* المحيميد تحول إلى quot; مكينةquot; لإنتاج حكي عن الجنس والهيئة، وخال يستخدم لعبة المطرقة والصوت الواحد، والبشر والمقرن ماتزالان في المنبع.
* أين النقاد من تجارب المزيني والشمري والقرشي والصقعبي ويحيى امقاسم؟
* العدالة النقدية الراهنة تقول: أرنا دمغتك الإعلامية تكن روائياً رغم أنف من يعترض.
* أقولها بصراحة جارحة: لن يحمي الكاتبَ أحدٌ، فيما لو أدخل يده عارية في غصن الشوك السام.
* من أسوأ الأشياء التي تضر بالأدب المحلي، أن نصدر إلى العالم العربي روايات ضعيفة نصفها بأنها أفضل الموجود
* مشكلتنا أن الكل يريد أن يكون روائياً في ظرف أسبوع، ويتصدر المشهد في أقل من عام
* نقاد quot; البخةquot; الواحدة يصطادون الحشرات المنزلية في الرواية المحلية بحشد الأسماء الروائية هباء.
* أسأل معجب الزهراني هل ثرثرته في رواية:quot; قنصquot; على الطريقة الفرنسية أم العربية؟

عبدالله السمطي من الرياض: يتعجب الروائي عواض شاهر العصيمي من حالة النقد التي تحتفي ببعض الأسماء المتواضعة والمتوسطة، فيما تدير ظهرها النقدي لأسماء روائية مهمة في المشهد الروائي السعودي، وهو يرى ndash; ساخرا- أن العدالة النقدية الراهنة ndash; وهي ليست عمياء بالضرورة- تقول: أرنا دمغتك الإعلامية تكن روائيا رغم أنف من يعترض. العصيمي الذي تنوعت جماليات كتابته بين الشعر والقصة القصيرة والرواية، منتجا ثلاث مجموعات قصصية، وأربع روايات آخرها:quot; المنهوبةquot; سجى أخيرا ndash; بقلق المبدع- في الأفق الروائي، ليتبصر أكثر بصحراء تلح بشكل نوستالجي على عوالمه السردية، وبمدينة تغيرت ديمموغرافيتها بفعل الطفرة الاقتصادية ليصبح شخوصها أكثر عدوانية. العصيمي ينتقد حال النقد والنقاد ويسميهم - متضامنا مع الروائي صلاح القرشي ndash; بنقاد ( البخة) الواحدة.
رؤية المشهد الروائي هنا في حديث العصيمي لإيلاف تتشح بتفاصيل مثيرة، والكشف عن موضوع جائزة نادي حائل الأدبي التي طرح فكرتها العصيمي وخرج من قائمتها القصيرة. العصيمي أيضا يتحدث عن مجايليه من الكتاب ويرى أن يوسف المحيميد تحول إلى ماكينة حكي، وعبده خال يستخدم لعبة المطرقة، وبدرية البشر وسمر المقرن ماتزالان في نقطة البداية .. حوار كاشف مع العصيمي أقدم للقارىء الكريم تفاصيله:

_ كيف نعرّف صورة عواض شاهر العصيمي الإبداعية شعرا أم سردا؟ ما هي هويتك الجمالية فأنت تكتب في أنواع أدبية عدة؟
*- من دون تردد، أقول بأن السرد هو الفضاء الوحيد الذي أعلم الآن أنه أقرب إلي من أي نوع أدبي آخر، ومن واقع تجربتي الأدبية في هذا المجال أعتقد أن الصورة الإبداعية التي تسأل عنها في غاية الوضوح: أربع روايات وثلاث مجموعات قصصية حتى تاريخ 4 يونيو 2010

