إعداد صلاح أحمد: أتت وفاة الشاعر التشيلي الشهير بابلو نيرودا في 23 سبتمبر / ايلول 1973 بعد 12 يوما فقط على الانقلاب العسكري الذي أطاح صديقه الرئيس الاشتراكي الشهير بالقدر نفسه سلفادور الليندي.
وكان ذلك، كما هو معروف على نطاق واسع، هو الانقلاب الذي تصدره الجنرال اوغستو بينوشيه وتولى به سلطة دكتاتورية لفترة 17 عاما اكتنفها الكثير من الجدل واتهام نظامه بأبشع الجرائم الإنسانية. والآن يقول المسؤولون في الحكومة التشيلية إنهم تلقوا طلبا عاجلا لنبش قبر نيرودا وتحليل رفاته للتبيّن من صحة اتهام نظام بينوشيه بأنه قتله بالسم.
وتقول صحيفة laquo;تليغرافraquo; البريطانية التي أودت النبأ إنه في حال أثبتت الفحوص المعملية صحة ذلك الاتهام فسيؤدي ذلك الى عاصفة هوجاء نظرا لمكانة هذا الشاعر الذي كان يتمتع بشعبية عالمية نادرة عادت عليه بجائزة نوبل قبل مماته ثم صار أسطورة بعده.
ووفقا للوثائق الرسمية فقد فقد ورد في شهادة وفاة نيرودا إن سرطان البروستاتا هو الذي أودى بحياته. لكن إكواردو كونتريراس، وهو محام للحزب الشيوعي التشيلي، قال إن تحقيقات لاحقة أوضحت أنه توفي نتيجة نوبة قلبية عنيفة وفجائية.
ومن جهته زعم سائق نيرودا الخاص ويدعى مانويل آرايا، إن الشاعر تلقى laquo;حقنة غامضةraquo; عندما أخذه الى المستشفى (بالعاصمة سانتياغو) في إحدى زياراته الروتينية أثناء علاجه من السرطان. وقال إن نيرودا اتصل به هاتفيا في وقت لاحق من سريره بالمستشفى وقال له: laquo;تعال بسرعة. فقد علمت أن طبيبا حقنني بعقار لا علم لي به عندما كنت اغط في النومraquo;.
وقد رفع النواب الشيوعيون دعوى قضائية الى محكمة تشيلية خاصة كلفت النظر في انتهاكات جقوق الإنسان إبان دكتاتورية بينوشيه، وطالبوا فيها بنبش رفات نيرودا للتحقيق في ما يُقال من أنه مات مسموما. وقال المحامي كونتريراس: laquo;الوسيلة الوحيدة لمعرفة ما إن كانت الحقنة التي تلقاها نيرودا في ذلك اليوم عبارة عن سم كما يُشاع هي إخضاع رفاته لتكنولوجيا الطب الشرعي الحديثraquo;.
ويذكر أن تلك المحكمة نتظر في نحو 725 حالة وفاة شهيرة طالتها الشبهات إبان حكم بينوشيه الذي استمر حتى 1990. ويذكر أيضا أن نبرودا، الذي نال laquo;نوبل الآدابraquo; في 1971، لفظ أنفاسه الأخيرة في نفس المستشفى الذي توفي فيه الرئيس التشيلي الأسبق إدواردو فراي العام 1982 عندما كان يتعافى من عملية جراحية لرتق الفتاق.
وينظر قاض حاليا في مزاعم وجهتها أسرة فراي (تولى الرئاسة من 1964 إلى 1970) وأتى فيها أن عملاء المخابرات سمموه بحقنة أدت الى وفاته (مثلما هو الحال مع نيرودا) لأن بينوشيه كان يخشاه كأقوى منافس له وعلى مرمى حجر من انتزاع السلطة منه.
لكن laquo;مؤسسة بابلو نيروداraquo;، التي آلت على نفسها رعاية التركة الأدبية التي خلفها الشاعر وتتولى إدارة ثلاثة متاحف باسمه، استبعدت صحة المزاعم التي أطلقها سائقه الخاص من أنه قُتل بحقنة عقار سام. وقالت في بيان أصدرته إن هذه المزاعم laquo;تظل بدون دليل دامغ يسندها ولذا يصح الافتراض أنها من نسج خيالهraquo;.