عبد الجبار العتابي من بغداد: رحل الممثل المسرحي العراقي ماجد فريد عن 45 عاما، كانت خشبة المسرح امنيته التي يريد اللعب على اطيافها بفرح غامر، رحل.. بعد تسعة اشعر من العناء والالم.. والنحول الذي وصل الى درجة ان لحم جسمه ذاب ولم يعد يحتضنه سوى السرير بقماشاته البيض، كان يضمحل شيئا فشيئا امام الانظار القلقة والمرتعبة وقد كان اهله واصدقاؤه يحملونه متنقلين به بين الاطباء والمستشفيات بحثا عن امل لانقاذه، وما كان لأحد ان يعرف سر نحوله العجيب، حتى توقفت حياته على سرير في احد مستشفيات مدينة السليمانية التي جاءها بحثا عن علاج وشفاء، والمفارقة الغريبة انه في ذات الوقت الذي مات فيه ماجد في السليمانية، مات ابن اخيه الصغير في بغداد.. وهو يمضغ قطعة من شوكولاته !!، ليدفن الاثنان في قبر واحد !!.
رحل.. هذا الفنان الجميل وترك غصة في نفوس احبته وفي نفوس الكثير من الفنانين ممن عاشوا معه وعاصروه وعرفوه جيدا، وقد كان فنانا مبدعا متفانيا صادقا، وكان انسانا جميلا يمتلك روحا نقية، ماجد فريد.. يستحق منا وقفة وفاء في استذكاره، بعد ان اصبحت مسألة اقامة تشييع رمزي له في دائرته دائرة السينما والمسرح.. في خبر كان، اي انه رحل بلا وداع.
يقول المخرج حسين علي صالح عنه : رحيل ماجد فريد خسارة كبيرة لنا كأصدقاء واخوة، وخسارة للمسرح العراقي لانه بدأ يشق طريقه في المسرح العراقي ويثبت اقدامه بشكل جيد جدا وخصوصا في السنوات الاخيرة حين قدم اعمالا مهمة ونال الجوائز مع الفنان ابراهيم حنون والفنانة عواطف نعيم والفنان عزيز خيون، ومشاركاته الخارجية كان لها تأثير كبير في المسرح العراقي، ماجد.. بدأ معي شخصيا من الدراسة المتوسطة وعملنا معا فيها في فرقة مسرحية انا كنت رئيسها، وكان احد اعضائها، وقدمنا اعمالا على مستوى المهرجانات العراقية، ماجد.. شخصية شفافة و (حبابة) وصادق في كل شيء، لايعرف ان يجامل حتى معنا نحن اصدقاؤه واخوانه، لا يجاملنا في اي شيء، وهو حساس ايضا الى ابعد الحدود ويكتم في داخله، احيانا عندما يكون هناك يء لايعجبه يحزن ويكتم ذلك في داخله، ارجع واقول نحن خسرناه.
واضاف : ماجد.. من النوع الذي لا يستطيع ان يخترق المجموعات المسرحية (الكروبات) ولا يعرف ان يدخل في مجاميع، بعد عام 2003 كونا مجموعة التي هي فرقة (باب) المسرحية، انا وحاتم عودة وابراهيم حنون وصادق مرزوق وسمير طالب (الله يرحمه)، هذه المجموعة ناضلت بكل قوة للمشاركة في مهرجان خارجي، وكانت الاولى لنا في مهرجان دمشق المسرحي، في دورته الثانية عشرة بعد ان توقف مدة طويلة، شاركنا بمسرحية (وداعا غودو) وهذه المسرحية كانت المفتاح لماجد ان يلتفت اليه المخرجون الاخرون، وبدأ يسنع مسيرته خطوة تلو خطوة، ماجد من عائلة متعبة جدا وفقيرة في بغداد مدينة الثورة (الصدر حاليا) عام 1965، خريج كلية الفنون الجميلة / قسم الفنون المسرحية.
وتابع : طالبنا ان نقيم له تشييعا رمزيا ولكن قيل ان في الدائرة ركام من حملة الاعمار ومن ثم قيل ان الدائرة ستقيم له حفلا تأبينيا، طلبت بشدة ان يكون له تشييع ولكن للاسف لم يحدث هذا، ولا اعرف لماذا، ربما اسباب امنية، انا لا اعرفها، الدائرة هي التي تعرف والله اعلم.
اما الفنان المسرحي صادق مرزوق فقال : ماجد رفيق الدرب، من معرفتي به سنة 1973 الى اخر لحظة لمفارقته الحياة كنت معه، اشتركنا معا في بدايتنا بالعمل الفني عام 1979 في الفرقة العربية للتمثيل التي كانت سابقا تابعة لمركز شباب فلسطين وكان يقودها المرحوم علي العزاوي، وقدمنا اعمالا الى سنة 1986، ودخلنا اكاديمية الفنون الجميلة معا عام 1984 وتخرجنا معا، وتوظفنا معا في دائرة السينما والمسرح لمدة 18 عاما.
واضاف : ماجد.. يعجز اللسان عن وصفه باعتباره يحمل ميزتين اساسيتين، الاولى انه صاحب خلق رفيع، والثانية انه فنان دؤوب وباحث ومجتهد في تأدية فنه وعمله المسرحي، وهاتان الصفتان اعتقد من الصعب التوافق بينهما في ظرف متعب ومرعب.
وتابع صدادق وقد اطلق حسرة حرى وتسربت الدموع الى عينيه : ماجد ( آآآآخ خ خ ) مات ولا يعرف احد علته، ماجد صار لديه نحول وبقي جلدا وعظما، ولم يبق طبيب لم نعرضه عليه، في تونس وفي بغداد وفي المدة الاخيرة في السليمانية، اردنا ان نعرف علته فقط، ولكن دون جدوى، ولا نعرف السر الذي لا يعرفه الا الله، ليس سرطانا، انا على دراية ومعرفة دقيقة حتى اخر لحظات حياته، كل ما هنالك ان حد الاطباء قال (احتمال.. خلايا سرطانية) وحين سألته اين ؟، قال : لا اعرف، وقلت له هل هذا اكيد فقال : لا.. احتمال، والطب والعلم لا يشتغلان بالاحتمالات، بل باليقين، اجرينا له كل الفحوصات، ولكن دون ان يعرف احد مرضه الحقيقي.