- ما مدى استثمارك للمخزون الشعبي الذي تكنه تجربتك مع كتابة الشعر الشعبي في توسيع حديقة نصك الروائي؟
*- في روايتي (قنص) ستجد الصحراءَ مكاناً ملائماً لهذه البيئة، فالمكان، الإنسان، الذاكرة، الحادثة، كلها ذات صلة بطريقة أو بأخرى بالبيئة الثقافية في بعدها الواقعي أحياناً، وأحياناً أخرى في أبعاد متخلقة من تفكير أسطوري، وقد أثثت بعض فصول الرواية بقصائد بدوية متماهية مع بعض الأحداث كلها من نظمي باستثناء قصيدة واحدة لشاعرة قديمة. دعاني إلى ذلك الموضوع نفسه، فالصحراء في نظري تتداخل فيها الآفاق الشعرية والأسطورية، وتتمازج فيها الحكايات الواقعية والمتخيلة إلى درجة أن الحكاء الواحد يتعدد أحياناً في سرد حكاية ما فيبدو كما لو أن الصحراء نفسها اختطفت صوته، وتشكلت في فيه، لكن الخطورة هنا تتمثل في حال انقاد لها الكاتب وتدفق معها في المجرى الذي تريده على نمط quot;السوالفquot; التلقائية التي تجيدها مجالس السمر، وقد يؤدي هذا الانقياد إلى نفس ما تفعله الرياح في الكثبان، تشكيل سردي خفيف سريع التطاير، وقد يجذبني في استخدام المخزون الشعبي كونه ثراً غنياً بأثقاله الاجتماعية والثقافية، كما قد يجذبني في تشغيله لأنه من صنع الذاكرة المحلية، ولأنه عفوي وسهل التحريك، لكن النظر إلى المخزون الشعبي من هذه الزوايا يمهد الطريق إلى العمل التوثيقي، أو الاستعادة النوستالجية، أكثر منها إلى العمل الروائي بشروطه الفنية. وهذا ما دعاني إلى استخدامه بحذر تجنباً لنقله على النحو الذي يقوم به ساعي البريد. رغم ذلك، أعتقد أن المخزون الشعبي من الروافد المهمة للعمل الروائي، والمهمة جداً، شريطة ألا نرويه بطريقة سلفية أو أن ننتقل إليه في سياقه الذي وجد فيه.

- ما هي وضعيتك ( ما هي المساحة القرائية نقدا وقراءة التي تحوز عليها) في المشهد الروائي السعودي خاصة بعد إصدارك ثلاث روايات متميزة؟ لماذا يركز النقاد على أسماء معينة: خال، المحيميد، المقرن، البشر،...إلخ هل للدعاية من دور؟
*- بعد مرور ثمان سنوات على عملي الأول، وبعد ثلاث روايات لاحقة، أعتقد أن شهية القراءة لأعمالي تحسنت قليلاً، والجانب الجيد في هذا الأمر أن المبادرة تأتي من القارئ في البحث عما أكتب وليس من الناقد. لماذا يركز النقاد على أسماء معينة؟ ببساطة شديدة لأنها رائجة ومتداولة بكثرة في أخبار المجتمع الثقافي، مثلما هو رائج فائز المالكي ويحيى عسيري في (بيني وبينك)، والقصبي والسدحان في(طاش ما طاش)، ولأنها كثيراً ما تدعى إلى فعاليات ثقافية وقنوات إعلامية باعتبارها أسماء (خاصة بتمثيل البلد) كما يراها الداعون والمنظمون. هذا هو التوجه الأبرز لكثير من النقاد، إذ يمارسون مع الروايات المحلية العمل النقدي ( الانطباعي غالباً) في الصحف وغيرها. ولكن ماذا عن الإبداع؟ هل هذه الأسماء مشهورة في الإعلام ومبدعة في الوقت نفسه؟، أقصد الإبداع الذي يشكل في كل رواية جديدة خطاً مكملاً لسابقه يتحرك رأسه إلى أعلى. هذا غير موجود في الأسماء التي ذكرت، فالمحيميد بعد فخاخ الرائحة، كتب القارورة باهتمام أقل، ثم لم يعد يكتب الرواية بحساسية فنان بل تحول إلى quot; مكينة quot; لإنتاج حكي مسهب عن الحب والجنس والهيئة. الخال رغم حصوله على بوكر الأخيرة، وهو يستحقها على ثلاثين عاماً من المثابرة والعناد، أظهر جهداً معقولاً في إتقان (الأيام لا تخبئ أحداً) و نوعاً ما في (الطين) بينما في بقية الأعمال أراه استقر على المسار الأفقي مكتفياً بخبرته في بث الحكاية باستخدام لعبة المطرقة والأطباق المعدنية المعلقة، أي إحداث أصوات متعددة مصدرها واحد وإيقاعها متشابه. على الرغم من ذلك، أعتقد أن من الظلم لهاتين التجربتين السرديتين أن نضعهما معاً في الموضع نفسه الذي تشغله سمر المقرن وبدرية البشر، فالكاتبتان مع تقديري لهما ما يزال مجرى الكتابة الروائية لديهما قريباً من الدفقات الأولى للمنبع، وإن كانت البشر أكثر مراودة للقصة القصيرة ولها فيها كتابات سابقة. هذا هو حال النقد عندنا وحال كتابه، في كل ملتقى للرواية تتجعد الأوراق النقدية التي يطرحونها بقدر ما تتجعد نماذجهم الروائية في يد الإعلام. في المقابل، يكتب يحيى امقاسم روايته الجميلة (ساق الغراب) ولا يحصل على ربع ما حصل عليه أي من هؤلاء في الثناء والمديح. صلاح القرشي يكتب روايتين تستحقان القراءة والاهتمام ولكنهما تمران مختومتين بصمت نقدي غريب، عبد الواحد الأنصاري يقدم اشتغالات تجريبية لافتة في روايتين ويحدث مساحة إضافية في الموضوع الروائي غير أن ذلك لم يكن كافياً في رأي بعض النقاد ليُكتب عنه والسبب أن هؤلاء الكتاب من الأسماء التي لا تحمل دمغة الرواج على نواصيها، أسماء جميلة، تعمل في هدوء، ولكنها مهمَلة إعلامياً ونقدياً، وهذا لا يضيرها بالتأكيد، لأن العدالة النقدية الراهنة تقول: أرنا دمغتك الإعلامية تكن روائياً رغم أنف من يعترض.

