسسات و يترك الطلبة مدارسهم و العمال مصانعهم ( هذا إن كانت هنالك ثمة مصانع )!! للمشاركة في مهرجانات اللطم الشامل و العويل الكامل!!

و إعداد حفلات طبخ القدور في الفيافي العراقية و توزيع الهريسة بالمجان!! وهي أمور لم تحدث لا في بلاد السند و الهند و لا في إيران ذاتها وحيث يحتفل الشعب الإيراني بقيادته الدينية ووليه الفقيه بأعياد نوروز القومية أكثر بكثير من إحتفالهم بأي عيد إسلامي!! وحتى المناسبات الدينية الحزينة يقومون بها من دون تدخل وحجز كل إمكانيات الدولة الأمنية و العسكرية و الإستخبارية!!.. أما في العراق فإن التطرف قد وصل مداه في كل شيء!


فها هي ملايين الدولارات قد صرفت على مفوضية الإنتخابات مع تصاعد الشكاوي المريعة من تزوير و تجاوز و شطب لناخبين و حرمان لآخرين!!، وهاهي نتائج الفرز تتأخر بشكل هزلي من أجل فرز مجموعة من الممثلين المحليين للمحافظات لن تغير إنجازاتهم صورة البؤس و الفقر في المدن العراقية، فالبلاليع و المجاري ستظل سيدة الموقف!! و الروائح النتنة ستظل وحدها شاهدة على إنجازات أحزاب التطيف!! و المشاريع الوهمية و الإختلاسات ستظل سيدة الموقف!!،

وقد أثبتت الأحزاب العراقية التعبانة جميعا على مسخرة الحياة الديمقراطية المزيفة في العراق، لقد إنجز الإسرائيليون إستحقاقهم الشعبي بسرعة وحسم بينما ظل العراقيون يتصارعون على جنس الملائكة وعلى أسرع الطرق لتعلم اللطم و ضرب التطبير في أسبوع!! و للإستفادة من الزنجيل و الزنجبيل و الهريسة في تطوير النظام العالمي الجديد... و يبدو أن النتائج النهائية للإنتخابات المحلية لن تظهر إلا بعد ظهور المهدي...! أو ( السفياني )!! و لربما المرواني!!! و يا أمة ضحكت من جهلها الأمم....!

داود البصري

[email protected]