بروكسل: بدأ العديد من الدول الأوروبية في ممارسة ضغوط على ألمانيا لتخليها عن تعديل اتفاقية الوحدة الأوروبية وتضمينها بنودًا لفرض ضوابط حوكمة اقتصادية صارمة، مقابل تمكين الدول المتسيبة في منطقة اليورو من المساعدات الضرورية، وبما فيها الدعم المالي المباشر من المصرف المركزي الأوروبي.

يخيّم هذا الجانب المحدد من إدارة الأزمة المالية الأوروبية على اهتمامات المسؤولين الأوروبيين قبل ثلاثة أيام من انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي المكرّسة بشكل شبه تام لإدارة الأزمة المالية، التي تعصف منذ ثلاث سنوات بغالبية الدول الأوروبية.

ورغم تكرر القمم الأوروبية واللقاءات الثنائية والاجتماعات النوعية المختلفة، أخفق الإتحاد الأوروبي في بلورة حل مستدام للأزمة، يمكنه التوفيق بين الضوابط الألمانية الصارمة وبين احتياجات الدول المتعثرة.

وقال مصدر دبلوماسي أوروبي في بروكسل إن دولاً أوروبية عدة، تأمل أن تتخلى برلين عن مطالبتها بتعديل الدستور الأوروبي لخشيتها من مخاطر عرضه للتصويت عليه في استفتاءات شعبية، مع احتمال رفضه ودخول أوروبا في أزمة مؤسساتية خطرة.

كما إن الدول غير المنتمية إلى منطقة اليورو، وعددها عشر، تعتبر نفسها غير معنية بأزمة اليورو بشكل مباشر وقانوني، وبالتالي لا يمكنها تعريض نفسها لهزة سياسية أكيدة في حالة مراجعة وتعديل اتفاقية الوحدة الأوروبية.

وقال دبلوماسي أوروبي في بروكسل تعليقًا على انعقاد القمة المقررة الخميس والجمعة المقبلين إن أي سعي إلى تعديل اتفاقية الوحدة الأوروبية سينجم منه توجّه أكيد لتنظيم مؤتمر بين الحكومات الأوروبية لبحث صيغة التغيير، وهو أمر قد يتطلب أشهرًا عدة من التحضير.

ويرى الدبلوماسيون إن القمة الأوروبية ستضغط على ألمانيا لإقناعها بإمكانية الحصول على تمرير شروط الحوكمة الاقتصادية والمالية من دون الحاجة إلى تعديل الاتفاقيات الأوروبية.

وتعارض بريطانيا هذا التوجه، كما إن فرنسا تريد تجنب عاصفة سياسة في حالة تنظيم استفتاء جديد على معاهدة الوحدة الأوروبية. لكن ألمانيا تعتبر أن تعديل الاتفاقية الأوروبية هو الضمان الوحيد قانونيًا وعمليًا لإلزام الدول المتسيبة بالإقرار بقبولها بعقوبات محددة في حالة عدم التزامها بضوابط الحوكمة الجديدة.

وتريد ألمانيا جرّ شريكتها في منطقة اليورو إلى القبول بمبدأ المثول أمام محكمة العدل الأوروبية في حالة ارتكاب تجاوزات في مجال إدارة الموازنات والتحكم في السياسات المالية وفرض غرامات محددة على المتخلفين.

وترفض فرنسا ودول أخرى هذا التوجه، وتعتبره مساسًا بالسيادة الوطنية للدول، وسيستمر النقاش بشكل حاد حول إدارة أزمة اليورو لغاية نهاية الأسبوع الجاري.