عفوا ايها الاصدقاء. يشرفني ان اخوض معكم النقاش بكل محبة وصدق،حول مصير اتحاد الكتاب الذي تخوضون من اجله حربا شرسة وكأنها المعركة الفاصلة للتحرير والتحرر.الحق اقول لكم.لم انخرط يوما في الاتحاد ولا اريد الانخراط ترغيبا او ترهيبا.لقد وقعت على القائمة من اجل المؤسسة التي احترمها.من اجل انفتاحها على الجميع دون اقصاء ودون تهميش او استبعاد.من اجل وحدة الاتحاد الموحد القوي بكتابه،المتعدد بافكاره وتوجهاته والعارف لاهدافه السامية.
وقعت، بعد ان رأيت اصدقاء احترمهم موقعين ولكني وجدت في الضفة الاخرى اصدقاء آخرين احترمهم ايضا وليس بيني وبينهم عداوة وبغضاء. اقسم بالله، لو كانت لي سلطة،لاضربت عن الطعام حتى يعود كتابنا الى رشدهم ويتركوا مابينهم من خلافات هامشية وحساسيات وسوء فهم.مثلما فعل المهاتما غاندي ليقضي على تعصب الهندوس والمسلمين في بلاد الهند.
تابعت النقاش بين الطرفين على الانترنيت،وتمنيت ان يبقى النقاش افتراضيا حتى لاتتسع رقعة الانحراف. صراحة ايها الاصدقاء،وانا صريح بطبعي كما تعرفوني، لقد انحط مستوى النقاش الى اسفل سافلين، قضايا شخصية وغمزات لاتعني الا اصحابها وحديث كواليس لايستحق النشرعلى حبل الرأي العام الذي يتطلع بشوق الى النخبة لتنقذه من التيه الحضاري الذي اوصلته اليه سياسة ترك الحبل على الغارب.
ماذا ربح الشعب الجزائري من حرب اهلية بلهاء اكلت الاخضر واليابس ولم تغير شيئا نحو الافضل؟ وماذا ربح الكتاب الجزائريون بعد حروب طاحنة ومحاكم ومهازل ساهمت في التشتت والتشرذم والبؤس الثقافي.؟
كان حلمي ان يكون النقاش حول اتحاد الكتاب المؤسسة، كمؤسسة المجتمع المدني تمثل النخبة: واقعها افاقها اليات تسييرها مشاريعها استراتيجيتها،ملتقياتها جوائزها شراكتها مع المؤسسات داخل الوطن وخارجه، وتفعيلها لتقوم بدورها الثقافي والحضاري في المؤسسات الثقافية والتربوية.
كما كان حلمي ان يكون النقاش: حول الكتابة،حول المدارس الفكرية،حول التيارات الفلسفية، حول الانواع الادبية.حول التجريب الادبي، حول استلهام التراث.
وتمنيت من اعماقي ان يكون الحديث:عن حقوق الانسان،عن نهب المال العام،عن الفساد، عن التوجه الاقتصادي، عن اقحامنا في فخ المنظمة العالمية للتجارة، عن الجرائم التي مازالت تزهق ارواح الابرياء ونحن في زمن المصالحة الوطنية،عن الانغلاق السياسي والاعلامي،عن حالة الطوارىء،عن التصحيحيات الحزبية، عن الارهاب،عن البرلمان النائم في العسل، عن جمعيات المجتمع المدني التي انحرفت عن نشاطها، عن فشل المنظومة التربوية، عن طرد الاستثمارات العربية، عن المشروع الثقافي والاقتصادي والاجتماعي لهذا الوطن.
ولكن الحديث انحرف للاسف الى تفاهات لاتشرف الكتاب، نخبة المجتمع.
اتحد العمال واتحد المقاولون واتحد التجار واتحد مربو الدواجن والابل والنحل واتحد مزارعو الشعير والخرطال والطماطم والمشمش.ولكن الكتاب لم يتحدوا ولهذا فاتتهم الفرص التاريخية التي كان بامكانهم ان يثبتوا وجودهم وجدواهم في المجتمع الذي يعيشون فيه كالغرباء.
لماذا اصبح الكاتب يصنف في ادنى طبقات المجتمع؟ او ان شئتم الصدق اصبح للاسف خارج التصنيف لانه حسب بعضهم رفع عنه القلم لأنه مهبول او هو صراحة لاشيء.. تستشار كل فئات المجتمع في قضايا مصيرية ولكن لايستشار الكتاب ولاتستشار النخبة؟ من اوصلنا الى هذه الدونية ايها الاصدقاء؟ تتطاحن القوى الاجتماعية فيما بينها لكنها من اجل مصلحتها العامة تتحد لتأخذ نصيبها من الكعة الاجتماعية والاقتصادية ولكن الكتاب وحدهم لايكفون عن الاقتتال حتى من اجل مصلحتهم الجماعية.يفضل كل واحد منهم وبكل أنانية، ان يفقد احدى عينيه ليفقد زميله عينيه الاثنتين....هل يعقل أن يحدث هذا في بيت الكتاب؟ ومانسمعه ونراه يندي الجبين:من نمائم ودسائس وحسد وغدر واغتيال معنوي مبرمج ووأد وتشهير واهدار المروؤة والشهامة وتلصص وتجسس وخسة ونذالة وطحين وتملق.
لا ايها السادةالكتاب.انها ليست الطريق التي تؤدي الى مجد الكاتب. كان يمكن ان نكون قدوة للجميع:اكثر مروءة وانسانية وشهامة وانفة وعفة وحلم.لايمكن ان نعلم الناس مكارم الاخلاق ونكون اكثر دناءة واكثر جهلا واقل علما وتربية ووعي. لايمكن ان نعلم الناس الخير والحق والجمال ونكون نحن اول من يدوس على هذه القيم النبيلة.
