افتتح البنك الدولي في العاصمة الأردنية عمّان اليوم المؤتمر الإقليمي لإصلاح وتنظيم البنية التحتية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، برعاية وزيرة التخطيط والتعاون الدولي سهير العلي، وبدعم من البنك الإسلامي للتنمية والبنك الإفريقي للتنمية ومؤسسة التمويل الدولية وبرنامج التسهيلات الاستشارية للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية الأساسية. ويشارك في المؤتمر، الذي يستمر يومين، ممثلين على مستوى صانعي القرار في قطاعات البنية التحتية وممثلين عن منظمي البنية التحتية من دول معنية عدة.

عمّان: يهدف المؤتمر الإقليمي لإصلاح وتنظيم البنية التحتية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي ينعقد في عمّان، إلى تأسيس منتدى لمنظمي البنية التحتية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتسليط الضوء على أهمية البنية التحتية، والتحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهة تلك التحديات، في ضوء الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على كلفة مشاريع البنى التحتية، ومناقشة الفرص والدور الذي قد يلعبه القطاع الخاص في رفع مستوى البنية التحتية، إضافة إلى مناقشة الدور المؤمل من إنشاء المنتدى، الذي من المتوقع أن يسهم في تسهيل ودعم عملية الإصلاحات لتطوير البنية التحتية المحلية والإقليمية.

وأشارت دراسة للبنك الدولي إلى أن البلدان متوسطة الدخل في المنطقة سيتعين عليها أن تستثمر ما يعادل 9.2 % من إجمالي ناتجها الإجمالي السنوي خلال الفترة 2008-2015، حتى تتمكن من الحفاظ على استدامة نموها الاقتصادي. ويشكل هذا مجهوداً استثمارياً يتراوح في مجمله بين 75 مليار دولار أميركي و100 مليار سنوياً، منها 33 % لصيانة المرافق الحالية للبنية الأساسية، وحتى تاريخه، قامت بلدان المنطقة بحشد حوالي نصف هذا المبلغ.

ونمت الاستثمارات الخاصة في مجال البنية التحتية نمواً كبيراً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ عام، وإن كان بمعدل أقل مما هو في المناطق الأخرى. وتوضح التقديرات التي قدمها البنك الدولي اليوم في العاصمة الأردنية أن حجم مشاريع البنية التحتية زاد من 25 مليار دولار أميركي في عام 2007 إلى 27 ملياراً في عام 2008، قبل أن يهبط بشدة في عام 2009 إلى 6 مليارات، بسبب الأزمة المالية العالمية.

وكانت المنطقة، وحسب مسؤولي البنك الدولي، ناجحة نسبياً في اجتذاب رأس المال الخاص في مشروعات الاتصالات، معظمها في قطاع الهاتف المحمول، وشركات إنتاج الكهرباء المستقلة وشركات إنتاج المياه والكهرباء المستقلة، وبدرجة أقل في تطوير منشآت جديدة في المطارات والموانئ. غير أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه بعض التحديات الكبيرة في المضي قدماً نحو تنفيذ الأهداف المتصلة بالبنية التحتية، وسيكون من الضروري وجود إطار قانوني وتنظيمي فعال وشفاف لتنفيذ برامج السياسات، وكذلك مؤسسات جديدة والقدرات اللازمة من أجل تنفيذ هذه البرامج.

الوزيرة العلي
من جهتها، اعتبرت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي سهير العلي في كلمتها الافتتاحية للمؤتمر quot;أن البنية التحتية هي أحد محاور التنمية الرئيسة وعمودها الفقري، وتشكل التحدي والفرصة لجلب الاستثمار والتقدم الاقتصادي، وبالتالي يعتمد عليها في تطور نوعية الحياة والتنمية البشرية، والتي كانت سابقاً مسؤولية الحكومات في كل النظم الاقتصادية، إلا أنه ونظراً إلى الدور المهم الذي قد يلعبه القطاع الخاص في دعم وتطوير البنية، فإننا نؤمن بأن المسؤولية أصبحت مشتركةquot;.