- هل ثمة من صحراء أخرى غير التي عرفت بها ثقافة المنطقة الوسطى أردت التعبير عنها في روايتك الأولى؟
*- للتفريق بينها وبين رواية الصحراء سواءً بالمعنى الحضاري أو الأيديولوجي، دعني أتحدث عن صحراء/ البدو الرحل، هذه المنطقة على المستوى الروائي واسعة ومفتوحة الآفاق في شبه الجزيرة العربية، ولم توجد بعد صحراء خاصة بثقافة المنطقة الوسطى، حسب تعبيرك، بل لم نقرأ لحد الآن عن صحراء خاصة بمنطقة محددة، معلَّمة بحدود جغرافية بينة، باستثناء روايات الشمال السعودي( رقصة أم الغيث لعبد الرحمن العكيمي، الحدود لنايف الجهني، ونوعاً ما الصحراء التي بين تبوك وعمان ودمشق في رواية الدود لعلوان السهيمي) الأفق العام فيما يتعلق بالكتابة المحلية عن الصحراء يدور في خريطة جغرافية واسعة من شبه جزيرة العرب، وما زلنا بانتظار جرأة أكبر لتسمية الأشياء كما وجدت، سواء في المنطقة الوسطى أو في غيرها من المناطق، وعندها ستكون الرواية في طريقها إلى خلخلة قناعات كثيرة، وتخريب عصبيات أكثر، وإرباك ولاءات أكثر وأكثر، وهذا الوصول شيء مهم في رأيي، لكن ليس بطريقة quot; انتحاريةquot; إذا كنا نتحدث عن الرواية آخذين في الاعتبار السلامة الشخصية للروائي في مجتمعٍ تبدأ محاكماته للروائي من علاقته الملتبسة بالقبيلة وتنتهي باتهامه في انتمائه الوطني والديني إلى آخره. أقولها بصراحة جارحة، لن يحمي الكاتبَ أحدٌ، في هذا الزمن على الأقل، فيما لو أدخل يده عارية في غصن الشوك السام. غير أن هذا لا يعني أن يكتفي الكاتب بالنبش الناعم لموضوعه الروائي، بل عليه أن يتمسك بشيء من الجرأة الذكية، وهي هنا تحريك اللغة بإمكانات فنية قادرة على الإيحاء بمكنونات موضوعية يتغياها الكاتب في عمله من دون أن يقع في المباشرة الصارخة والخطرة.

- quot; المنهوبةquot; عنوان روايتك الأخيرة .. ما هي الأجواء الروائية التي حرصت على إظهارها في تلك الرواية؟
*- تتشكل عوالم الرواية من مدينة الطائف كما تخيلتها كمدينة روائية بامتياز، وكما تظهره المدينة في الواقع على صعيد فرادة المكان، وكذلك من ناحية الخريطة الاجتماعية التي تشارك في إيجادها على مدى قرون التنوع العرقي والثقافي وما تميزت به هذه الشرائح من تعايش وتسالم سواء في ما بينها أو مع الغريب. بيد أن شخصية الطائف الاجتماعية والثقافية، بل حتى العمرانية، لم تعد كما كانت عليه قبل عقود من الآن، إذ شملها التغير من جميع الجهات، وهو تغير جميل في جوانب كثيرة ولكنه في جوانب أخرى أدخل إلى المدينة إضافات ديموغرافية جديدة ومساحات ملتبسة من أفكار وسلوكات صدرتها عوامل اقتصادية وثقافية وسياسية إلى المدينة من مناطق أخرى، وهذا بدوره أوجد تشوهاته وعاهاته المختلفة فوق ما تتحمله المدينة، ما أدى إلى نشوء ظواهر إنسانية مريضة نفسياً وعدوانية وناقمة على الكل.

