يعتقد خبراء إقتصاديون أن تخفيض التصنيف الإئتماني لفرنسا وبريطانيا سيؤدي إلى تداعيات تطال الإتحاد الأوروبي ككل.


لميس فرحات: خرج القادة الفرنسيون هذا الأسبوع للرد على الشائعات التي تقول أن تصنيف بلدهم الائتماني بات مهدداً، موجهين الضربات والانتقادات نحو الاقتصاد البريطاني، في الوقت الذي يعتقد المحللون أن تخفيض التصنيف الائتماني للبلدين سيؤدي إلى تداعيات تطال الاتحاد الاوروبي ككل.

وقال فيليب فاشتر، رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية وquot;ناتيكسيسquot; لإدارة الأصول ان تخفيض التصنيف الائتماني سيشكل أزمة حقيقية للأسواق والمستثمرين.

وضعت وكالة التصنيف الائتماني quot;ستاندرد آند بورزquot; فرنسا تحت المراقبة السلبية في وقت سابق من هذا الشهر، في ظل المخاوف حول أثر خفض التصنيف الائتماني الفرنسي على البنك المركزي الاوروبي وهو مرفق الاستقرار المالي للاتحاد (EFSF). وسبق أن حذرت الوكالة من أنه في حال خفض التصنيف الإئتماني الثلاثي لواحدة من الدول الست الأعضاء، فمن المرجح أن يتم خفض تصنيف البنك المركزي الاوروبي إلى المستوى ذاته.

من المرجح أن تؤدي هذه الخطوة، في حال تطبيقها، إلى صعوبات كبيرة تلقى على عاتق البنك المركزي الاوروبي، الذي يحتاج إلى الأموال لتوسيع طاقته.

وقال محافظ البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، أنه في حال فقدت فرنسا تصنيفها الائتماني AAA، فإن ذلك سيؤدي بدوره إلى تغيير عدد من التصنيفات الأخرى، مضيفاً أنه من المنتظر أن يمثّل التزام الاتحاد الأوروبي لفرض برنامج آلية الاستقرار الأوروبي، رداً على خفض التصنيف المحتمل على حد وصفه. إلّا أنه حذّر من تأثير خفض التصنيف الائتماني لفرنسا وأهميته على صندوق الاستقرار المالي الأوروبي.

في الوقت الذي زادت فيه برودة العلاقات بين الفرنسيين والمملكة المتحدة، وبعد أن رفض رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون التغييرات المقترحة لمعاهدة الاتحاد الاوروبي الاسبوع الماضي، شن العديد من السياسيين الفرنسيين هجوماً على بريطانيا.

وانتقد رئيس البنك المركزي الفرنسي كريستيان نواييه وكالات التصنيف الائتماني هذا الأسبوع قائلاً أنها إذا اخذت في الاعتبار أساسيات الاقتصاد يتعين عليها خفض تصنيف بريطانيا قبل فرنسا إذ ان لديها ديناً مماثلاً وتضخماً أكبر من فرنسا.

واضاف: quot;بريطانيا تستحق أن تخسر تصنيفها الثلاثي (أأأ) قبل فرنسا، وعليهم أن يبدأوا بخفض تصنيف بريطانيا أولاً بسبب الديون، وانخفاض معدلات النموquot;.

وقال وزير المالية الفرنسي فرنسوا باروان إن quot;الوضع الاقتصادي في بريطانيا اليوم مقلق للغاية والمرء يفضل ان يكون فرنسياً وليس بريطانيا فيماً يتعلق بالاقتصادquot;.

الاقتصاد الفرنسي يلتقط أنفاسه

هناك بعض الاشارات الايجابية الاقتصادية القادمة من فرنسا. فباريس تمكنت من تسديد جزء من العجز، الذي انخفض إلى 129.5 مليار دولار في نهاية تشرين الأول، وهي قيمة أقل بكثير من 133.1 مليار يورو في الوقت ذاته في عام 2010. وقد تحقق هذا عن طريق خفض الانفاق الحكومي، الذي من المتوقع أن ينخفض بنسبة 10 ٪ هذا العام، وزيادة الإيرادات الضريبية.

وأظهرت قطاعات الخدمات والقطاعات المصرفية تحسناً في العام الحالي، فأرباح التصنيع ارتفعت من 47.3 في نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 48.7 في ديسمبر/ كانون الاول.

أما الخدمات، فارتفعت من نسبة 49.6 إلى 50.2. كما ارتفعت العوائد على سندات الـ 10 أعوام الفرنسية مؤخراً، لكنها لا تزال أعلى بقليل من 3 ٪.

ومع ذلك، مثل الكثير من بلدان العالم المتقدمة، لا تزال فرنسا تكافح مع النمو ومواجهة احتمال حدوث ركود مرة أخرى في العام المقبل.

تحذير من خفض التصنيف الإئتماني لبريطانيا

حذرت وكالة التصنيف الإئتماني quot;موديزquot; بريطانيا اليوم الثلاثاء من خفض تصنيفها الإئتماني بسبب الضعف المتنامي داخل دول منطقة اليورو.

وقالت الوكالة إن تصنيفها لبريطانيا ظل على أعلى مستوى (أأأ) لكنها حذرت من إمكانية تدنيه مما سيؤثر على مصاريفها الإقتراضية في المستقبل. وتعد موديز واحدة من أكبر وكالات التصنيف الإئتماني في العالم مع quot;ستاندارد اند بورزquot; وquot;فيتشquot; والتي معاً تؤثر في التصنيف الإئتماني.

وقالت موديز في بيان رسمي: quot;الحاجة لدعم النظام البنكي يمكن أن تؤثر على جهود الحكومة البريطانية لتعزيز النظام المالي وكنتيجة فإن التوقعات على التصنيف يمكن أن تصبح حساسة للتطورات المستقبلية في أزمة الديون في منطقة اليورو حتى إذا لم تكن المملكة المتحدة عضوا في منطقة العملة الموحدةquot;.

وقدمت وكالة موديز نظرة متشائمة تجاه القتصاد الداخلي المتدهور في المملكة المتحدة وتأثيراته، ليس على منطقة اليورو فحسب بل على تصنيف بريطانيا الائتمانيأيضاً.

وقالت سارة كارلسون، محللة من موديز في المملكة المتحدة، لصحيفة الـ quot;فاينانشال تايمزquot;: quot;نحن نتحدث عن البلدان التي لديها ارتفاع في تقييمها الائتماني الثلاثي، ومن الواضح أن ائتمان المملكة المتحدة قد انخفض الى حد كبيرquot;.

مع ذلك، يصر مسؤولو وزارة المالية ان خطة الحكومة لخفض العجز ساعد على استعادة الثقة في اقتصاد المملكة المتحدة والحفاظ على معدلات فائدة منخفضة.

وقالت موديز ان اقتصاد بريطانيا والمالية العامة لا يزال يتمتع بالكثير من نقاط القوة التي من شأنها أن تساعد على حماية تصنيفها الائتماني. فوفقاً لموديز، فالاقتصاد البريطاني تنافسي ويتمتع بعملة مرنة وسياسة نقدية فضفاضة جداً، كما أن المؤسسات المالية قوية، وحققت رقماً قياسياً للحد من الديون الحكومية على المدى المتوسط والطويل .

لكن موديز أيضاً حددت ثلاث نقاط ضعف، وهي ارتفاع في العجز والديون منذ عام 2008، تدهور توقعات النمو، وكونها عرضة للتأثر بأزمة منطقة اليورو على الرغم من أنها ليست منضمة للاتحاد.