وأضافت إن الحكومات المتعاقبة في الأردن لعبت دوراً كبيراً في تسريع وتيرة الإصلاح ومأسسته من الجوانب كافة، حيث كان العمل مستمراً لتنمية وتطوير البنى التحتية في القطاعات المهمة كالطرق، والمياه والطاقة والاتصالات، بهدف تحسين مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين ولتحقيق التنمية المستدامة.

وأشارت إلى أنه وفي ضوء تلك الأهمية، فقد قامت وزارة التخطيط والتعاون الدولي وبالتشارك مع الوزارات والمؤسسات المعنية كافة بتنسيق إعداد البرنامج التنفيذي للأعوام 2007- 2009، الذي احتوى على مشاريع لدعم القطاعات التنموية، كما تم العمل على إعداد برنامج تنفيذي تنموي للأعوام 2009 - 2011، آخذاً بعين الاعتبار التحديات التي تواجه الأردن على المستويات كافة، وهو الآن في مراحله النهائية، ويتم في الوقت الحالي مواءمة البرنامج مع الموازنة العامة لعام 2010، ووفقاً للتمويل المتاح، ليتم بعد ذلك عرضه على مجلس الوزراء. ويمثل هذا البرنامج خطة عمل الحكومة للمرحلة المقبلة، وتم إعداده بصورة تشاركية مع كل الجهات المعنية، ليكون مكملاً للبرامج التنموية السابقة.

وبينت الوزيرة العلي أن البرنامج التنموي احتوى على محور خاص بالبنية التحتية، يهدف إلى توفير بنى تحتية ذات كفاءة ومردود اقتصادي واجتماعي عال، وتحسين نوعية البيئة وتعزيز استدامتها، وتطوير الاقتصاد الأردني ليكون مزدهراً ومنفتحاً على الأسواق الإقليمية والعالمية، في ضوء التوجهات ولكي يكون الأردن مركزاً إقليمياً بين دول المنطقة ضمن الإقليم والأقاليم المجاورة لاحتضان مثل هذه الاستثمارات، في ضوء توافر البيئة الملائمة لذلك، والمتمثلة بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي الكلي، ووجود التشريعات الناظمة للعملية الاستثمارية، وإشراك وتفعيل دور القطاع الخاص في العملية التنموية والانفتاح التجاري على العالم.

إضافة إلى توافر البنية التحتية المتميزة، ووفرة الموارد البشرية المؤهلة. ولترجمة تلك الأهداف احتوى البرنامج على جملة مشاريع إستراتيجية في البنية التحتية، مطروحة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي تستهدف أهم قطاعات البنية التحتية مثل قطاع المياه، وقطاع الطاقة، وقطاع النقل.

الشراكة بين القطاعين
كما بدأت الحكومة الأردنية بفتح المجال لمشاركة القطاع الخاص، من أجل تعزيز وتطوير الخدمات الحكومية، من خلال جذب استثمارات وخبرات القطاع الخاص، وإشراك القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع البنية التحتية الحيوية، وتوفير خدمات عالية الجودة. وقالت العلي إن الأردن كان من الدول السباقة في مجال الشراكة مع القطاع الخاص لتطوير البنية التحتية، فمنذ تولي الملك عبدالله الثاني ابن الحسين مهامه الدستورية، تبنى الأردن جملة من الإصلاحات الهادفة إلى تهيئة البيئة المناسبة لتمكين القطاع الخاص من الدخول والمنافسة في مشاريع البنية التحتية.