- كيف يمكن أن تقرأ خطابك الروائي أو تقدمه .. تذكر هو أم تخيل؟
*- اعتقد أن هذا دور الناقد والباحث، فالكاتب ليس من أعبائه عند الحديث عن نتاجه أن يخلع الناقد من مكانه ويجلس فيه متحدثاً بصفته كاتباً وناقداً في الآن نفسه.

- يبدو أن نقاد الرواية السعودية يهرولون صوب الزاعق والفاضح والدعائي .. هل لك نصيب في ذلك وما رأيك في الأداء النقدي؟
*- إضافة إلى ما ذكرت عن ولع النقاد بملاحقة الرائج والنجومي في لحظته، تحدث الصديق الروائي صلاح القرشي عن توصيف طريف هو نقاد quot;البخةquot; الواحدة، أي أولئك النقاد الذين لا يفعلون أكثر من (أن يختاروا موضوعا معينا ثم يبدأ حشد أسماء الروائيات والروائيين، الأم في الرواية المحلية، الشجرة في الرواية المحلية، الحشرات المنزلية في الرواية المحلية، السياسة في الرواية المحلية، ثم ماذا؟ مجرد حشد للأسماء، ويضيع كل هذا هباء) ويقول أيضاً( كلما قرأت مثل هذه الأوراق امتلأت بالشك الكبير في أن صاحبنا الناقد لم يطلع على هذه الروايات مطلقا، أو ربما يكون تصفحها مسرعا لكي يبحث عن مفردة هنا أو كلمة هناك تدعم موضوعه المكتمل والذي لا يحتاج إلا لإضافة البهارات إليه وهذه البهارات هي الأسماء فقط ) ويضيف بشيء من المرارة ( أن لا أحد يمكنه أن يخرج بشي من هذه المقالات المطولة التي تتناول الرواية المحلية بالكثير الكثير من التبسيط والفذلكة, فلا القارئ يمكنه أن يخرج بقيمة معرفية واضحة وحقيقية ولا الروائي يمكنه أن يكتشف التقاطه نقدية محددة تخص عملا روائيا محددا، فبكل بساطة تضع مقالة quot;البخةquot; النقدية الجميع في سلة واحدة، فإذا كان الناقد الحصيف يقدم ورقة نقدية عن quot;الأم في الرواية المحليةquot; فهو لن يفعل أكثر من أن يحشد أسماء العديد من الروايات التي وردت بها الأم بعيدا عن أي تقييم أو نظرة نقدية أو حتى قراءة انطباعية واضحة)

