يرى محللون ان الحوافز المالية الضخمة وموجة الإقراض التي اطلقتها الصين قبل عامين انقذت العالم من الركود. وهم يتساءلون عما يمكن ان تفعله بكين لمتابعة ما بدأته.


ترجمة عبد الإله النعيمي: دوليا عجل نجاح الانفاق من خلال الاقتراض لتحفيز النمو بانتقال مركز ثقل النفوذ الاقتصادي واضعا بكين في مركز صنع السياسة الاقتصادية. ويتوقع مراقبون ان يتبدى هذا التحول خلال قمة مجموعة العشرين في سيول هذا الاسبوع.

داخليا تكفلت الرزمة التي اعلنتها الصين في اواخر 2008 بقيمة 4 ترليونات يوانغ أو 601 مليار دولار من الحوافز ، بتوفير وسادة للاقتصاد الذي كان يهوي متسارعا خلال الأزمة المالية العالمية. وسرعان ما تمكنت الصين من استيعاب اكثر من 20 مليون عامل مهاجر فقدوا فرص عملهم ، في مشاريع الأشغال العامة التي بدأتها الحكومة.

بعد عامين تستطيع الصين ان تتباهى ، من بين أشياء أخرى ، بأكبر شبكة من القطارات السريعة في العالم ، وما يحققه ذلك من رصيد هائل في سمعة البلد.

وتنقل صحيفة نيويورك تايمز عن جونثان فينبي رئيس شركة تراستيد سورسيس المختصة باستشارات الأسواق الناشئة ان ثقة الصين بنفسها تلقت دفعة كبيرة من برنامج الحوافز المالية تتعدى النتائج الاقتصادية المباشرة. واضاف فينبي ان النتائج الملموسة لموجة الانفاق العام ليس من شأنها إلا ان تزيد اعتزاز الصين بقدرتها على رفع الرهانات.

ولكن النجاح يرفع معه مستوى الآمال ويدفع الى توقع المزيد. واليوم تتعرض الصين التي أصبحت ثاني اكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة ، الى ضغوط للاضطلاع بمسؤولية أكبر عن مهمات بينها الحد من الانبعاثات الكاربونية ومعالجة مواطن الخلل في التوازن العالمي.

وكان رد بكين على هذه الضغوط حتى الآن اعادة الكرة الى ملعب البلدان المتطورة ، وخاصة الولايات المتحدة ، التي تحملها الصين مسؤولية المتاعب الاقتصادية في العالم.

وقال المستشار في البنك المركزي الصيني لي داوكي ان الصين اجتازت امتحان الأزمة المالية بعلامات كاملة ولكنها تواجه انتقادات من اولئك الذين فشلوا في الامتحان.

وكان القادة الصينيون ركزوا طيلة عقود على مواصلة النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي في الداخل مبتعدين عن اضواء السياسة الخارجية. ولكن اليزابيث ايكونومي مديرة الدراسات الآسيوية في مجلس العلاقات الخارجية ، وهو مؤسسة ابحاث مقرها في نيويورك ، ترى ان الصين تدرك الآن ان تحقيق هذه الأهداف يتطلب التعامل مع احداث خارج حدودها.

وفي القطاع المالي مثلا نجح الصينيون في توسيع قوتهم في صندوق النقد الدولي لتصبح الصين من أكبر المساهمين في الصندوق.

وتكتب ايكونومي في العدد الأخير من مجلة فورين افيرز ان الصين تحوُّل العالم مثلما تحول نفسها واصفة الصين بأنها quot;قوة ثوريةquot;. وبحسب صندوق النقد الدولي فان الاقتصاد العالمي نما بنسبة 0.19 في المئة العام الماضي بمعايير القوة الشرائية. وبلغت مساهمة الصين في هذا النمو 1.19 في المئة. وباختصار فان الصين حقا انقذت العالم من الركود دون احتساب آثار ايجابية أخرى غير مباشرة مثل زيادة الثقة في قطاع الأعمال ورفع اسعار السلع وخفض اسعار الفائدة ، التي يعزوها باحثون كلها الى الصين.

بكلمات أخرى ان الصين أسهمت بنسبة 46 في المئة من الطلب العالمي في عام 2009 ويزيد هذا مرتين على المتوسط العام الذي بلغ 22 في المئة خلال الفترة الممتدة من 2000 الى 2009 ، بحسب بنك غولدمان ساكس.

كما اسهمت الصين في تعزيز الاستقرار المالي خلال الأزمة. إذ ابتاعت بكين ما قيمته 50 مليار دولار من سندات صندوق النقد الدولي وأجرت مبادلات نقدية ثنائية بقيمة 95 مليار دولار مع طائفة من الدول وقدمت ثلث الموارد المالية لصندوق احتياط اقليمي آسيوي.

وكانت الدول المصدرة للموارد الطبيعية مثل استراليا وافريقيا واميركا اللاتينية في مقدمة المنتفعين من رزمة الحوافز الصينية. إذ ارتفعت حصة الصين من الطلب العالمي على السلع الصناعية الى 46 في المئة عام 2009 من 31 في المئة عام ، 2008 ، بحسب ريتشارد كوكسن والكسندر غودون من مصرف سيتي برايفت بنك.

ولكن منافع الحوافز الصينية لا تقتصر على الأسواق الناشئة وحدها. فان المانيا تتمتع بثمار انتعاش متواضع سببه الأساسي الطلب الصيني الذي لا يشبع على الآلات المتطورة والمنتجات الكيمياوية والسيارات.

وزاد اجمالي واردات الصين في الأشهر التسعة الأولى 300 مليار دولار على حجم وارداتها في الفترة نفسها من العام الماضي.

قال جيم اونيل مدير ادارة الأرصدة في بنك غولدمان ساكس ان تجارة المانيا مع الصين يمكن ان تساوي تجارة المانيا مع فرنسا إذا استمر هذا الاتجاه 12 الى 18 شهرا أخرى. وإضاف: quot;إذا كنت تعمل في ميونيخ فان ما يحدث في الصين أهم مما يحدث في بقية اوروبا وربما اهم مما يحدث في مناطق المانيا الأخرىquot;.