مع انتفاضة الشعب الإيراني ضد حكم الملالي، التي أشعلها الإعلان عن نتائج quot;المسرحية الانتخابيةquot; على حد تعبير المحلل الإيراني أمير طاهري، كثر الحديث عن أسباب الانتفاضة الشعبية و دلالاتها، بما في ذلك إمكانية التأشير لثورة جديدة تطيح بنظام الولي الفقيه و أركان الدولة الدينية، التي فشلت فشلا ذريعا في إدارة البلاد. فالبطالة تفوق 4 ملايين عاطل و أرقام الدعارة تشير إلى أكثر من 300 ألف عاهرة قاصرة في العاصمة طهران وحدها، كما يدمن 20% من السكان على المخدرات، و تنصل معظم الإيرانيين من تعاليم الدين، إذ ترك 80% منهم أداء فريضة الصلاة، حسب البيانات التي قدمها د. شاكر النابلسي مشكورا في مقاله الأخير المنشور على صفحات quot;إيلافquot; (مقال بعنوان: إيران... ثورة في الثورة!). لكن ما ندر التطرق إليه ndash; في المقالات التي اطلعت عليها على الأقل - هو انعكاس فضيحة ملالي طهران على أذنابهم في المنطقة العربية، من حزب الله في لبنان إلى حماس في فلسطين إلى سائر الحركات الإسلامية الأخرى.

حزب الله الذي يعلن هدفه بوضوح، ألا و هو quot;إقامة جمهورية إسلامية في لبنان مرجعيتها الفقهية في إيران،quot; مع الالتزام بــ quot;بأوامر قيادة واحدة حكيمة وعادلة تتمثل بالولي الفقيه،quot; لا يمكنه قط الادعاء بالموالاة للبنان و لمبدأ المواطنة فيه. و لنا آن نتساءل ما معنى مشاركة نوابه في البرلمان اللبناني إذا كان ولاؤهم الأساسي للولي الفقيه في مدينة قم الإيرانية؟ و لماذا لا يتم توجيه هؤلاء النواب عند انتخابهم مباشرة للاشتراك في مداولات البرلمان الإيراني في طهران بدلا عن بيروت؟

الجديد في الأمر إن ورطتهم اليوم اكبر من السابق، إذ أكدت المظاهرات الحاشدة في طهران و قمعها من طرف الملالي باستعمال الرصاص الحي ضد المدنيين العزل إجرام المرجعية التي ينتسب إليها حزب الله و باقي الأحزاب الإسلامية في الدول العربية و عدم قدرة هكذا نظام على التعامل مع شرائح المجتمع بغير أساليب الترهيب و القتل. و هذا أمر معلوم منذ زمن طويل للمتابعين للشأن الإيراني، لكنه أصبح اليوم في متناول عامة الناس، بفضل ما تنقله شاشات التلفزة من طهران مباشرة. و بما أن أي حكم أصولي إسلامي للدول العربية لن يختلف في الجوهر عن حكم الملالي في طهران سواء من ناحية إدارة الاقتصاد أو من ناحية القمع و الإجرام، فالأرجح أن تتزعزع ثقة الرأي العام و الناخب العربي على وجه الخصوص في حركات المتاجرين باسم الدين.

لم ينتظر الناخب اللبناني أحداث طهران الأخيرة ليوجه صفعته لحزب الله و حلفائه، مما يؤشر لوعي كبير لا فقط لدى الطوائف المسيحية و السنية، بل كذلك لدى عدد متزايد من الطائفة الشيعية بمدى الخطر الكبير الذي يمثله الولاء الإيراني لهذا الحزب على وحدة و امن و استقرار لبنان. كما حصلت هزائم انتخابية مماثلة للحركات الإسلامية في الأردن و المغرب و الكويت. و الأرجح أن تزيد أحداث طهران الدموية من وعي الناخب العربي بإفلاس البديل الإسلامي، مع تهالك نظام الملالي في إيران و افتضاح أمر أكاذيبهم في شان الديمقراطية و الانجازات الاقتصادية و الاجتماعية.

أبو خولة
[email protected]