- حدثنا عن حكايتك مع جائزة حائل للرواية؟ وملابسات التحكيم؟
*- عندما أعلن نادي حائل الأدبي عن هذه الجائزة، وضع لها هدفاً واضحاً يتضمن أركاناً منها فرادة الموضوع وقيمته الفنية العالية، ويؤكد على ضرورة أن تجري المسابقة في مناخ تنافسي نزيه، لا مجاملة فيه، ولا انسياق من قبل اللجنة المحكمة لخاطر جهة معينة، أو لرغبة ذاتية منحازة، غير أن اللجنة التي أوكل إليها تحكيم الجائزة فاجأت المتابعين بفرمان نقدي نقله عنها أمين عام الجائزة يقول بأن الأعمال المشاركة ( متوسطة المستوى) في شكل عام، وبعضها دون النضج الروائي، وأن هذا الاستنتاج كان خلاصة تقويم نقدي للأعمال من خلال معايير في مقدمتها( سلامة اللغة وحساسيتها وجمالها الأسلوبي وتماسك البنية الروائية وجدة وحداثة الموضوع وإتقان التركيب التجريبي واتساع الرؤية وعمقها وحضور البعد المعرفي ورصد الحدث الروائي وتباين الشخوص وتطورها)، لكن هذه المعايير الرنانة لم تستطع الدفاع نفسها عندما تضمنت القائمة القصيرة أعمالاً، منها رواية ضعيفة للغاية بعنوان (شغف شمالي) لفارس الهمزاني، وأخرى لعزة السبيعي هي (ما لم تقله نوف)، ويمكن سحب رواية محمد الرطيان (من أوراق محمد الوطبان) إلى مستوى متذبذب بين الجيد والضعيف، والروايات الثلاث موجودة في السوق، وفي مواقع بيع الكتب الأليكترونية، وبإمكان الجميع الإطلاع عليها ليرى بنفسه المستوى الحقيقي الذي تمثله، غير أن اللجنة على الرغم من المعايير العالية التي وضعتها للتحكيم تساهلت بطريقة غريبة مريبة في وضع القائمة القصيرة، ما عزز من ظهور بعض quot;المهامساتquot; التي تقول أن أعضاء فاعلين في اللجنة اختطفوا الجائزة لحسابات خاصة. أضف إلى ذلك أن النادي تورط مرغماً في البحث عن داعم مالي من القطاع الخاص لإقامة حفل الجائزة، وذلك بعد أن اقتربت خزينته المالية من الصفر، ووجد من يدعمه من أهل المنطقة، وأنا لا أقول بأن هذا كان خطأ، لكن الدعم المالي إذا جاء من خارج النادي، أو من خارج الجهة الثقافية الرسمية المشرفة على الأندية الأدبية، فإن من حق أي شخص أن يتساءل بحرية تامة، ومن دون اتهام لأحد، عن ملابسات هذه الخطوة التي أضرت بالنادي في الواقع، ومنها أن النادي أقام أمسية نقدية خاصة لرواية أحد المدرجين في القائمة القصيرة قبل الإعلان عنها بفترة زمنية طويلة. لماذا هذا التحديد في الاحتفاء النقدي المبالغ فيه بروائي واحد من دون بقية المشاركين، وفي منطقته quot; القبليةquot;؟ هل تأثرت الجوائز الأدبية عندنا بمنطق شاعر المليون مثلاً؟ لا أتهم النادي أو غيره بممارسات من هذا النوع، لكنها تساؤلات مشروعة يمكن أن يطرحها أي متابع محايد. أريد أن أؤكد هنا بأنني لا أقول هذا الكلام لأن روايتي لم تدرج في القائمة القصيرة، هذا أمر لا يهمني على الإطلاق، ولم أفكر فيه بجدية في أي يوم، يكفيني أن الجائزة كانت فكرتي أنا، ومشاركتي كانت لدعم الجائزة فقط لكن الإعلام قدمها على أنها رواية منافسة على الجائزة وهذا ما لم أرفضه، لأنه حق مشروع لكل الروايات المشاركة لو كان التحكيم نزيهاً، غير أن استبعاد أسماء أدبية معروفة في كتابة الرواية المحلية، مثل عبد العزيز الصقعبي، عبد الحفيظ الشمري، محمد المزيني، صلاح القرشي، وغيرهم، واستبدالهم بآخرين أقل على مستوى التجربة والوعي الفني بكتابة الرواية، هذا ما دعاني إلى رفض هذا الأسلوب في الانتقاء العجيب من جهة والإلغاء المريب من جهة أخرى. إن من أسوأ الأشياء التي تضر بالأدب المحلي، أن نصدر إلى العالم العربي روايات ضعيفة نصفها بأنها أفضل الموجود، وحتماً سوف يضحك القارئ العربي عندما يكتشف أن ( أفضل الموجود) لا يعكس حقيقة تطور الرواية المحلية عندنا، وهو التطور الذي تراكم على يد كتاب وكاتبات أجادوا في نقل صورة جميلة عن مشهدنا السردي في شكل عام.

