حوار مع الفنان والأكاديمي علي شناوة


ماجد شاكر من بغداد: الدكتور علي شناوة ليس تدريسيا في كلية الفنون الجميلة بالعراق فحسب، بل هو فنان وقاص وشاعر و مصمم، له مشاركة متميزة في المشهد الفني العراقي إضافة إلى مسؤوليته الجامعية بوصفه معاون لعميد الكلية وعضويته في عدد من اللجان العلمية في الجامعة وإشرافه على طلبة الدراسات العليا. من إصداراته، السطح التصويري بين الفلسفة والإدراك و التهميش، السطح التصويري بين التخيل والمنطق والتأويلات، فلسفة الفن وعلم الجمال، ليثوغرافيا: الغرض.. الفن.. الإنسان (قصص)، الرؤى تكمن في إسطبلات الخيل (قصص)، ولديه مجموعتان شعريتان قيد الطبع. في اللقاء معه تنتابك قدرة شناوة على تجسيد فلسفته في الجمال عبر لوحة وإبداعا مخضعا المرجعيات والتأويل الذي خرجت به نظريات علم الجمال إلى تطبيق عملي في مختبره الفني والحياتي.
quot;إيلاف quot; كان لها حوارا مع شناوة..

-لماذا التركيز على القيم الجمالية في اللوحة التشكيلية الحديثة؟
تعد القيم الجمالية إحدى المحاور الأساسية في الدراسات الفلسفية الجمالية، فالقيم الوجودية فاعلة في الفكر الفلسفي الجمالي وكذلك الحال مع الابستملوجيا التي تعني بنظرية المعرفة إذ أن القيم الجمالية ما هي إلا انعكاس لجملة من المعالجات البنائية في السطح التصويري لتشكيل الرؤية المفاهيمية أو العكس أحيانا، إذ تتمثل هذه القيم بالرؤية الجمالية وانعكاساتها في السطح التصويري وغيره من الخطابات الأخرى ويمكننا أن نضرب مثالاً على ذلك ان القيم الجمالية في الفكر الفلسفي الجمالي الإسلامي تستمد مقوماتها ومرجعياتها من أسس مفاهيمية أساسية كالقرآن الكريم والسنة النبوية وطروحات المفكرين المسلمين من العرب وغير العرب وكذلك الحال من المرجعيات التي تشكل إرثا للعصر الذي يسبق فجر الإسلام وتأخذ انعكاساتها وإشتغالاتها في ميادين عديدة في فن العمارة وفن الكتاب والزخرفة والمنمنمة وغيرها من الفنون الإسلامية الأخرى وتشكل القيم الجمالية محوراً أساسيا في كل حركة من الحركات لتمنح كل منها خصوصيتها واستقلاليتها فالقيم الجمالية التي تشتغل مع الانطباعية تتزامن مع العالم المتحول غير أن القيم الجمالية السريالية تتوسم المنظومة التخيلية والغريب والإيهام كمحاور أساسية في اشتغالاتها الفنية. إذ تشتغل هذه القيم طبقاً لطروحات كل حركة.

-كيف جسدت العلاقة بين الفلسفة وعلم الجمال؟
فلسفة الفن تعنى بماهية الفنون وتقسيمها ومرجعياتها وتأثيراتها. كما يقسم الفنون كل من شوبنهاور وكانت وهيغل، اذ يضعون طروحاتهم حول الفن الموسيقي وفن الرسم والشعر والتراجيديا بعد أن تم اصطلاح علم الجمال من قبل (باومجارتن) عام 1735م وأمسى علما له أسسه وميادينه بل منطقه الخاص به.

