بيروت - إيلاف: عرض وزير المال اللبناني السابق جهاد أزعور خلال مشاركته في مؤتمر عن quot;الازمة الاقتصادية وانعكاساتها على المنطقةquot; الذي نظمته كلية الأعمال والعلوم التجارية في جامعة الروح القدس- الكسليك والرابطة العربية لكليات إدارة الأعمال، لنتائج دراسة أعدها أخيراً عن الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على المنطقة وعلى لبنان، وعن الإجراءات التي يمكن أن تتخذها دول المنطقة، بما فيها لبنان، للتكيف مع هذه الأزمة، مقترحاً في هذا الصدد إيجاد quot;منظومة متكاملةquot; للتعاطي مع هذه الأزمة، وتنفيذ مجموعة من السياسات والإجراءات، بينها استحداث quot;مجلس أعلى للنموquot; يشارك فيه القطاع الخاص، ووضع quot;أجندة وطنية للتنافسيةquot; لتحسين المناخ الاستثماري في لبنان.

وأوضح أزعور أن هذه الدراسة تظهر أن quot;الأزمة العالمية التي تحولت تدريجاً أزمة اقتصادية ذات بعد اجتماعي طاولت الدول الناشئة والتكتلات الاقتصادية، سيكون لها تأثير على مجمل دول المنطقة وعلى مختلف القطاعات الاقتصادية، خصوصاً تلك المرتبطة بالاقتصاد العالمي، كقطاعي التصدير والسياحة، والقطاع النفطي، وقطاعات أخرى تعتمد على الاستثمار الخارجي أو على نسب تمويل مرتفعةquot;.
وعلى المستوى اللبناني، لاحظ أزعور في دراسته أن quot;لبنان الذي تمكن من التحوط للصدمة الأولى الناتجة من الأزمة في نهاية 2008، قد يتعرض لتردداتها وتحولاتها في سنة 2009، وهو ما سينعكس تراجعاً لنسبة النمو الاقتصادي بنحو 5 %، بحسب الأرقام الرسمية، وكذلك قد تؤثر الازمة على مستوى التحويلات والاستثمارات المباشرة، مما قد ينعكس سلباً على وضع ميزان المدفوعاتquot;.

في المقابل، أشار أزعور الى أن quot;تراجع نسبة التضخم سينعكس تحسناً في القدرة الشرائية، في حين أن الانخفاض الكبير في أسعار النفط، سيرتد إيجاباً على وضع الخزينة، حيث سيتدنى مستوى التحويلات إلى قطاع الكهرباء، وستزيد الإيرادات المتأتية من قطاع الطاقةquot;.
واعتبر أن quot;ارتفاع نسبة العجز الذي ستشهده المالية العامة، سيضعف فرص النمو وسيحدّ من قدرة الحكومة على معالجة المشاكل الاقتصادية المتأتية عن الأزمة العالميةquot;، لكنه شدد على أن quot;هذا التشخيص لا يلغي قدرة الاقتصاد اللبناني على التكيف مع هذا الأزمة إذا تم وضع منظومة سياسات وإجراءات تتيح مواجهة هذا التحدي، ومن جهة أخرى إعادة إطلاق مسيرة النمو والإصلاح الاقتصاديquot;.

وتحدث أزعور عن بعض الأفكار والاقتراحات العملية التي تضمنتها الدراسة، مشيراً إلى أن quot;هذه الاقتراحات تتمحور على 8 مسارات يمكن الاعتماد عليها، منها على سبيل المثال تلك الكفيلة بإعادة تنشيط النمو من خلال ابتكار أدوات تمويلية جديدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والخفض التدريجي للفوائد المصرفية، إضافة إلى برنامج لتنشيط القطاعات ذات القيمة المضافة العالية التي يمكن أن تتأثر سلباً بالأزمةquot;.

وشدد أزعور على أن quot;مستقبل لبنان الاقتصادي يتطلب تفعيل تنفيذ الاصلاحات الهيكلية، من جهة، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية، مع المحافظة على الاستقرار المالي والاقتصاديquot;، داعياً إلى quot;وضع أجندة اقتصادية جديدة ترتكز على برنامج باريس 3 وتفعّله، وتساهم في إطلاق العجلة الاقتصادية والنموquot;. ورأى أن quot;التحول المفاجىء والمستمر في الظروف الدولية يستدعي مراجعة للسياسات والإصلاحات إضافة إلى تحديث برنامج باريس 3quot;.

وتحدث أزعور عن نتائج الدراسة بالنسبة إلى دول المنطقة العربية، فأشار إلى أن هذه الدول، باستثناء قطر، ستشهد تراجعاً في نسب نمو اقتصاداتها في سنة 2009، لكنه رأى أن الفوائض التي حققتها دول الخليج جراء ارتفاع أسعار النفط بين العامين 2005 و2008، ستتيح لها الحد من الارتدادات السلبية للأزمة عليها، إذ إن هذه الدول استخدمت تلك الفوائض لإنشاء صناديق سيادية، سمحت لها بتنويع اقتصاداتها. غير أن أزعور نبّه ِإلى أن quot;أي تراجع لأسعار النفط إلى ما دون مستوى الخمسين دولاراً، وبقاء هذه الأسعار منخفضة، سيؤدي إلى تبخّر هذه الفوائض، ويفقد دول الخليح تالياً قدرتها على الحدّ من ارتدادات الأزمةquot;.