- مازالت الرواية السعودية في بداياتها، ولم تبتكر تجريبها الجمالي حتى اللحظة مع ذلك قرأنا عناوين مثيرة مثل:quot; تسونامي الروايةquot; وquot; زمن الروايةquot; ورأينا هرولة من كافة الكتاب والإعلاميين وكتاب السير الذاتية والشعراء والنقاد لكتابتها أو التعليق عليها.. كيف ترى الصورة؟
* الرواية المحلية قدمت لحد الآن نماذج روائية عالية المستوى في نظري، لكن وصفها بما ذكرتَ لا يمثل حقيقة الرواية الجيدة، بل هي من مصطلحات مرحلة الطفرة التي انتهت كما أعتقد، وكما يؤكد انتهاءها الناقد سحمي الهاجري، ويشير الناقد فيصل الجهني إلى استسهال نسبة كبيرة من الأسماء المطروحة اليوم للكتابة الروائية، وهذه الهرولة التي أشرت إليها أوجدت حالة من الشك حول ما إذا كانت الرواية المحلية تنمو في شكل طبيعي؟ وهل هؤلاء الكتاب الذين جاءوا من كل مكان، إنما أتوا لإحداث رِدة فنية للرواية المحلية رغم التطور النسبي للجيد منها، أم أنهم أُخِذوا بتصدر الرواية للمشهد الأدبي فاعتقدوا أن الأحياء العشوائية التي عرفوها في تخوم المدن يوجد ما يماثلها في منطقة الرواية، وبالتالي لا يتطلب الأمر سوى وضع اليد على أي عنوان وعندئذٍ يكون الجميع روائيين سعداء؟ من حق الكل أن يختبر إمكاناته في كتابة الرواية، الكتابة في أي مجال تنبع من قرار شخصي، وفي أكثر الأحيان من قناعة صلبة، لكن المشكلة تكمن في أن الكل يريد أن يكون روائياً في ظرف أسبوع، ويريد أن يكون في صدارة المشهد في أقل من عام، والنتيجة أن مراودة الرواية اشترك فيها حتى النقاد الذين دأبوا على تثبيط عزائم الروائيين بأحكامهم المعيارية المتطرفة في تحديد سقف عال للرواية لا يستوعبه المشهد بإمكاناته الراهنة، وعندما أصدر بعض هؤلاء النقاد رواياتهم تبين أنها مزيج من السيرة الذاتية العادية والخطاب الأيديولجي والثرثرة الواسعة، وقد اعترف الناقد معجب الزهراني بممارسته الثرثرة في روايته (رقص) كما نشر في جريدة اليوم (30/5/2010) مفنداً هذا المنحى بكونه تأثر بثرثرة المجتمع الفرنسي، حسب قوله، إبان وجوده هناك. ولا أعرف ما إذا كانت هذه الثرثرة هي مما جعل روايات حائل (دون المستوى)؟ وهل روايته بصفتها تحوي في جزء منها ثرثرة على الطريقة الفرنسية، تختلف عن الثرثرة على الطريقة العربية في رواية محلية، أم أن الثرثرة بأي لغة كانت تبقى ثرثرة ولو كانت في موبي ديك؟ وهل ستصمد روايته للمعايير النقدية الصارمة التي شارك في تطبيقها على (بعض) روايات حائل، بصفته أحد أعضاء اللجنة، أم لا؟ الآن، بعد أن أصبح البيت من زجاج، يبدو لي أن الناقد لديه تعريف للرواية حين يكتبها يختلف عما يمارسه عليها في الحقل النقدي، والمبررات الدفاعية دائماً جاهزة، والتفسيرات المنتصرة للرأي الذاتي على طرف اللسان عند الحاجة.

*- أبرز العناصر الدلالية والموضوعية التي تطمح إلى تأسيسها في عالمك الروائي، مجالات الكتابة الروائية لديك كيف تحددها، هل يفرضها السياق الزمكاني؟
*- ما أسميته (انقلاب العبارة على نفسها) في شهادة روائية لي، قصدت به من الناحية الفنية تقويض النظرة المشوشة للظاهر منها في القراءة الأولى، (إنها بمعنى آخر عبارة ممسوسة بالشعر، ولكنها عبارة روائية بامتياز و quot;أفضل الروايات هي قصائدquot; بتعبير ميغيل دي أونامونو، وانقلاب العبارة على نفسها يفارق الغموض في الشعر إلى فضاء لغوي أكثر وضوحاً لكنه أكثر استفزازاً من ناحية انفتاحه على القارئ بطريقة تحريضية تدعوه إلى تأمل العبارة بإدراك عالي الشفافية. مع ذلك، أحاول في كتاباتي إيجاد لغة تضع القارئ في مجالها ولكن من دون أن تسلمه قيادها من تلقاء نفسها. أعتقد أن إفشال المحاولات العادية في الاتصال بالنص حق مشروع للكاتب لحماية نصه من الوقوع في شرك الكتابة الإنشائية. موضوعياً، أميل إلى الواقعية لأنها في نظري تقرب شخصياتي من تمثل مشكلات مجتمعي، فنحن ما زلنا جزءاً من العالم الثالث بكل ما فيه من تخلف وجهل واستبداد وفقر وصراعات كثيرة ومتنوعة، ودور الكاتب في هذا الخضم الواسع والعنيف يبدأ من واقعه الذي يعيشه، ومن مجتمعه الذي يتحرك فيه، ومن أرضه التي تحتضنه ويحتضنها)