- ما هي مساحة اشتغالات الفن وكيف يمكن للمبدع ان يبدع في ميدانه؟
الفن له اشتغالا ته المتعددة إذ يلحظ المتتبع لسير تاريخ الفن القديم وفن التاريخ الوسيط والحديث منه وفن ما بعد الحداثة أن هناك كماً هائلاً من الاستراتيجيات والمناهج التي يشتغل عليها الفن، فتارة يشتغل مع المنظومة التخيلية الحدسية وتارة أخرى يشتغل مع المناهج التي تعول الأساس العلمي والعقلي والمنطقي الذي له اشتغالات مع الإرادة والشعور والوعي.
فنلحظ أن هناك نتاجات فنية تعول على المنحى البنيوي النسقي، بل على المنطق ذاته فما هو موقف المتلقي والناقد إزاء الفن البصري على سبيل المثال أو إزاء فن العمارة، وكذلك الحال في الفنون الإسلامية ومنها فن الزخرفة الهندسية تحديداً الذي يقوم على أساس من الحسابات الهندسية والرياضية؟ بل ما موقفنا من الأعمال الفنية التجريدية الخالصة لـ (موندريان)، بل هناك فنون أخرى لا حصر لها تشتغل على هذه الشاكلة، وبالجانب الآخر تلحظ نتاجات فنية تشتغل مع المنظومة التخيلية بشكل عال أمثال الفن السريالي الذي يقوم على أساس من الصور الذهنية والتمويه والانفلات من زمكانية الواقعي ليتسرب في فضاءات الفن الصوفي والثيوصوفي وليس خافياً على احد أن الفلسفة تعد غطاء فكرياً ومفاهيمياً بتوجهاته العقلية الناقدة قد خرجت منها العديد من العلوم الأخرى كعلم المنطق والسياسة والتربية والخطابة وغير ذلك.
ان منظومة القيم الجمالية تشتغل بشكل مباشر وغير مباشر تحت غطاء الفكر الفلسفي عموماً بتوجهاته الفلسفية الماركسية والفلسفة المثالية والحدسية والوضعية المنطقية وهكذا حال الفن فهو يشتغل مع طروحات الفكر الفلسفي الجمالي.

-ما هي آخر تجاربك الفنية الحديثة في مجال الرسم؟
التجريد أيغال في الجوهري وتشظِي المعنى، اذ ارسم ضمن دائرة من الضرورات الداخلية، وفي أعمالي فأن الخطاب البصري التجريدي يشحذ الشحنات العاطفية والرؤى والأفكار ولكن بصيغ جديدة تشتغل مع الروح طبقاً لمعالجات زمكانية وفنية جديدة، انها خطابات تشتغل مع اللامتناهي والمطلق وتحفز مسميات اللامرئي. هذا الفن الذي يقوض حيثيات العالم الخارجي ليطرح رؤى طبقاً لمكنوناتي الداخلية وربما أتعاطف أحيانا مع الخارجي ولكن لا اشتغل مع كيفيات الوسط وانما مع كيفيات تمليها عليَّ المعالجات التجريدية وطبيعة الرؤية المنفذة.

-ما هي العلاقة بين اتجاهات الرسم التجريدي الحديث والفكر الفلسفي الجمالي المثالي؟
التركيز ينصب دوما على تحديد علاقة اتجاهات الرسم الحديثة بأساليبه المتعددة بالفكر الفلسفي الجمالي المثالي وطبيعة هذه العلاقة وفقا للمحاور الأساسية لهذا الفكر الفلسفي جماليا....
ويعد الفن عموما وفن الرسم خاصة لغة معبرة عن مظاهر كل عصر من العصور واحاسيسه ووجدانه ومايرافقه من تبدل وتغير في الأعراف والذائقة والنظم والبنى الفكرية والجمالية عموما وهذه الأخرى لا تنفصل بدورها عن التحولات الصناعية والتكنلوجية والاقتصادية والسياسية.

