فليب بايراستشي، كبير الإستراتيجيين في بنك ساراسين

أظهر تقرير لبنك سارسين أن الإقتصاد العالمي على حافة الركود، وأن المخاوف من أزمة الديون الأوروبية ستبقي على نفور المستثمرين خلال الأشهر المقبلة.


إيلاف: خلصت أحدث توقعات النظرة العالمية للإستثمار التي نشرها بنك ساراسين عن الربع الرابع للعام 2011، أن الإقتصاد العالمي على حافة الركود، كما أن أزمة الديون الأوروبية والمخاوف من حدوث ركود في الولايات المتحدة الأميركية ستبقي نفور المستثمرين من المخاطر على مستوى عالي خلال الأشهر المقبلة.

وأشار التقرير أيضاً أن على صناع السياسات الإقتصادية الآن إتخاذ قرارات أكثر جرأة أو أنهم لن يعودوا قادرين على تجنب الركود الإقتصادي.

ويرى المحللون في بنك ساراسين أن البنك المركزي الأوروبي ومجلس الإحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سيتصدان للتباطؤ الإقتصادي بسياسات نقدية أكثر إسترخاء. من جهة أخرى جاءت التوقعات لجهة أن يقوم البنك الإحتياطي الفيدرالي بجولة ثالثة من عملية التيسير الكمي مع إستمرار البنك المركزي الأوروبي بشراء السندات الحكومية الإيطالية والإسبانية.

ونظراً لارتفاع نسبة المخاطر الكلية فإن التقرير ينصح المستثمرين بضرورة توخي الحذر. واشار التقرير أنه لا زال الإستثمار في السلع الإستهلاكية والذهب ممكناً. وبسبب التباطؤ الحالي في النمو فإنه من الجيد أن ينتظر المستثمرون حتى تتغير هذه الظروف الإقتصادية.

عمق تباطؤ النمو العالمي، من المخاوف المتعلقة بالديون السيادية واهتزت الثقة في الإقتصاد. ومن المرجح أن تؤدي تدابير خفض التكاليف التي خططت لها الحكومات في الولايات المتحدة وأوروبا إلى تباطؤ النمو بشكل أكبر خلال الفصول القادمة، لاسيما إذا لم يستطع صناع السياسات الموافقة على الحزم المالية الجديدة.

وسيكشف الربع الرابع من هذا العام هل سينزلق الإقتصاد العالمي نحو الركود أو نه سوف يتم تدارك هذا الخطر في اللحظة الأخيرة. ومن أهم أسباب ضعف النمو برزت نتيجة التوترات في النظام المصرفي المرتبطة بأزمة ديون اليورو.

ومع إنتشار العدوى إلى إسبانيا وإيطاليا على وجه الخصوص دخلت الأزمة مرحلة جديدة، حيث أصبحت كبيرة جدا ليتم إحتوائها من خلال حزمة إنقاذ اليورو، دون أن يؤثر ذلك على التصنيفات الائتمانية لفرنسا وألمانيا.

من جهة أخرى يساعد تنسيق السياسات المالية الأوروبية وضمان إصدار السندات المشتركة على إستعادة ثقة المستثمرين. ومع ذلك فإن ترك أزمة اليونان من دون إنقاذ من الممكن أن تؤدي إلى أزمة مصرفية مثل تلك التي حدثت في أعقاب إفلاس بنك ليمان.

قال جان أمريت بوزر، رئيس الأبحاث وكبير الخبراء الإقتصاديين في بنك ساراسين: quot; تدور دول اليورو المثقلة في الديون بحلقة مفرغة. وقد أصبحت أكثر الدول أماناً أضعفها نمواً.

وكلما ضعف النمو إزدادت الشكوك حول قدرة البلاد في التخلص من ديونها وزادت فروقات الإئتمان فيما بينها. في النهاية سوف تتحقق التوقعات، لأنه إذا لم يصدق المستثمرون أن البلد قادر على السداد يمكن أن يرتفع الطلب على أسعار الفائدة ويصبح هذا البلد في أزمة مالية خانقةquot;.

من جهته، قال السيد فليب بايرتستشي، كبير الإستراتيجيين في بنك ساراسين: quot;إذا كانت التدابير السياسية مقنعة فإنها ستساعد على تحسين المعنويات في الأسواق المالية، وبالتالي من المحتمل أن تزيد شهية المستثمرين للخطر خلال الربع الرابع من العام الجاري مما يدعم الإنتعاش الإقتصادي المحتمل.

