البرلمان الإيطالي

أعطى البرلمان الإيطالي اليوم الجمعة موافقته النهائية على خطة تقشف صارمة بقيمة 48 مليار يورو، بهدف خفض عجز الموازنة الإيطالي بحلول 2014 وتهدئة الأسواق المالية.


روما: بعدما أقرّ مجلس الشيوخ الإيطالي خطة التقشف، كان الدور اليوم على مجلس النواب الذي أقرّها بصورة نهائية بغالبية 316 صوتاً مقابل 284 وإمتناع إثنين عن التصويت، في إجراء غير مسبوق في سرعته في إيطاليا شبّهه رئيس الجمهورية جورجيو نابوليتانو، الشيوعي السابق، بـquot;المعجزةquot;.

جاء إقرار البرلمان الإيطالي للخطة واسعة النطاق، التي تشمل خفضاً ضخماً لأوجه الدعم الإقليمي والتسهيلات الضريبية للأس،ر فضلاً عن خفض الشريحة الأكبر من المعاشات، مع إقتراب نشر الإتحاد الأوروبي نتائج تتعلق بأزمة الدين التي تواجه عدداً من بلدانه.

وكانت حالة من عدم الاستقرار في الأسواق قد هزّت إيطاليا خلال الأيام الأخيرة، وحذر البنك المركزي الإيطالي من أن إستمرار إرتفاع معدلات الإقراض طويلة الأمد من شأنه أن يؤدي إلى quot;تكاليف باهظةquot; بالنسبة إلى المال العام، ويشكل خطراً على الاقتصاد.

وقد أضاف البنك في تقرير له أن التوترات التي ثارت أخيرًا على صعيد منطقة اليورو التي تضم 17 بلدا quot;زادت الحاجة لتحرك عاجل لتعزيز الوضع المالي العامquot; حتى يتسنى quot;خفض الكلفة المرتفعة للمخاطر وإقلال معدلات الاقراض طويلة الأمدquot;.

وتواجه الأسواق المالية حالة من الاضطراب للمخاوف من عدم تمكن البلدان الأوروبية المثقلة بالدين من سداد ديونها وخشية إنتشار الأزمة لتشمل بلداناً مثل إيطاليا وإسبانيا - ثالث ورابع اكبر اقتصادات المنطقة الاوروبية على التوالي.

ونقلت صحيفة لاريبوبليكا اليومية عن مفوض الإتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين قوله quot;مازالت نقطة ضعف الاقتصاد الإيطالي هي الدين العام الهائل، خاصة في ظل أجواء عدم الإستقرارquot; التي تشهدها منطقة اليورو حالياً.

وأضاف رين quot;تجري مفاوضات مكثفة للإتفاق على الإجراءات الواجب إتخاذها بشأن أزمة اليونان والحيلولة دون إتساع نطاق الأزمةquot;، مشيراً الى قمة طارئة في بروكسل خلال الأيام المقبلة لبحث تقديم جولة ثانية من المساعدات لليونان.

وقد دخلت المحادثات بين الحكومة اليونانية والجهات الدائنة الخاصة يومها الثاني في روما الجمعة بعدما حثّ صندوق النقد الدولي البنوك وشركات التأمين على تحمل 33 مليار يورو من تكاليف خطة الانقاذ الجديدة.

وكان البرلمان الايطالي قد إتخذ خطوات عاجلة لإقرار إجراءات تقشف في وقت قياسي بعد طرح الحكومة مسودة خطة قبل أسبوعين فحسب، بهدف خفض العجز من 4.6% من إجمالي الناتج الداخلي العام الماضي إلى 0.2 % بحلول 2014.

وقد أقرّت الخطة بتصويت 316 نائبًا، ومعارضة 284، بعدما قال الحزب الديمقراطي المعارض الرئيس يسار الوسط إنه سيصوّت ضد الخطة، ولكنه لن يعوق تمريرها، مطالبًا بانتخابات جديدة بعد التصويت، وفي تلك الأثناء رفع البنك المركزي الإيطالي توقعاته للنمو لهذا العام إلى 1% بعدما كانت 0.9%، وأبقى على توقعه للنمو عند حد 1.1% لعام 2012. يذكر ان الاقتصاد الايطالي نما بمعدل 1.3% فيالعام الماضي.

كما يذكر أن الإقتصاد الإيطالي يعدّ ثامن أكبر إقتصاد في العالم، وهو مثقل بعبء دين عام كبير يناهز 120% من إجمالي ناتجه الداخلي، رغم أن عجز الموازنة الايطالي ظل معتدلاً نسبياً مقارنة ببلدان أوروبية اخرى.

وكان المحللون قد حذروا من الخطر الذي يمثله الاقتصاد الايطالي، الذي يكاد يكون راكدًا، فضلاً عن التوترات داخل الائتلاف الحاكم برئاسة رئيس الوزراء سيلفيو بيرلوسكوني، لكنهم استبعدوا ان تطلب ايطاليا خطة مساعدات خارجية.

وقد أبدت النقابات معارضتها لتلك الاجراءات، ونفذت كبرياتها، سي جي اي ال، تظاهرة رمزية خارج البرلمان قبل تصويته على خطة التقشف، وهتف المتظاهرون الذين ناهز عددهم 200 قائلين quot;الموازنة تضر بالاضعفquot;، وquot;ارحل ارحل برلوسكوني! آن أوان التغيير!quot;.

وأظهرت الأرقام الرسمية التي نشرت الخميس أن معدل الفقر في إيطاليا إرتفع إلى 13.8% في عام 2010 من 13.1 % في عام 2009.

كما انتقدت إيما مارسيغاليا رئيسة اتحاد كونفيندوستريا للعمال الخطة قائلة انها quot;تعتمد في الاساس على زيادة الضرائبquot;، بينما لا تقلل الاسراف البيروقراطي بخلاف الوعود الحكومية بذلك.

في تلك الاثنا،ء يبذل زعماء بلدان منطقة اليورو جهودًا محمومة لتسوية الخلافات حول خطة انقاذ جديدة لليونان، والإعداد لقمة تتناول ازمة الديون، وهي القمة التي قال المسؤولون انها قد تبدأ الاثنين المقبل.

وتقول المانيا وفنلندا وهولندا انه يتعين ان تشارك البنوك الخاصة في تحمل عبء مساعدة اليونان حتى في حالة تخلف اليونان عن سداد ديونها.

غير ان البنك المركزي الاوروبي وبلدان اخرى عدةفي منطقة اليورو تعارض بشدة المخاطرة بتخلف اليونان عن دفع ديونها لما قد يتركه ذلك من تداعيات اعم.

وقد صرح رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي الاميركي بن برنانكه في وقت سابق بان المشكلات التي تعتري منطقة اليورو تسببت في quot;قلق في الاسواقquot;، في الوقت الذي تجري محادثات مهمة تتعلق برفع سقف المديونية الاميركية وتهديد هيئات مالية بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.