كامل الشيرازي من الجزائر: تتجه الأنظار مساء السبت 16 نيسان/أبريل إلى مدينة تلمسان الجزائرية (520 كلم غرب) التي ستشهد افتتاح quot;عرسquot; الثقافة الإسلامية الـ25.
ويلوح الطبق واعدا من خلال العرض المرتقب لملحمة quot;تلمسان صدى الايمانquot; وهي لوحة كوريغرافية ضخمة يشترك فيها نخبة من الفنانين الجزائريين وبتوقيع مميز للمخرج اللبناني العالمي quot;حليم كراكلاquot;.
في إطار مسرحي أوبيرالي راقص متشح بالفكر والشاعرية، يعكف quot;حليم كراكلاquot; على وضع اللمسات الأخيرة لـquot;تلمسان صدى الايمانquot; (120 دقيقة إنتاج 2011)، وهو عمل كتب نصه أيضا، يحكي في قالب احتفالي فرجوي محطات فارقة من تاريخ الجزائر وعمقها الحضاري على مدار خمسمائة ألف عام، ومناجاة ذاكرة المكان.
فهنا تروي عشرات المعالم أساطير جزائر الزمن القديم، من قوس كراكلا الأصلي، إلى تمثال جوبيتر، مرورا بموكب باخوس العظيم الذي احتفظت الجزائر بتفاصيله قرونا من الزمن، وما واكب دخول الإسلام إلى هذا المتحف الطبيعي الكبير، وما ظلّ يزخر به من أعلام وأشواط وزخم تراثي بين أمازيغي وشاوي وطارقي ونايلي.
وفي إفادات خاصة بـquot;إيلافquot;، أبدى الفنان الجزائري المعروف quot;عبد الباسط بن خليفةquot; تأثره الشديد بالحرفية العالية لحليم كراكلا واقتداره في إبداع عمل ثلاثي الأبعاد، حيث يزاوج طاقم quot;تلمسان صدى الايمانquot; بين التشخيص الدرامي، التعبير الجسماني، وفواصل غنائية بأصوات ثلة من المطربين الجزائريين المخضرمين والشباب.
ويلفت بن خليفة الذي يؤدي دورا محوريا في الملحمة من خلال تقمصه شخصية الراوي، إنّ هذا النتاج الذي استغرق أشهرا من العمل الشاق، يسلط الضوء على مراحل تاريخية حاسمة في التاريخين الجزائري والمغاربي، ويركّز بشكل خاص على تلمسان هذه التحفة الأندلسية من زمن المرابطين والزيانيين.
واستنادا إلى بن خليفة، فإنّ الملحمة ستقترح على متتبعيها، ما طبع بدايات التاريخ المغاربي، وكذا الظروف التي عاشتها مدينة تلمسان قبل دخول الاسلام وكيف وصلت الرسالة المحمدية إلى المنطقة، مع وقفات خاصة بشخصيات كانت لها بصماتها على منوال: عقبة بن نافع، أبو المهاجر الدينار، كسيلة، الكاهنة وغيرهم .
العمل الذي يشرف على تركيب موسيقاه، المايسترو الإيراني الكبير quot;محمد رضا علي غوليquot; الذي واظب على العمل بجانب كراكلا منذ سنوات عديدة، سيكون موشحا بلوحات كوريغرافية يتكامل فيها فريق الباليه القومي، مع نظيره التابع للديوان الجزائري للثقافة والإعلام.
كما ستكون الحناجر الذهبية لمغنين متميزين حاضرة بدورها، في صورة: يوسفي توفيق، نوري الكوفي وعبد الله الكرد، إضافة إلى ممثلين لهم وزنهم على غرار: آمال سكاك، إبراهيم زروق، بلقاسم زيطوط، باديس فضلاء، العيد جلول ومحفوظ بركان، ناهيك عن مجموعة من الشبان الناشئين: عبد الكريم حريق، أمل ازندون، شهاب قداحي، بما يغري النافر من طابوهات الحكي السائد، علما أنّ كراكلا برز بانتصاره لعناصر الفرجة الحديثة المنتصرة لكل ما هو لا مألوف ومتجدد وتجريبي في النص والعرض المسرحيين.
إلى ذلك، وبعد سنتين من التحضير الشائق، باتت تلمسان مستعدة لاحتضان احتفالية quot;عاصمة الثقافة الإسلاميةquot;، التي تتضمن في برنامجها إقامة أسابيع ثقافية متتالية لمختلف المدن الجزائرية، بغرض إبراز مكونات الثقافة المحلية، كما ستشكّل تلمسان قبلة لثقافات وحضارات دول إسلامية من خلال أيام ومنتديات ومهرجانات.
ويُرتقب بحسب المنظمين، أن يتمّ نشر ما لا يقل عن ألف عنوان في إطار التظاهرة وتنظيم ثماني مهرجانات ثقافية كبرى على غرار مهرجان السماع الصوفي، الإنشاد، سينما الدول الإسلامية وغيرها، في حين سيتم إنجاز 12 فيلما وثائقيا حول شخصيات تاريخية في الجزائر والعالم الإسلامي، وإسهامات الجزائر عامة وتلمسان خاصة في الإشعاع الثقافي الإسلامي.
وستكون الاحتفالية مناسبة لعرض فيلم وثائقي طويل حول الأديب الجزائري الراحل quot;محمد ديبquot; وثلاثيته الشهيرة quot;الحريق ndash; دار سبيطارquot;، بالإضافة إلى تنظيم 12 ملتقى دولي لها صلة بالثقافة والحضارة الإسلامية، وسلسلة معارض حول العصر الذهبي للعلوم في الدول الإسلامية، تسجيل وتدوين التراث الثقافي غير المادي، وعروض موسيقية مصحوبة بقوافل فنية متنقلة لفنانين جزائريين وعالميين، وعقد مؤتمر وزراء الثقافة للدول الإسلامية.
التعليقات