روما:الحب وحقوق النساء والإبادة الجماعية ليست سوى بعض الموضوعات التي يتناولها فيلم (زهور كركوك) أول إنتاج سينمائي دولي يصور بالكامل في العراق منذ حرب الخليج.
الفيلم الذي أخرجه فريبورز كامكاري المولود في الإقليم الكردي بشمال العراق يحكي قصة حب بين امرأة عراقية من الطبقة العليا وطبيب عراقي يتعرض لاضطهاد وبطش نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في الثمانينات.
تنهي الطبيبة الشابة نجلاء دراستها بجامعة روما وتعود إلى كركوك بحثا عن حبيبها الكردي شيركوه الذي التقت به في إيطاليا. وتصطدم الشابة العربية التي نشأت في بغداد وتلقت تعليمها في الغرب بتقاليد عائلتها حينما تحاول تحقيق أحلامها وأفكارها.

ويتناول الفيلم أيضا أحداث حملة الأنفال التي نفذتها قوات صدام واستخدمت خلالها أسلحة كيماوية ضد مدنيين أكراد عراقيين.
يعرض فيلم (زهور كركوك) ضمن مسابقة مهرجان روما السينمائي الدولي. وذكر كامكاري خلال مقابلة في العاصمة الإيطالية أنه أراد أن يحكي تجاربه الشخصية التي عاشها في طفولته وأن يحول الذكريات المؤلمة إلى نوع من الذاكرة الجماعية في محاولة لفهم العراق المعاصر.

وقال المخرج خلال المقابلة quot;نحن نعيش منذ أكثر من سبع سنوات مع العراق .. أخبار العراق.. الوضع في العراق.. لكن لا أحد يقول لنا شيئا عن جذور هذا العراق.. عراق اليوم. حاولت أن أحكي عن جذور العراق من وجهة نظر شخص يعيش هناك ورأى كل شيء من الداخل. حاولت أن أحكي وأفسر حال العراق اليوم. لأنه ثمة ماض. الماضي الذي لا نتحدث عنه في العادة في السينما ولا في الأخبار.quot;
ويدور محور الفيلم حول شخصية البطلة نجلاء التي تتخذ قراراتها بنفسها ولا تتلقى أوامر من أحد. وأوضح كامكاري أنه أراد في فيلمه التعبير عن معظم نساء الشرق الأوسط اللاتي يناضلن في مواجهة قواعد ظالمة في حياتهن اليومية من أجل تغيير مجتمعاتهن.

وقال quot;إنه في اعتقادي أمر أساسي. القوة الكبيرة للديمقراطية في تلك البلاد. الحركة الكبيرة في تلك البلاد.. بلاد الشرق الأوسط. سواء إيران أو العراق أو دول أخرى في المنطقة. إنهم يدفعون البلاد إلى ديمقراطية النساء. وأنا أعتقد أن هذا أمر أساسي. مهم جدا تمثيل هذا النوع من النساء. المرأة في الفيلم.. للمرة الأولى نرى امرأة مسلمة ليست أما.. ليست زوجة.. ليست امرأة محاطة بأطفال ورجل شرير يسيء إليها كل يوم. إنها امرأة تقع في الحب وتقرر مصيرها بنفسها وتضحي بكل شيء من أجل هذا الحب.quot;
صور (زهور كركوك) على مدى شهرين خلال عام 2009 في إقليم كردستان شبه المستقل بشمال العراق. واضطر صناع الفيلم لاستيراد كل معدات التصوير والصوت والديكور من الخارج لعدم وجود صناعة سينما متطورة في العراق.

لكن رغم صعوبة ظروف التصوير أكدت الممثلة الفرنسية المغربية الأصل مرجانة علوي التي أدت دور نجلاء أن تعدد جنسيات وثقافات العاملين في الفيلم وحماس السكان المحليين ساهما في صنع تجربة فريدة.
وقالت quot;كان أمرا رائعا.. لا ينسى.. كان استكشاف تلك المنطقة وهؤلاء الناس فرصة حقيقية لي. كان موقع التصوير مليئا بجنسيات مختلفة. كنا نحو 12 جنسية مختلفة في موقع التصوير وهو أمر بالغ الثراء من الناحية الثقافية ووجودي هناك كان رائعا.quot;
وأضافت quot;كان صعبا بالتأكيد لأنهم لا.. يصورون أفلاما كثيرة هناك لذلك كانت الظروف.. ظروف التصوير.. مروعة لكنها مثيرة جدا والناس هناك كانوا متحمسين جدا للفيلم.. هذا الفيلم بصفة خاصة.. وكان ذلك لطيفا.quot;

ربما كانت الجوانب العملية تحديا لكامكاري وفريق العمل في الفيلم لكن المخرج ذكر أنه فوجيء بمساحة الحرية التي سمحت له بها السلطات.
وقال quot;لم يطلبوا حتى الاطلاع على السيناريو.. لم يقرأوه. إنها معجزة بالنسبة للشرق الأوسط. أن يصور مخرج من الشرق الأوسط فيلما بدون رقابة بدون أن يضطر لتقديم السيناريو وقراءة الملاحظات والخضوع لإشراف الحكومة. إنه أمر غير عادي على الإطلاق.quot;
وأضاف quot;لأنني.. لا أعرف في حقيقة الأمر. لكنهم ربما أرادوا أن يحكوا القصة.. ربما اكتشفوا أن تلك القصص ينبغي أن تروى.quot;

فيلم (زهور كركوك) إنتاج إيطالي سويسري عراقي مشترك ويشارك بالتمثيل فيه أيضا الممثل التركي إرتيم إيسير والممثل التونسي المقيم في إيطاليا محمد زواوي الذي يؤدي دور البطولة.
وينتظر صدور رواية بنفس العنوان من تأليف كامكاري في وقت قريب