-ماهو الإدراك الحسي والفعل الرؤيوي في الرسم الأوربي الحديث؟
منذ فجر التاريخ نتلمس ذلك الجدل بين الحسي والحدسي والمادي والروحي والذاتي والموضوعي..
ولأجل تحديد الصلة بين الإنسان والوجود والتعبير الجمالي والفني عبر الحقب التاريخية اللاحقة للعصور الاولى سعى الانسان(الفنان) لاستحداث وتأسيس موقف فكري وجمالي، فظهرت مدارس واتجاهات وحركات فنية تشكيلية لم تسفر حصيلتها عن موقف موحد يحدد مسار الرؤية الجمالية والفنية بل زاد ذلك صراعا وتنوعا وإشكاليات ليس الا.
أن الصراع بين المثالية والمادية فلسفيا وجماليا وما يقابلها من صراع مماثل في الفن بين الواقعية ومعارضيها إنما يعطي أهمية بالغة للمنطلق الإشكالي المعرفي واسبقيته على المسائل الأخرى لإدراك الحقيقة.
أن الإدراك الحسي البصري في الفن التشكيلي يشكل عمق الزجاجة المعرفية لانه يعد الحصيلة الرئيسة للفنان وان العمل الفني يعد بعديا: خطابا بصريا لا يمكن النفاذ اليه وتقصيه دون ادراكه حسيا..
الفن الأوربي الحديث بما عرف عنه من نزوع نحو الذاتي الروحي المطلق وما رافقه من تبني فلسفات عديدة وطروحات تنظيرية فضلا عن تنامي التيار الحداثوي في الدراسات الفنية والأدبية والنقدية فان فعلا رؤيويا حيويا يمكن ان يكون مرافقا او مفارقا للحسي يتوافق مع ما اسس للاتجاهات الفنية التشكيلية فكرا ومنهجا وأسلوبا.

هل يكتفي الفنان بالحصيلة الحسية المعرفية في تكوين رؤيته للعالم؟
الفنان غير محدد بالظواهر والعالم المرئي وليس ملزما أن يكون واقعيا موضوعيا وان فعلا ذاتيا دائبا يدعوه لتقصي ماهية الظواهر الأمر الذي يغير مسار الرؤية لتنطلق من الذات إلى الموضوع وليس العكس.


نبذة
bull; د. علي شناوة وادي
bull;بكالوريوس تربية فنية - رسم
bull;ماجستير تربية فنية - رسم
bull;دكتوراه فلسفة في التربية الفنية
bull;طرائق تدريس الفنون

عضو اتحاد الأدباء والكتاب
عضو جمعية التشكيليين العراقيين ndash; بابل
عضو نقابة الفنانين العراقيين ndash; بابل
عضو جمعية الرواد ndash; بابل
عضو البيت الثقافي - بابل
bull;عضو هيئة تدريس في كلية الفنون الجميلة / جامعة بابل / بدرجة (أستاذ) يشغل حاليا منصب معاون العميد للشؤون العلمية والدراسات العليا.
bull;له مشاركات عديدة في مجال الفن التشكيلي (الرسم) داخل وخارج القطر
bull;أقام المعرض الشخصي الأول 1984
bull;أقام المعرض الشخصي الثاني 2008
bull;نشر العديد من المقالات والدراسات الأكاديمية في الصحف والمجلات العراقية.
بوصفه ناقداً وباحثاً وأكاديمياً.
bull;من إصداراته
-السطح التصويري بين الفلسفة والإدراك والتهميش (دراسات)
-السطح التصويري بين التخيل والمنطق والتأويل (دراسات)
-فلسفة الفن وعلم الجمال
-ليثوغرافيا 00 الأرض 00 الفن 00 الإنسان (نصوص)
-الرؤى تكمن في إسطبلات الخيل (مجموعة قصصية)
-عباد الشمس (مجموعة قصصية)
-الضباب الأبيض كان مراً (مجموعة شعرية)
-مواعظ غير مقدسة (مجموعة شعرية)
-نصوص في مجال المسرح 00(كرستال) 00 (لعبة بنفسجية) 00 (الدوامة)
-بين النقد الفني والتنظير الجمالي (دراسات) كتاب تحت الطبع
-دراسات في النقد التشكيلي العراقي المعاصر، كتاب تحت الطبع
-رواية (الزقورة) تحت الطبع.