وأشارت إلى أن الحكومة عملت في هذا الصدد على تحديث القوانين والتشريعات وإعادة هيكلة بعض المؤسسات الحكومية الناظمة للعمل في قطاعات البنية التحتية، والتي انبثق منها هيئات حكومية، تعنى بالتنظيم والإشراف على الخدمات القطاعية، وإعطاء دور تقديم الخدمة إلى القطاع الخاص، بمعنى آخر فقد تم فصل الأدوار بين راسم السياسة ومقدم الخدمة والمنظم.

وأكدت أنّه وضمن الجهود المستمرة للإصلاح والتطوير، جرى خلال العام 2008 إطلاق برنامج الشراكة ما بين القطاع العام والقطاع الخاص، الذي يهدف إلى تحسين الكفاءة الاقتصادية وتخفيف مخاطر الاستثمار على الحكومة، وتحقيق القيمة المضافة للمال العام على المدى القصير والمتوسط و / أو الطويل، وتخفيف العبء المالي عن خزينة الدولة، وجذب استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي، إضافة إلى زيادة انتشار ورفع جودة الخدمات العامة والبنية التحتية.

وتسعى الحكومة الأردنية، ومن خلال تنفيذ برنامج الشراكة، إلى زيادة تفعيل دور القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات البنية التحتية والمرافق العامة، لا سيما أن المستقبل يحمل فرصاً واعدة لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث تتوافر في المملكة فرصاً استثمارية مجزية في قطاعات مختلفة، مثل الطاقة والنقل والصحة والتعليم والإسكان والأبنية الحكومية والسياحة والمياه، في ضوء توافر الإطار التشريعي الملائم والقوى العاملة المؤهلة، التي تعتبر من أهم عناصر الإنتاج للمشاريع المزمع إقامتها من قبل القطاع الخاص بالشراكة مع القطاع العام.

وأكدت العلي أهمية التواصل والحوار بين صانعي القرار في القطاع العام والقطاع الخاص والمنظمين للبنية التحتية في القطاعات التنموية المختلفة في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لما له من انعكاسات إيجابية على تبادل المعلومات والخبرات، خاصة في ما يتعلق بتبادل قصص النجاح حول تهيئة البيئة المناسبة لعملية الإصلاح ووضع السياسات والأطر التنظيمية والمبادرات الخاصة بإشراك القطاع الخاص في عملية تطوير البنية التحتية.

مزيد من الوظائف
من جانبه، لفت الهادي العربي، المدير القطري في البنك الدولي المسؤول عن إيران والعراق والأردن ولبنان وسوريا، إلى أن دول المنطقة بحاجة لخلق مزيد من الوظائف أكثر من السابق، وذلك لاستيعاب الزيادة السريعة في القوى العاملة، وبالتالي هذا سيتطلب الحفاظ على نمو اقتصادي بنحو 7% على مدى فترة طويلة، لذلك سيتعين على بلدان المنطقة زيادة الاستثمارات في مجال البنية التحتية بدرجة كبيرة.

منتدى إقليمي
من جهته، أكد نومبا أوم، كبير الخبراء الاقتصاديين في إدارة التنمية المستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي، أنه quot;من أجل تسهيل تبادل وجهات النظر والأفكار بشأن كيفية المضي قدماً نحو تنفيذ الأهداف المتصلة بالبنية التحتية في المنطقة، فإن المؤتمر سيبحث الخيارات المتاحة لإنشاء منتدى إقليمي متكامل ومتعدد القطاعاتquot;. وأضاف أن إنشاء هذا المنتدى يهدف إلى نشر الخبرات الدولية وأفضل الممارسات وتيسير التعلم من النظراء وتبادل المعلومات من أجل خدمات أفضل وميسورة التكلفة للبنية التحتية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويشارك في المؤتمر، الذي يستمر يومين ممثلين على مستوى صانعي القرار في قطاعات البنية التحتية وممثلين عن منظمي البنية التحتية من الجزائر والبحرين وجيبوتي ومصر وإيران والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا والمغرب وفلسطين وسوريا وتونس والإمارات واليمن وبريطانيا والولايات المتحدة.