في هذه الايام الربيعية الجميلة في لندن يتمتع الاستاذ حارث الضاري بالاجواء المناخية هناك بعيدا عن حر الاردن وبحره الميت . ولكن الاجواء المناخية هذه ليس بالضرورة تكون انعكاس للاجواء السياسية التي يتمنى الضاري ان يجدها في الاروقة الخلفية لوزارة الخارجية البريطانية . هذه الزيارة لم ولن تكون مفاجئة لمن يعرف قراءة التاريخ العراقي جيدا مثلما لم يكن عفويا تبني قناة الجزيرة لعرض وتكرار خطاب الضاري الذي سبق الزيارة بايام قليلة خاصة وهو من نوعية quot; الخطابات الشاملة quot; التي تنتمي الى مدرسة يعرفها جيدا ابن الشطرة و سدة الهندية والمحاويل وسوق الشيوخ وام قصر والعشار والكحلاء والمجر والشعلة ومدينة الصدر . اراد الضاري من خلال خطابه الاستباقي ان يوجه عدة رسائل الى لندن خدمة لاهدافه التي قاتل من اجلها وسببت هدر دماء العراقيين جميعا منذ نيسان عام 2003 وحتى يومنا هذا وان اختلفت الامور الان بشكل جذري وكبير حيث تراجع دور الضاري بشكل جذري ولم يعد له تاثير يذكر في الساحة العراقية لذلك استنجد بدول عربية معروفة لتتوسط له لترتيب هذه الزيارة الى بريطانيا والتي يطلق عليها هو شخصيا دولة الاحتلال . وهذه اول التناقضات وليس اخرها في سجل التجارة المعروفة مسبقا .

في خطابه الشامل تبنى الضاري عدة جهات مسلحة من اصحاب اللثام الارهابي . وحقيقة الامر لن يجد المرء عناء في ايجاد منظمات وهمية واطلاق اسماء وهمية لتضخيم اعداد هذه المنظمات الارهابية لاجل الحصول على مكاسب معينة حسب تصوره . وايضا وهذا الاهم ان الاستاذ الضاري وضع العلم العراقي ذات الثلاث نجوم على يمينه اثناء خطابه الشامل , وهذه رسالة سياسية واضحة بان الرجل يحن الى الماضي ويطالب باعادة عقارب الساعة الى الوراء يوم كان رئيس العراق تكريتي ومدير الناحية في الناصرية عاني ومدير الامن في العمارة دوري ومدير التربية في الكوت سامرائي ومحافظ العمارة حديثي ومسؤول الحلة من الموصل . هذا التاريخ الاسود قد مات في العراق ودفن مع رموزه لكن مع ذلك البعض لحد هذه اللحظة لم يستوعب الحالة العراقية الجديدة التي تحددها نتائج صناديق الانتخابات كما لم يستوعب بعد الفرق الايجابي والقوي الكوني الشاسع بين العراقي في 9 نيسان 2003 والعراقي ماقبل ذلك التاريخ .

ان صرخة قوية تهدر في كل انحاء العراق تقول ان عهد الظلام والظلم والاقصاء والتفرد قد قبر وفي مقدمتها الانكشارية وذيولها والسلطان سليم وطلابه ياسين الهاشمي ونوري السعيد وعبد المحسن السعدون وكذلك عصر اتفاق كوكس النقيب وعبد السلام وعبد الرحمن عارف والبكر وصدام وازلامهم وجلاوزتهم قد تلاشى من العراق الجديد ولن يعود . وبصراحة اكثر ستكون عاجزة كل اروقة الخارجية البريطانية او الامريكية ان تعود بعقارب الساعة الى الوراء بعد ان دعموا وبشكل واضح و بكل قوة في نيسان 2003 الاختيار العراقي الشعبي وتلهفه لشعاع الحرية والدميقراطية . وان هذه العواصم ليس على استعداد للمجازفة بسمعتها وستراتجيتها في المنطقة والعالم لعيون اي شخص , فهل عرف الاستاذ الضاري هذه الحقائق الكبرى وهو يسجل على نفسه تناقض كبير وقدماه تطأ العاصمة الجميلة والمميزة لندن والتي يطلق عليها هو شخصيا عاصمة الاحتلال!!

فما الذي يفعله بعد ذلك في عاصمة الاحتلال !؟ ومالذي سيقدمه له موظف صغير وهامشي هنا او هناك في وزارة الخارجية البريطانية !؟ هذا اذا حدث اللقاء فعلا !!

من حق الاستاذ الضاري ان يبحث له عن موطأ قدم في العملية الدستورية السياسية في عراق اليوم ولكن عليه قبل ذلك ان يبرأ ساحته من الاتهامات التي وجهت له من القضاء العراقي . كما عليه ان يفسر بشكل واضح تصريحه quot;ان القاعدة منا ونحن منها quot; وكذلك ان يقدم تفسيرا عن تصريحه لصحيفة الحياة اللندنية عن لقاءه علاقته بالزرقاوي. كما عليه ان يعرف جيدا ان نتائج صناديق الانتخابات هي الفاصل الاكبر بين الخاسر والفائز وهذا يشمل كل العراق من البصرة الى كردستان ومن بعقوبة الى الرمادي نفسها والتي تغير مزاجها وتوجهها كثيرا وبشكل سوف يشكل صدمة للاستاذ الضاري نفسه .

محمد الوادي
[email protected]