ارتفع مؤشر الأسعار العام للعقارات في إسرائيل خلال 2010 المنصرم 2.8 %، في حين سجل مؤشر الأسعار في الشقق ارتفاعًا بنسبة 14.4 %. وقد أعرب محافظ البنك المركزي عن قلقه بشأن ظاهرة ارتفاع الأسعار، التي قد تؤدي إلى انفجار يولّد عدمَ استقرارٍ اقتصاديًا طويل الأمد.


قطاع العقارات في إسرائيل شهد ارتفاعًا في الأسعار بنسبة 32 % بين مطلع 2009 ونهاية 2010

في العام 2008 ومع وصول الأزمة الاقتصادية العالمية إلى ذروتها، كان لسوق العقارات دور كبير في الأزمة، زادت من عمقها في الولايات المتحدة، والقائمة على أساس ارتفاع أسعار الشقق والمباني السكنية.

ومع نهاية عام 2008 وبداية عام 2009 اندلعت أزمات عالمية ناجمة من الأزمة الاقتصادية العالمية، ولعل أزمة دبي هي أكبر برهان بسبب الديون المتراكمة لهذه الإمارة التي قدمت العديد من التحفيزات العقارية. وشكلت أزمة دبي الصورة المستبقة لغالبية الدول التي عالجت الأزمة الاقتصادية العالمية عن طريق التحفيزات وتخفيض سعر الفائدة المصرفية الأساسية.

في يوم 27 نيسان/إبريل الماضي قرر محافظ بنك إسرائيل ستانلي فيشر فرض قيود جديدة على بنوك الإقراض السكني quot;المشكنتاquot; في إسرائيل، حيث حدد سقفًا أعلى لنسبة القروض السكنية، بفائدة متغيرة لا تتجاوز 33 % من حجم القرض الإسكاني، وفق ما أعلنه محافظ بنك إسرائيل المركزي ستانلي فيشر.

وفي الفترة الممتدة بين مطلع العام 2009 ونهاية العام 2010 شهد قطاع العقارات في إسرائيل ارتفاع بالأسعار بنسبة 32 %، في وقت تراوحت فيه قيمة الفائدة المطروحة من قبل بنك إسرائيل ما بين نصف بالمائة حتى 1.75 %، مما يعني أن ارتفاع أسعار العقارات في إسرائيل هو الأعلى في العالم.

وارتفع مؤشر الأسعار العام ارتفع خلال 2010 المنصرم 2.8 %، في حين سجل مؤشر الأسعار في الشقق ارتفاعًا بنسبة 14.4 %. وقد أعرب محافظ البنك المركزي عن قلقه بشأن ظاهرة ارتفاع الأسعار، التي قد تؤدي إلى انفجار يولد عدم استقرار اقتصادي طويل الأمد.

وبدأ بنك إسرائيل باتخاذ خطوات فعلية من أجل إيجاد حلّ فوري يمنع حدوث مثل هذا الانفجار، ويتمثل في رفع فائدة بنك إسرائيل وفي رفع الفوائد على القروض السكنية، وطالب الدولة بتخصيص المساحات اللازمة من أجل زيادة عرض العقارات والأملاك، الذي من شأنه أن يسهم في كبح جماح أسعار العقارات والأملاك المختلفة.

quot;إيلافquot; تلقي في هذا التقرير على المخاوف القائمة، فيوضح المحاضر في الاقتصاد د. حسام جريس لـquot;إيلافquot; أن quot;التوقعات تشير إلى أن بنك إسرائيل قد يحظر الحصول على قروض سكنية بفائدة متغيرة، وذلك على ضوء التوقعات التي تلفت إلى أن بنك إسرائيل سيرفع الفائدة الأساسية. وهذا يعني أن مسارات الفائدة الثابتة ستصبح مركّبًا أساسيًا في معظم قروض الإسكان الجديدة في العام 2011، لتستبدل مسارات الفائدة المتغيّرة.

بناء عليه، من المتوقع أن تزيد قيمة ترجيع القرض السكني بنسبة 10 % خلال 2011، وذلك بسبب الارتفاع المتوقع على الفائدة. وقد باشر بنك إسرائيل خلال العام 2010 باتخاذ خطوات فعلية، وأعلن عن أنظمة جديدة تتعلق برفع نسبة الفائدة بحوالي 1 % عما كان متبعًا عليه حتى اليوم، على القروض السكنية التي تبلغ قيمتها 800 ألف شيكل وما فوق.

