طير العزلة ينقر أرغفة الكلمات

لا معدته تمتلئ ولا محيط الرغيف يتناقص

****

رحلوا كلهمُ...

لا عصافيرَ في الزرقةِ الآنَ

الشبابيكُ المفتوحة جوازُ سفر لهجرة بلا دليل

لا عصافير تؤنس الأشجار

تنغرس في الدروب عيوني

وترتدّ

تقع على ريشة صفراء من جنح عصفور

وقعت حين العبور ما بين الداخل والخارج

****

لا غبار على العصافير

ودائماً تجد آذاناً وأغصاناً وشركاء في الطيران

****

الآن، أرسم للبيوت أجنحة بديلة

أعمّدها بكلمات في مدار الجسد

لئلا تنغرز في شفتيّ وحنجرة الكون

****

أبحثُ عن دليل فنّ العودة

وأرى العجوز الذي كان يسير إلى بيته

ما زال يسير

ما زال يحمل في الكيس غَذاء للقطة

يجرّ جسده نحو البيت

لهاثه في أذني

صوته ينعقد في خطوط ملتوية في وجهه

يمضغ الكلمات المكدّسة فوق لسانه ولا يبصقها

يعيش فرحاً بقطته

وليس من الصائب أن أقول للرجل ذو اللحية البيضاء والقميص الأخضر

إنّ فرحك ينبع من داخلك

القطة ليست إلا ذريعة

ليس من الحكمة أن أقول:

لا تشتري موزاً أخضر

فإلى هناك قد تطير الروح قبل أن تنضج

ودون أن نجد سبيلاً لمعرفة شجرة أردتُ أن تكون شريكتي في الأرض

إنها تزهو في قلبها

نهاياتها معلقة في الهواء

وفي قلبي لها جذر

وأنّى للشجرة أن تشهق جمالاً، وفي قعر الأصيص دود

****

لطخة ربيع، في قلبها أكثر من دودة

الشجرة على علم بالداء

كذلك الجذر

وأنا الشاهدة على ما يجرى على وجه الغيمة وظهرها

أنا الممسوسة بالفراشات المحترقة في دمي

المستأنسة بألف محبرة وليلة

فرّ من حجرها الغريب

والأيائل التي لم تجد نبعاً على خارطة البيت المنسية في يدي

لا مأوىً ليديّ

ذاكرتي ترشح ما كان في البدء

أيامي رغيف في تنور العالم

توق لأنثى الأيام التالية

****

خلف نافذة البيت أطيل الوقوف

أحدّق في الأفق:

راجمة صواريخ مصوبةٌ نحو الغيمة

وامرأة عارية مستلقية على مقعد خشبي وسط غابة كثيفة

عليها يتلصص الذئب، الفيل، الأسد، ومالك الحزين

وترقص على أكتافها الأشجار

على هامش المشهد،

رجل أسمر، صدره عار، وعلى محيط خصره قوس وسهام

يداعب مزماره النحاسي الملتوي كأفعى

بين شفتيه السميكتين يصحو اللحن

ويطوف بألف حافة في غابة الجسد.

* من ديوان: جسد واحد وألف حافة، 2016