مصرف ليمان براذرز

في الوقت الذي تصارع فيه أوروبا من أجل احتواء أزمة ديونها الحكومية، فإن الخوف الأكبر الذي يهيمن على المشهد الاقتصادي في القارة العجوز الآن هو إحتمالية تعرض أحد البنوك الكبرى هناك للإنهيار، ما قد يتسبب في نشوب حالة ذعر مالي كتلك التي نشبت حين أعلن مصرف ليمان براذرز الأميركي إفلاسه في أيلول/ سبتمبر عام 2008.


القاهرة: يتحضر الساسة وصناع القرار الأوروبيون، العازمون تفادي كارثة إنهيار أحد البنوك الأوروبية الكبرى، للإستعانة بمئات المليارات من اليوروهات الخاصة بأموال خطط الإنقاذ لمنع تعرض أي من هذه المصارف لمثل هذه الكارثة.

غير أن صحيفة النيويورك تايمز الأميركية قالت في معرض حديث لها اليوم ضمن هذا السياق إن التساؤلات لا تزال تُثار بشأن قدرة البنوك الأوروبية على تجاوز الأزمة، في وقت يواجه فيه بعضها أوقاتاً صعبة من أجل تأمين القروض اللازمة للعمليات اليومية.

وأوضحت الصحيفة أن المؤسسات المالية الأميركية، التي تسعى إلى تحصين أنفسها من الأخطار المتزايدة، تشعر بحذر متزايد إزاء توفير قروض جديدة قصيرة الأجل في بعض الحالات، وتنسحب من مساعي إتمام مشاريع تجارية مع نظيراتها في أوروبا ndash; وهي الخطوات التي رأت الصحيفة أنها قد تفاقم مشكلات التمويل بالنسبة إلى البنوك الأوروبية.

ونوّهت الصحيفة هنا بأن عمليات انسحاب مماثلة، وإن كانت على نطاق أكبر، كانت قد أجبرت ليمان براذرز على إشهار إفلاسه، في الوقت الذي بدأت تتخذ فيه البنوك وصناديق التحوط وغيرهم مجموعة من الخطوات التي تعنى بحماية مصالحها الخاصة.

وتابعت الصحيفة بقولها إن الفوضى الحاصلة في أوروبا من الممكن أن تنتشر سريعاً عبر المحيط الأطلسي، نظراً إلى الطبيعة المتشابكة للنظام المالي العالمي. كما إنها قد تزيد من حجم الأضرار التي تعاينها بالفعل الاقتصاديات المتعثرة في أماكن أخرى.

وقال جورج سوروس، مستثمر صناديق التحوط: quot;تلك الأزمة قابلة لأن تكون أكثر سوءًا من أزمة ليمان براذرز، في وقت لا توجد فيه هيئة موثوق بها في عموم أوروبا للتعامل مع أزمة مصرفية بمثل هذه الخطورة. وهو ما يجعل المشكلة غاية في الخطورة. وأنت بحاجة إلى أزمة كي تولد إرادة سياسية للقارة الأوروبية من أجل إنشاء هيئة كهذه، لكن لم يحدث تفاهم إلى الآن بشأن المهام التي ستقوم بها تلك الهيئةquot;.

بعدها، مضت النيويورك تايمز تشير إلى أن حالة العصبية المتنامية قد انعكست في الأسواق المالية يوم أمس الثلاثاء، حيث انخفضت البورصات في الولايات المتحدة وأوروبا بنسبة 1 %، كما هبطت أسهم البنوك الأوروبية بنسبة 5 % أو أكثر، بعد الانخفاض الحاد الذي حصل في الأسابيع الأخيرة.

ولفتت الصحيفة إلى أن أسهم البنوك الأوروبية تقف الآن عند أدنى مستوياتها منذ آذار/ مارس عام 2009، عندما كان لا يزال يتعرّض النظام المصرفي العالمي لحالة من الاهتزاز عقب انهيار ليمان براذرز.

إضافة إلى حالة التوتر التي تشهدها الأجواء الاقتصادية عموماً، أوضحت الصحيفة أن هناك العديد من التحديات الوشيكة التي تواجه المسؤولين الأوروبيين، في الوقت الذي يسعون فيه إلى تهدئة الأسواق القلقة من انتشار أزمة الديون.

ولفتت الصحيفة إلى أنه سيكون بمقدور كل دولة من السبعة عشر دولة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن توافق على صفقة تم التوسط فيها خلال شهر تموز/ يوليو الماضي من أجل إنقاذ اليونان مرة أخرى، وربما إنقاذ بنوك المنطقة المتعثرة.

وفي الوقت الذي أيّدت فيه المحكمة العليا في ألمانيا مشروعية صفقات إنقاذ برلين، فإنها قالت إن أي خطط إنقاذ مستقبلية لدول منطقة اليورو المثقلة بالديون لا بد وأن يُصادق عليها من جانب لجنة برلمانية.

ومن المتوقع أن يتحدث مسؤولون في فنلندا يوم غد الخميس عن شروطهم للموافقة على الصفقة، وقد تسير دول أخرى على النهج نفسه، بفرض طلباتها، لضمان استرداد القروض التي سيمنحوها.

ومع أن المشكلات التي تعانيها الدول الصغيرة، كاليونان وأيرلندا، ليست بالجديدة، فإن المخاوف بدأت تنتشر خلال الأسابيع الأخيرة إلى كبرى المؤسسات المصرفية في دول، مثل ألمانيا وفرنسا، اللتين تلعبان دوراً محورياً بالنسبة إلى أداء النظام المالي العالمي وتربطهم علاقات وثيقة بنظرائهم الأميركيين. كما بدأت تظهر مخاوف بشأن التوقعات الخاصة بإيطاليا، التي تزيد ديونها بكثير عن دول أخرى صغيرة مثل اليونان.