وأضاف جريس: quot;نبع قيام محافظ البنك المركزي برفع سعر الفائدة المصرفية الأساسية من عوامل ومؤشرات اقتصادية متضاربة، لكن الأهم رغبته في تحقيق هدف البنك المركزي في الحفاظ على استقرار الأسعار.

تداعيات الخطوة التي قام بها المحافظ، يمكن تلخيصها في الآتي:
غلاء فائدة quot;البرايمquot; (التي هي عبارة عن الفائدة الأساسية للبنك المركزي 2.25 %، إضافة إلى 1.5 %، أي أصبحت فائدة البرايم 3.75 % مع نهاية عام 2010، وهي اليوم 4.5 %)، وبالتالي فإن الأفراد والمصالح التي سبق وأن حصلت على قروض أساسها فائدة البرايم، سوف تجد نفسها أنها تتحمل بفائدة بنكية أكبر من قبل، هذا إلى جانب تخوفات البنك المركزي الأساسية من حصول فقاعة عقارية، والتي هي في هذا السياق، تحصيل حاصل لسياسته السابقة، التي هدفت إلى تشجيع الاستهلاك عن طريق تخفيض الفائدة المصرفية الأساسية، التي اتخذها مع اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية، هي تلك التي أدت في نهاية المطاف إلى قرار المحافظ برفع سعر الفائدة الأساسية.

فقاعة العقارات والأملاك غير المنقولة

يوضح جريس أن الاستطلاع الذي شمل عشرين مدينة في إسرائيل أظهر حصول مدينة تل أبيب على أعلى نسبة في ارتفاع أسعار الشقق خلال العام الماضي لدرجة لم تكن متوقعة، خاصة في الربع الأخير من سنة 2009 والربع الأول من عام 2010، حيث ارتفعت أسعار الشقق بنسبة 31 % خلال عام واحد، فيما ارتفع مؤشر الأسعار العام خلال 2010 الماضي 2.8 %.

في حين سجل مؤشر الأسعار في الشقق ارتفاعًا بنسبة 14.4 %، مما يعد ارتفاعًا كبيرًا عنه في العام 2008، حيث سجل مؤشر الأسعار العام ارتفاعًا بنسبة 3.6 %، في حين سجل مؤشر ارتفاع الشقق 4.3 %، وهذا كان بسبب الأزمة الاقتصادية العامة التي دخلت فيها إسرائيل عام 2008، والمرتبطة بالأزمة الاقتصادية العالمية.

تراجع السوق في 2008 سبب الارتفاع
في المقابل يشير جريس إلى أنه وبحسب وزارة العدل الإسرائيلية، التي نشرت أسعار الشقق والأراضي في إسرائيل، فإن سبب هذا الارتفاع يعود إلى التراجع الذي شهده هذا القطاع عام 2008، وكذلك معظم أشهر 2010، بحيث كانت أسعار الشقق أقل من المعدل الطبيعي لها، وهذا ما يفسر الارتفاع الذي حصل نهاية العام، وقد حققت الشقق التي تم تشطيبها وفق معايير مرتفعة ارتفاعًا عاليًا في الأسعار، والتي تشمل خمس غرف.

وكان لارتفاع أسعار الحديد على المستوى العالمي دور في ارتفاع أسعار المباني والشقق السكنية. إذ ارتفع سعر الطن الواحد من الحديد خلال الفترة الأخيرة بنسبة 30 %، وذلك بسبب قرار الشركات العالمية الكبرى المنتجة بحتلنة ورفع الأسعار مرة كل ثلاثة أشهر، علمًا أن إسرائيل تستهلك 800 ألف طن سنويًا من حديد البناء، يتم إنتاج نصفها في البلاد، الأمر الذي يحول دون مشاركة الجانب الإسرائيلي عالميًا في تحديد الأسعار.

يضاف إلى ذلك قرار وزارة التجارة والصناعة فرض ضريبة على استيراد حديد البناء، الأمر الذي ساهم بدوره في رفع أسعاره، في المقابل حصل مشترو الشقق على قروض إسكان quot;مشكنتاquot; بفوائد هي الأكثر انخفاضًا منذ عقود عدة.

