إن تبعات أحداث 9-11 لا يمكن إغفالها. في هذه الذكرى الثامنة للهجمات الإرهابية في كل من نيويورك وواشنطن وبانسيلفانيا نقف لحظة للتأمل والإستذكار. لاشك في أن استهداف المواطنين الآمنين الباحثين عن لقمة العيش يتعارض مع كل الشرائع ويخالف القيم الإنسانية الأساسية. فما حدث لنا في ذلك اليوم عاد ليتكرر في أحداث إرهابية في أشكال مختلفة شنتها مجموعة مشبعة بالكراهية ضد الآمنين في مناطق متعددة حول العالم. لعل الحقيقة الأوضح هي أنه في المحصلة قد تسبب الإرهابيون في قتل وجرح وتشويه أعداد من المسلمين أكبر من غير المسلمين. إن ذلك بالتأكيد يوضح سبب تحول جموع المسلمين ضد الإرهابيين حتى وإن ظن البعض في البداية أن نواياهم حسنة. فلم يعد من الممكن القبول بخطب الكراهية والتأجيج والعنف على أنها تعبير عن جوهر دين مسالم ومتسامح كما هو الدين الإسلامي.


خلف كل ضحية للإرهاب كانت هناك حياة متكاملة: أم، أب، إبن، إبنة، أخ،،، وكل قصة لكل ضحية تستحق أن تحكى اليوم، فكلهم أصبحوا ينتمون إلى مجموعة واحدة بالرغم من أن تلك لم تكن رغبة أي منهم. كنت أعرف واحدا من الأعداد الكبيرة للضحايا. وهو شخص عرفه العديد منكم ؛ إنه مصطفى العقاد. لقد فقد العقاد حياته في تفجير الفندق في عمان في نوفمبر 2005. لم يثني العرس الذي كان يعقد في الفندق في ذلك الوقت أولئك الإرهابيين عن تنفيذ مخططهم. لقد استطاع العقاد تعريف الجمهور المتحدث بالإنجليزية بالإسلام على مستوى عالمي، وذلك بالتأكيد أكثر مما يستطيع شخص واحد تحقيقه بمفرده. لقد كنا في السيارة في طريقنا إلى محفل في ربيع 1998 عندما شاركني بفكرة تصوير فيلم عن حياة الصحابة للفترة من بعد وفاة الرسول الكريم ndash; صلى ndash; ولكن تلك المهمة لن تتحقق لأن الإرهابيين المتلهفين للقتل قد أقدموا على تنفيذ جريمتهم التي لا تغتفر.


فقدت حينها شخصا كان مثلا لي واسترجعت ساعتها آلام 9-11. نحن نتذكر كل من قضوا في تلك الهجمات. فالقتل العشوائي لم يعد موضوعا يمكن الأخذ والرد فيه فليس له تعليل أو عذر. الإرهاب لا يمكن تقبله سواء كان في أمريكا أو ضد دول إسلامية أو في غيرها حول العالم. نحن جميعا نتقاسم نفس المصير في مواجهة هؤلاء المجرمين سواء كنا نعتبر أنفسنا شركاء أم لا. قتل المواطنين العزل ليس مقبولا، تدمير المرافق العامة غير مرحب به، الفوضى ليست إجابة، وإعطاء العهود بالمكافأة للذين لا يمانعون في التعدي على الآخرين هو عمل شيطاني. وبالرغم من أن ذلك استغرقنا عدة سنين، إلا أننا نتفق اليوم على أن استهداف أمريكا لا يعني استثناء الدول الإسلامية ولا يعني حقنا لدماء المسلمين. فالتفجيرات الإرهابية الأخيرة ومنها استهداف المساجد في العراق وباكستان ماهي إلا تذكير لنا جميعا بأن هؤلاء المجرمين ليس لديهم قيم على الإطلاق. إن طبيعة هذا العدو واضحة: يستهدفون كل من يؤمن بأن لكل نزاع حل ومن يعتقد بأن لكل صراع تسوية.


ولكي نكون مخلصين لأولئك الذين فقدوا حياتهم في ذلك اليوم المشؤوم قبل ثماني سنوات فإننا نتذكرهم ونحن ننظر إلى المستقبل. لقد أعلن الرئيس باراك أوباما هذا اليوم 11 سبتمبر يوما وطنيا للخدمة والذكرى. إن التطوع هو تقليد أمريكي عريق وهو ذو معاني أعمق عندما نلتزم به في هذا اليوم. إن معظمنا يتطوع في مجتمعه المحيط أو القريب منه فـ quot;الأقربون أولى بالمعروفquot;. وفي هذه القرية العالمية التي نعيش فيها اليوم فإننا ندرك أنه ربما لا يكون quot;الأقربونquot; هم أولئك الأقرب مسافة. فكل الذين عانوا من الإرهاب quot;أقربونquot;، وكل الذين يعملون من أجل مستقبل أفضل هم quot;أقربونquot;، وكل الذين يسعون إلى التواصل مَعَنا هم quot;أقربونquot;.


سوف تحي معظم سفاراتنا ذكرى هذا اليوم ndash; يوم الخدمة ndash; بالتواصل مع المجتمعات المحلية المضيفة. ولأن الحادي عشر من سبتمبر يقع في شهر رمضان المبارك فإن بعض السفارات ستعقد يوم الخدمة بعد احتفالات عيد الفطر. إن يوم الخدمة هذا هو جزء من حملة quot;التعاضد في الخدمةquot; الذي بدأ في إبريل وينتهي اليوم. إننا على أمل أن يصبح اليوم الوطني للخدمة والذكرى مبادرة عالمية لزيادة التفاهم بين الناس من مختلف الأديان والثقافات.


في هذا اليوم نحن نعمل على استثمار طاقاتنا ومشاعرنا لعمل شيئ إيجابي إحياءا للذكرى وتكريما لمن فقدوا حياتهم، ولن نسمح للأفكار السلبية والمشاعر الهدامة بأن تستهلكنا.


وليد جواد
فريق التواصل الإلكتروني
وزارة الخارجية الأمريكية
[email protected]
http://www.america.gov/ar
http://walidjawad.maktoobblog.com