انه المصير المشؤوم الذي تسوقنا اليه افعالنا المتهورة غير المسؤولة.
مهلا ايها الاصدقاء الكتاب..
ان الاتحاد الذي اتصوره كمواطن قبل ان اكون محسوبا عليكم،ليس هذا الذي يقتتل من اجله الاخوة الاعداء.انه قبل كل شيء، مؤسسة ثقافية وفكرية لها سلطة معرفية مسلحة بالنقد الموضوعي وبالخيال والجمال والقيم الانسانية الخالدة،وزيادة على ذلك هذه المؤسسة سقف اجتماعي دافىء، يحمي اعضاءه من نوائب الدهرفي حياتهم وتقاعدهم ومماتهم. وهي ايضا فضاء استشراف للآفاق وقوة اقتراح للبدائل الممكنة.
نحن في حاجة اليوم الى رئيس اتحاد كتاب يمثل الاجماع وينتخب بالاغلبية، بعيدا عن التزوير.له مشروع اوبرنامج قابل للتطبيق، كما يجب ان تكون له تجربة محترمة في الكتابة والتسيير وله علاقات كبيرة داخل الوطن وخارجه وله القدرة على التحاور والاقناع يستشير المكتب الوطني ولايستبد برأيه.
نحن في حاجة اليوم ان نعرف من هو الكاتب الذي يجب ان ينتسب الى اتحاد الكتاب؟هل هوفقط الذي يكتب الخواطر والقصص والشعر الموزن المقفى والشعر النثري وشعر التفعيلة؟ام هو الكاتب الذي يكتب في مجالات الحياة، التي تهم الانسان كانسان، ويهتم بقضاياه الاجتماعية والتريوية والسوسيولوجية والانتربولوجية والفلسفية والعلمية،والاستشرافية وانتهاء الى المصير الثقافي الرقمي؟
نحن في حاجة اليوم الى ميثاق شرف للكتاب يحدد الحقوق والواجبات،الاتحاد الذي يقصي كاتبا بسبب لغته او ايديولوجيته اوجنسه او جهته، اتحاد عنصري لايشرف الانتماء اليه.
نحن في حاجة الى قانون اساسي جديد تحدد بنوده بعد استشارة واسعة حسب مستجدات العصر.
نحن في حاجة الى مجلة ناطقة باسم الاتحاد تنشر مقالات اعضائه وافكارهم وابداعتهم وتصوراتهم.تكون رسالته الى المتلقي داخل الوطن وخارجه.
نحن في حاجة الى مطبعة خاصة بالاتحاد تنشر كتب اعضائه في كل التخصصات ويعود ربحها اليه، لانريد ان تتكىء الطباعة على ريع الدولة كل سنة لتخزن الكتب الكاسدة المنشورة عن طريق الصداقة والمحاباة.نحن في عصر اقتصاد السوق، الكاتب الذي لايجد قارئا مستهلكا لما يكتبه عليه ان يغير مهنته او هوايته.
نحن في حاجة الى مناقشة قانون تفرغ الكتاب، لانجاز اعمالهم الادبية والفكرية، اقتداء بالدول الغربية التي تحترم كتابها والدول العربية التي سبقتنا الى ذلك.
نحن في حاجة الى اتحاد كتاب يحمي كتابه من البطالة والتشرد والمرض.
نحن في حاجة الى اتحاد كتاب يسطر برنامجا ثقافيا سنويا يوزع الكتاب على تراب الوطن ليحاضروا ويطرحوا الافكار الايجابية ويناقشوها مع فئات المجتمع، كما نحن في حاجة الى اتحاد يرسل كتابنا الى الخارج ليمثلوا بلادنا في المحافل الثقافية العربية والاجنبية لتسويق صورتنا الايجابية.
نحن في حاجة الى اتحاد كتاب يزكي كتابنا لنيل جوائز عربية وعالمية.
نحن في حاجة الى اتحاد كتاب يمنح كتابنا منحا للسياحة داخل الوطن وخارجه للترفيه واكتشاف الامكنة.
نحن في حاجة الى اتحاد له قدرة على التفاوض مع الحكومة لاقتراح كتاب ومثقفين،ليساهموا في تسيير بعض مؤسسات الدولة ان كانوا قادرين ولهم الدراية الكافية والكفاءة اللازمة:وزراء، مدراء ثقافة، محافظو مهرجانات ثقافية مستشارون ثقافيون في المؤسسات الثقافية الحساسة وفي القنصليات،مسيرو قطاعات ثقافية، مشرفون على صفحات ثقافية في الجرائد الوطنية ومعدو برامج ثقافية جادة في الاذاعات والتلفزيون.
عندما يصل كاتب الى هرم مؤسسة من مؤسسات الدولة حري بنا ان نعينه ونرشده ونساعده، لا ان نحاربه ونشهر به في السر والعلن ونعمل جاهدين لاساقطه، من حق أي جهازان يختار أي كاتب او اي مثقف لممارسة وظيفة في اجهزة الدولة، ولكن الافضل ان يتدخل اتحاد الكتاب كقوة ضاغطة لتقديم اعضائة اصحاب الخبرة والكفاءة لتسيير بعض مؤسسات الدولة لننتقل من فكرة التنظير الى فكرة التجريب. أي الانتقال من المثقف الميثالي المنظر الى المثقف الواقعي المسير.
بكل محبة تقبلوني ايها الأصدقاء كما انا وكما احب ان اكون صريحا حينا وقاسيا أحيانا،غير مداهن وغير مجامل،من اجل الحقيقة كل الحقيقة.
وكل عام والكتاب متحدون