بنك إسرائيل يقوم بخطوات فعلية
ينوه جريس بأن بنك إسرائيل المركزي، ولأجل إيجاد حل فوري، لمنع حدوث انفجار وأزمة في الرهن العقاري، قام باتخاذ خطوات فعلية، تتمثل في رفع قيمة الفائدة ورفع الفوائد على القروض السكنية، وطالب الدولة بتخصيص المساحات اللازمة من أجل زيادة عرض العقارات والأملاك، الذي من شأنه أن يسهم في كبح جماح أسعار العقارات والأملاك المختلفة.

يتضح من الخطوة التي قام بها محافظ البنك العلاقة المتينة بين نسبة الفائدة البنكية وبين أسعار العقارات المختلفة، التي تؤثر بشكل واضح على عرض العقارات من جهة، وعلى الطلب لها من جهة أخرى، والذي بناء عليه قرر العمل على تغيير أسعار العقارات ومنع انفجار الفقاعة العقارية والتحكم بمجريات الأمور، وذلك عن طريق إتباع سياسة نقدية مسؤولة، يتم من خلالها تغيير نسبة الفائدة البنكية بفترات متقاربة، بما في ذلك تغيير نسبة الفائدة على القروض السكنية، لكي يتسنى لسوق العقارات المحافظة على توازنها خلال الفترة المقبلة.

قد يعطي رفع نسبة الفائدة البنكية مؤشرًا لمن يعرض العقارات والأملاك المختلفة بضرورة تخفيف حدة الأسعار التي تطالب بها هذه الشركات، وبذلك قد تصبح المنافسة بينها ناجعة أكثر، وعليه تسترجع سوق العقارات قيمتها الفعلية. من هذا المنطلق تنبع أهمية انتهاج سياسة نقدية والاستمرار بها إلى أمد بعيد، وإلا قد يفسر الأمر على أنه ضعف وعجز البنك المركزي عن معالجة ارتفاع أسعار العقارات بشكل جذري.

وبحسب الأنظمة الجديدة، فإن قروض الإسكان التي تبلغ قيمتها 800 ألف شيكل وأكثر، والتي يحصل عليها المواطنون غير المستحقّين للقروض بموجب معايير وزارة المالية، هذه القروض سيتمّ تصنيفها على أنها قروض تنطوي على مخاطر بنسبة عالية.

لذلك يتوجب على البنك رفع الفائدة لكي يضمن أموال القروض التي قدّمها للزبائن. والهدف من أنظمة بنك إسرائيل الجديدة هو تشجيع جمهور متلقّي قروض الإسكان الجديدة والمرتفعة على اختيار القروض بفائدة ثابتة بغية ضمان استقرار وثبات مبلغ الترجيع الشهري طيلة فترة القرض (باستثناء ارتفاع جدول الغلاء بالنسبة إلى القروض المرتبطة بالجدول).

الاقتصاد الإسرائيلي موجود في صلب أزمة جديدة
أخيرًا، يختم د. جريس بالقول quot;لا شك فيه أن التأثير المباشر لرفع نسبة الفائدة الأساسية سوف يلقي بظلاله الوخيمة على الأفراد والشركات، الذين سبق وأن اقترضوا في السابق من البنوك، الشيء الذي من شأنه جعل تلك القروض أكثر تكلفة مما كانت عليه سابقًا.

ومن المبكر الاستنتاج أن الاقتصاد الإسرائيلي خرج من أزمته. بل، على العكس، هو موجود الآن في صلب أزمة جديدة، وعلينا أن نكون أكثر حذراً وترجمةً للخطوات التي قام بها المحافظ أخيراً برفع سعر الفائدة الأساسية، ما هي إلا بمثابة اعتراف أن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني اليوم أزمة عقارية، من شأنها أن تفقع بين الحين والآخر.

قد يُحافظ البنك المركزي على نسبة تضخم المالي ضمن الإطار الذي وضعته الحكومة (1-3 %) لكن مع كل هذا، فإن قراره هذا سوف يؤدي إلى نتائج عكسية على الاقتصاد الإسرائيلي، وأهمها زيادة أزمة الاقتراض لدى الأفراد والمصالح الصغيرة التي تميز اقتصاد الوسط العربي، والتي لم يتم حلّها حتى الآن، تقوية الشيكل مقابل الدولار، الشيء الذي يؤثر حتمياً بشكل سلبي على التصدير، ومن ثم على الدائرة الإنتاجية في البلاد، وارتفاع بأسعار الذهب كبديل آمن للاستثمار، بعد تضعضع سعر صرف الدولار.