نجلاء عبد ربه من غزة : لم يتوانَ جيش الإحتلال الإسرائيلي عن إلحاق ألوان الإذلال والإضطهاد للعمال الفلسطينيين على الحواجز التي يقيمونها على مداخل المدن الفلسطينية المختلفة في الضفة الغربية، فأخذت في استعمال أساليب قمعية أكثر شدة، خاصة بعد العملية الفدائية في القدس الغربية التي أوقعت 8 قتلى إسرائيليين وإصابة أكثر من 35 آخرين قبل عدة اسابيع. وعلى الرغم من أساليب التفتيش الدقيق المذل للعامل الفلسطيني قبل توجهه للعمل في أراضي الـ 48 والمدن الإسرائيلية المختلفة، فقد اعتقلت قوات الاحتلال المئات منهم، واعتدت عليهم بالضرب وابتزتهم ماليًا.
ولم يكن أمام العامل محمد جبر من إحدى قرى مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية والذي يعمل داخل ورشة للبناء في الأراضي التي احتلتها quot;إسرائيلquot; عام 1948، إلا أن يستريح quot;استراحة المحارب في عيشتهquot; بعد اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال مرات عدة. ولم يعد جبر، في العقد الخمسين من عمره حسب ما قاله في اتصال هاتفي مع إيلاف quot;لن أجازف بحياتي، فقد اعتقلتني قوات الاحتلال له مرارًا، واعتدت عليّ بالضرب المبرح، وفي مرات كثيرة كانوا يحتجزونني لساعات بالعراء وسط جو بارد جدًا في الضفة الغربيةquot;.
و جبر يعيش خلفه 9 أطفال أنجبهم، هو الآن دون عمل، وقد تقطعت به سبل الحياة، فهو كما قال quot;يعيش يومه... باليومquot;. والآن يضع كفيه على خديه، ويتأمل الأيام المقبلة، هل ستكون أكثر شدة وقسوة عليه، أم ماذا...؟ تساؤل يحير جبر وأمثاله من آلاف العمال الذين يعملون في المدن الإسرائيلية المختلفة.
ويحاول جبر أن يعمل الآن في مدينة طول كرم، لكنه حسب ما يقول، لم يجد عملاً، quot;فالوضع في الأراضي الفلسطينية صعب لدرجة لا يتخيلها أي إنسان على وجه الأرضquot;. وإن كان العامل جبر محظوظًا أكثر من غيره في حصوله على تصريح للعمل داخل إسرائيل، على الرغم من الإهانة التي يلاقيها يوميًا من الجنود الإسرائيليين عند حاجز التفتيش على مدخل قريته، إلا أن هناك عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين، لهم معاناة خاصة، لا سيما أنهم لا يملكون تصاريح للعمل داخل إسرائيل. هؤلاء معرضون يوميًا لملاحقة الشرطة الإسرائيلية أثناء عملهم، وزجهم داخل السجون المختلفة، ناهيك عن دفع الغرامات المالية الباهظة.
وكشف بيان لمركز المعلومات الوطني الفلسطيني أن التعدي على العمال لا يقف عند حد معين، فمن الابتزاز الأمني إلى ارتكاب جرائم قتل بحق العمال، كما ارتكبت العديد من المذابح ضد العمال ومن بينها مذبحة عيون قارة في 20 أيار 1999 التي ذهب ضحيتها سبعة شهداء.
وأضاف البيان أن الملاحقة والمطاردة، وانتشار شركات وهمية لسماسرة التصاريح لسرقة مستحقات العمال والاعتقال التعسفي والاستفزازات الأمنية ومنع العمال من الوصول إلى أماكن عملهم كان أيضًا من الوسائل لتجويع الفلسطينيين وتدمير اقتصادهم.
وكان الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين quot;شاهر سعدquot; قد أكد أن قوات الاحتلال الإسرائيلية اعتقلت منذ بداية العام الحالي أكثر من 415 عاملاً وما يزيد على 4000 عامل منذ بداية انتفاضة الأقصى، وقتلت أكثر من 43 عاملاً قنصًا على الطرق الالتفافية، واستخدمت طرقًا أكثر عنفًا في التعامل مع العمال عند إلقاء القبض عليهم، حيث تحتجزهم لفترات طويلة، وتجبرهم على دفع غرامات مالية، ويخضعونهم لمحاكم كأنهم مجرمون.
ووجه سعد انتقادًا للسلطة الفلسطينية لعدم توفيرها فرص عمل لهؤلاء العمال، وقال إنه لا توجد فرص لتشغيلهم، خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر كثيراً في الأراضي الفلسطينية، موضحًا أن عدد عمال فلسطين داخل الخط الأخضر قبل اندلاع انتفاضة الأقصى في أواخر سبتمبر 2000، كان 250 ألف عامل، أما الآن فلا يتجاوز عددهم 94 ألف عامل، أكثر من نصفهم بدون تصاريح عمل.
- آخر تحديث :
التعليقات