محمد موسى: لولا الصور القليلة، والتي تخص الثورة العربية ضد الوجود البريطاني في الثلاثينات من القرن الماضي ، لبدا معرض صور quot;فلسطين قبل 48quot; والذي تنظمة مؤسسة الارجواني العربية الاسبانية في مدينة سانتياغو الاسبانية الشمالية، وكانه يخص دولة اخرى، غير فلسطين، التي نعرفها، فلسطين الاخبار، وغزة، والضفة، والمستوطنات، وسيارات الاسعاف، ودورات الموت والعذاب المستمرة.
حتى صور المسلحين العرب، بلباسهم التقليدي، واسلحتهم الخفيفة، وابتسامات الفخر على وجوهم ، بدت بعيدة هي الاخرى، عن صور المسلحين الفلسطينين الجدد، بسحانتهم الحادة، والوجوه المخباة غالبا خلف الكوفيات او الاقنعة السوداء. هل تعقد العالم الى هذا الحد؟
في صور المعرض الفوتغرافية والتي تعود الى بدايات القرن الماضي، وتستمر الى الحرب العالمية الثانية. يمكن التعرف على الكثير من احداث ذلك القرن واحداثة الكبيرة، وتاثيراته على المنطقة والعالم. هناك مثلا الصور التي تعود الى فترات مبكرة من القرن الماضي، عندما كانت الامبراطورية العثمانية تسيطر على ذلك الجزء من العالم، في هذه المجموعة من الصور تظهر الالبسة العثمانية والتراثية، وتظهر الكوفيات واللباس النسوي التقليدي.
في مجموعة الصور الاخرى الاحدث زمنا، تظهر التاثيرات البريطانية والغربية، على لباس الناس وحياتهم، وخاصة اللباس النسائي، صور لسيدات فرحات بحرياتهن واكتشافهن للعالم، وصور لرجال بالبدلات الفرنجية الانيقة، وبيوت صممت على الطرز المعمارية الغربية، باثاث قادم من باريس ولندن، وربما مدن اخرى، ليصل الى المدن الفلسطينية وتسجله الكاميرا، ربما لمرة وحيدة فقط.
العديد من صور المعرض، تعكس التنوع الكبير في بنية المجتمع الفلسطيني قبل الحرب العالمية الثانية، وقبل اعلان دولة اسرائيل عام 1948، وبدايات الحروب و الهجرات الكبيرة. ضم المعرض صور لعرب فلسطينين مختلفين، راهبات بلباسهن الديني المتقشف يخدمن في مستشفيات ومدارس، عرب سمر، وعرب من الصحراء، وابناء مدن. وطلبة، وتجار في اسواق شعبية مزدحمة.
من اكثر الصور تاثيرا في المعرض، تلك التي تضم اطفال فلسطينين مختلفين، أطفال مع اهلهم، في مدارسهم، صور اطفال لاهين في ملاعب الطفولة، واطفال يرتدون افضل لبسهم يقفون متخشبين امام رهبة عدسات الكاميرات في محلات التصوير. تاريخ بعض صور الاطفال هذه يعود الى بدايات الثلاثينات، اي ان هؤلاء الاطفال قد شهدوا حروب 1948 وما بعدها، ربما قضوا في تلك المعارك، او ربما هجروا الى مخيمات في دول المنطقة، لتنتهي الحياة التي عروفها في بلدهم، ولتبقى الصور فقط تحفظ تلك الاوقات بسعادتها وبراءة زمنها الكبيرة.
* الصور المعروضة في المعرض تعود الى مؤسسة الصور العربية في بيروت