لكن إذا فشلت هذه السياسات يجب أن يتوقع المستثمرون مزيداً من الإنتكاسات في الأسواق المالية نظراً لارتفاع مستوى عدم اليقين السياسي بالإضافة إلى الأصول الخطرة التي لاتزال تشكل النسبة الأعلى من أصولناquot;.

البنوك المركزية والبحث عن حلول:

أجبر الأداء الإقتصادي الأميركي المخيب للآمال، البنك الإحتياطي الفيدرالي إلى الإسترخاء في سياسته النقدية، مع التأكيد على الإستمرار في سياسة سعر الفائدة المنخفضة والشروع في تنفيذ عملية quot;تويستquot;. لذلك يعتقد محللو بنك ساراسين أنه من المرجح أن يأتي التيسير الكمي نتيجة التوقعات بانتكاسات أخرى.

على النقيض من البنك المركزي الأوروبي الذي يواجه ليس فقط تباطؤ في النمو وإنما إرتفاع حاد في أسعار الفائدة على السندات الحكومية الإسبانية والإيطالية. كما سيضطر البنك المركزي الأوروبي في الربع الرابع من العام 2011 إلى شراء السندات الحكومية للحفاظ على معدلات الفائدة تحت العتبة الخطيرة 5.5%.

ومن المرجح ألا يتغير هذا الإتجاه إلا إذا ما أقرت الولايات المتحدة إطلاق المرحلة الثالثة من سياسة التيسير الكمي أو إذا ما تم التوصل إلى حل أزمة ديون منطقة اليورو.

الحذر تجاه الأسهم:

أعطت مؤشرات الأسهم ما يزيد عن 20% من قيمتها في الربع الثالث. وإذا ما بدات أسواق الأسهم بالإنتعاش في الربع الرابع يجب على المستثمرين الحذر وعدم العودة إلى الأسواق إلا في حال كان هناك تراجع متزامن في أقساط المخاطر وتحسناً في المؤشرات الإقتصادية العالمية. بشكل عام من الجيد أن يبقى معظم المستثمرون على مقربة من أسواقهم المحلية نظراً للتقلبات الكبيرة في أسعار العملات، وذلك لتجنب التقلبات الملحوظة في قيمة محافظهم.

ونظراً لارتفاع المخاطر الإقتصادية العالمية ، ينصح المستثمرون عموماً بأن ينتبهوا لخطواتهم مع الأخذ بعين الإعتبار النمو القوي المحتمل للقطاعات الدفاعية من سلع إستهلاكية ورعاية صحية. بالإضافة أن قطاع التكنولوجيا يوفر أيضاً صفات دفاعية ينبغي أن تدخل حيز اللعب خلال مرحلة التباطؤ الإقتصادي. وتبقى الأسواق الناشئة هي الأكثر جاذبية من حيث التقييم على المدى المتوسط.

إرتفاع مخاطر السلع:

تدهور آفاق النمو والنفور المتزايد من المخاطر يجب أن تجعل المستثمرين أكثر حذراً تجاه الأصول السلعية. ويعتمد قلق نمو السلع الأكثر دورية لاسيما المعادن الأساسية والطاقة بشكل كبير على أسعار السلع الأساسية. في الواقع، فإن سعر الفائدة و سعر النحاس الحساس لتغيرات توقعات النمو، يعتبران مؤشران موثوقان للسوق.

من ناحية أخرى ستنعكس هذه المخاطر في حال واصل البنك الإحتياطي الفيدرالي سعيه لمرحلة ثالثة من التيسير الكمي، وهي الخطوة التي يمكن أن تطرح قبل نهاية العام، كما ومن شأن هذه المرحلة من التيسير الكمي إلى جانب المرحلتين السابقتين أن تدعم أسعار السلع الأقل دورية مثل الذهب والسلع الزراعية.

لايزال الذهب فرصة إستثمارية متاحة:

ترتفع مخاطر تقلبات الأسعار عند الذهب أيضاً، وبالتالي من المرجح أن يشهد الذهب أرباح مؤقتة بالتزامن مع إرتفاع أسعاره، مع توقعات بأن يشهد الطلب على الذهب المزيد من الصعود. يرى محللو بنك ساراسين ثلاثة أسباب رئيسية لذلك هي السياسة النقدية العالمية والطلب القوي من الدول ذات الأسواق الناشئة بالإضافة إلى الدرجة العالية من حالة عدم اليقين التي تحيط بمشاكل الديون السيادية. وبالتالي، فإننا ننصح المستثمرين باستخدام انخفاض الاسعار باعتباره فرصة للشراء.