إعتبر عاطلون مغاربة أن قرار توظيف 350 صحراوياً حيفاً وإستمراراً لحالة الإحتقان في المغرب.


أحمد نجيم: توصل قرابة 350 صحراوياً حاصلاً على شهادات جامعية إلى قرار بتوظيفهم، فيما إعتبره العاطلون المغاربة حيفاً وإستمراراً في حالة الاحتقان بين الصحراويين وغير الصحراويين من المغاربة.

في المحكمة الابتدائية بمدينة ابن احمد الصغيرة (70 كلم شرق الدار البيضاء) كانت تعد خديجة، نبت المدينة وحاصلة على الإجازة في القانون وناشطة في جمعية لحاملي الشهادات المعطلين، ورقة إدارية بمكتب الضبط.

هدايا مسمومة

التقت صديقتها الموظفة هناك، فبدأت في سرد معاناتها اليومية، في قصتها مع الأمل في العثور على وظيفة واليأس من إيجادها يوما. بدت أكثر تدمرا وهي تتحدث، وكأنها تريد كل زائر للمكتب سماع ما تقوله، وهي تتحدث عن شاب صحراوي حاصل على الإجازة وظف أخيرا بخريبكة، ثم قالت quot;منذ سنوات، نحن نقوم بالإضرابات التي تواجهها قوات الأمن بالقمع، (إضرابات المعطلين)، ويأتي صحراوي لمنصب وكأنه ينتظره منذ سنوات، ليس لكونه يستحقه ولكن لكنه صحراوياquot;.
خديجة كانت تقصد توظيف الحكومة المغربية لأزيد من 350 صحراويا حاصلا على شهادات جامعية عليا (الإجازة (أربع سنوات بعد الباكالوريا) وما فوق).

فقد أخبر الصحراويون قبل أيام بوظائفهم التي تنتظرهم، طالبين منهم التوجه إلى الإدارات التي عينوا فيها لبدء الإجراءات الإدارية. طلب من جميع الراغبين في الحصول على الوظائف من الصحراويين، وفق ما حصلت عليه quot;إيلافquot;، الانتقال خارج الصحراء الغربية في الجنوب المغربي، وقد التزم هؤلاء بعدم المطالبة بالانتقال إلى إحدى مدن الصحراء في السنوات الاثنتي عشر المقبلة، وقد عين هؤلاء في مدن كثيرة وسط المغرب في إدارات تابعة لوزارات العدل والداخلية والصحة والتعليم. انقسمت الآراء حول توقيت تعيين هؤلاء الصحراويين، فأحد الناشطين في المجتمع المدني بالصحراء قال لـquot;إيلافquot; إن التوظيفات الأخيرة تأخرت كثيرا quot;لقد استثني أبناء الصحراء الحاصلين على شهادات جامعية من الوظائف لسنوات، وهناك قرار حكومي يفرض تعيين عدد من أصحاب هذه الشهادات، هذا القرار لم يشمل الصحراويين، لذا فطبيعي أن يصحح بالتعيينات الأخيرة أخطاء الماضيquot;، هذا الناشط الصحراوي أوضح أن نسبة البطالة في المدن الصحراوية داخل الحاملين لشهادات عليا أو عامة المواطنين (صحراويين وغير صحراويين)، أكثر بكثير من مثيلاتها في المدن المغربية الأخرى.

كما أضاف أن هذه التوظيفات تناقض مشروع quot;الحكم الذاتيquot; المقترح على المنطقة، لذا كان على الدولة توظيف هؤلاء بمدنهم وبالقرب من أهلهم وذويهم.

الفتنة النائمة

غير أن خديجة، الشابة التي تناضل من أجل الحصول على وظيفة، ترى أن هذا التوظيف سياسي quot;لقد وظفوا الصحراويين بعد شهر فقط على أحداث quot;كديم إزيكquot; ضاحية العيون لثامن نونبر (تشرين الثاني) (أحداث أدت إلى وفاة 11 فردا من القوات العمومية ومواطنين مدنيين)، لذا لجأت الدولة إلى مسكن التوظيف، خاصة أنها توصلت أن من قاد الحركة الاحتجاجية بالعيون كانوا من الشباب الحاملين للشهادات العلياquot;، وترى خديجة أن الدولة أبدعت هؤلاء عن المدن الصحراوية وسعت بجعلهم يندمجون أكثر مع سكان المدن المغربية الأخرى.

لا يبدو أن هذا الاندماج سيحصل، على الأقل في البداية، فقد عاش شاب صحراوي حاصل على إجازة في العلوم القانونية ما يشبه محنة في أولى أيام توظيفه، إذ انتقل إلى وظيفته الجديدة مسؤولا عن قسم بمؤسسة تابعة لوزارة العدل المغربية موافقا على جميع شروط المنصب. دخل الشاب، كما حكى لquot;إيلافquot;، إلى مكتب المدير الذي استقبله بترحاب، ثم طلب من سكرتيرته أن تعد له مكتبا فأجابته quot;لا توجد مكاتب جاهزةquot; بعد أن نهرها المدير، منحته المكتب.

غادر الشاب الصحراوي مكتب المدير، ثم طلب من السكرتيرة منحه أوراق إدارية لملئها، فكان جوابها quot;لا وجود لهذه الأوراق في الوقت الحاضرquot;، بعد تهديد بمغادرة المكتب، أخرجت السكرتيرة الأوراق للصحراوي. في اليوم الموالي، دخل الشاب الصحراوي إلى مكتبه وحيى زملاءه في المكتب، فلم يجبه أحد.

شابة صحراوية أخرى عاشت وضعا أكثر حرجا، فما أن باشرت عملها حتى صاح في وجهها زميل لها quot;أنتم الصحراويون تناولون وظائف دون جهد، بينما المعطلون الحاصلون على شهادات اعلى منهم ينالون العصا يوميا أمام البرلمان (في إشارة إلى احتجاجات هذه الفئة بشكل دائم أمام البرلمان للمطالبة بالشغل في القطاعات العمومية). لم تجبه الشابة التي غادرت المكتب احتجاجا على ما اعتبرته quot;تحرشاquot;.

هذه الوظائف، وفق ما حصلت عليه quot;إيلافquot;، لم تخل من محاباة، فقد منحت مناصب شغل إلى أشخاص يتابعون دراستهم بالخارج quot;هناك من وظف من الصحراويين، وهو ما زال طالبا يحضر دراسته العليا، لأن له معارف، يعني سيتلقى شهريا راتبا على وظيفة لا يزاولها، ويستمر الوضع سنة كاملةquot;، يقول مسؤول في مؤسسة حكومية معنية بهذه الوظائف.

ويتوقع أن لا يلتحق جميع الصحراويين بوظائفهم في الوقت الحالي، وهذا سيزيد من غضب موظفين آخرين عانوا (سوءا من خلال منح رشاوى مقابل الوظائف أو من خلال نضالاتهم أو من خلال مجهودهم العلمي) لنيل وظيفة في القطاع العام المغربي، كما سيزيد من حدة توثر الصحراويين وغير الصحراويين. حدة لا يبدو أنها ستتقلص مع دنو تغييرات تشمل وكالة تنمية المحافظات الصحراويين أو المجلس الاستشاري الملكي لشؤون الصحراويين.